Image

الوقت ينفد أمام الولايات المتحدة للاستعداد للحرب في المحيط الهادئ

هبطت طائرة رئيسة مجلس النواب الأميركي، نانسي بيلوسي، في تايوان، في تحدٍ واضح لانتقادات وتهديدات القيادة الصينية. لم نعد في «وقت التحذير»، بل نحن في «وقت التحضير». ونأمل أن يدرك العالم ذلك في الوقت المناسب.

ويمكن أن يكون مفهوم «وقت التحذير» مفيداً جداً، ولكن له مخاطره. وتبنّت بريطانيا العظمى، في أعقاب الخسائر الفادحة في الحرب العظمى، قاعدة تخطيط مفادها أن القوات المسلحة يجب أن تتبع قاعدة «الـ10 سنوات»، وألا تخطط لخوض حرب خلال تلك الفترة. وهذا من شأنه أن يوفر الموارد، لأن الجاهزية العالية باهظة الثمن. وسيسمح أيضاً بتطوير المعدات. وتم فحص القاعدة كل عام وتجديدها. وكانت وزارة الخزانة متفائلة، ووزارة الدفاع كانت أقل سعادة. وكان لقوى المحور، كما نعلم، جدول زمني مختلف.

كما تبين في أواخر الثلاثينات وتم التحقق من صحته في عام 1940، يكمن الخطر في عدم إدراك انتهاء وقت التحذير وبدء وقت التحضير. وقد واجهت أميركا صراعها الخاص مع الاعتراف بأن وقت التحذير قد انتهى. ولم يبدأ مشروع وقت السلم حتى عام 1940.

أحد الأمثلة على دولة حصلت على وقت استعداد مناسب هو أستراليا، التي استشعرت بشكل صحيح رياح الحرب قبل اندلاع الحرب العالمية الثانية في المحيط الهادئ بوقت طويل.

وفي عام 2021، ألقى حاكم غرب أستراليا، كيم بيزلي، برفقة السفير السابق للولايات المتحدة، محاضرة توضح بالتفصيل استعداد أستراليا للحرب، بقيادة رئيس الوزراء، آنذاك، جون كيرتن.

لقد انتهى وقت التحذير في غرب المحيط الهادئ. ومنذ عام 1945 فصاعداً، تمتعت الولايات المتحدة بتفوق جوي وبحري دون منازع، إذ ذهبت إلى حيث أرادت وعرضت قوتها على السواحل، في حربي كوريا وفيتنام. وخطوط الاتصال الأميركية عبر المحيط الهادئ كانت بالمثل دون منازع. لقد نشرنا مجموعات حاملة طائرات حربية دون تحدي، في مضيق تايوان، خلال أزمات منتصف التسعينات.

عمليات ناجحة

وتسارع الحشد العسكري الصيني، الذي بدأ في عهد دينغ شياو بينغ، في الثمانينات في التسعينات؛ ربما رداً على عمليات الانتشار الناجحة لواشنطن. واستفادت الصين استفادة كاملة من الاندماج المدني العسكري، لضمان الدعم الوطني والصناعي لتحديث وتوسيع قواتها بسرعة استثنائية.

إن التقدم التكنولوجي، وتحديداً ظهور المراقبة المتفشية والأسلحة الدقيقة من مسافة بعيدة، مكّن من سعي الصين للسيطرة على البحر من اليابسة. وأضاف برنامج بحري ضخم، إلى قوة الصين وقدرتها على معارضة السيطرة الأميركية على البحر. وكانت عملية بناء الجزر الاصطناعية، التي قامت بها بكين في بحر الصين الجنوبي، من ديسمبر 2013 إلى أكتوبر 2015، بمثابة عرض بارع للسيطرة الفعلية على البحر. وأنشأت الصين نحو من 12 كيلومتراً مربعاً من الأراضي الجديدة، فوق الشعاب المرجانية، على الرغم من احتمال حدوث أضرار بيئية كبيرة.

هذه الجزر معسكرة تماماً بمدارج وموانئ، على الرغم من الوعود بعكس ذلك. في المقابل، كانت ردود الفعل الأميركية والعالمية صامتة، في أحسن الأحوال. وكانت الفلبين استثناءً وحيداً، لكن سرعان ما تجاهلتها الصين. ويتم الآن تحدي التفوق البحري والجوي الأميركي، مع آثار وخيمة على الردع. ماذا تفعل الآن؟ هناك حاجة ماسة للعمل، ويجب تطوير الإرشادات والافتراضات.

كبداية، يجب أن نتخلى عن افتراضاتنا الصريحة والضمنية لحرب قصيرة وحاسمة. نحن نخطئ في كل مرة.

بينما يبقى الصراع الكوري محصوراً في شبه الجزيرة الكورية، فإن الصراع الذي يبدأ في أي مكان في شرق آسيا من المرجح أن ينتشر في كل مكان. ويجب أن ننظر إلى القوات المسلحة بطريقة مختلفة إلى الجيش والبحرية والقوات الجوية ومشاة البحرية وقوات الفضاء وخفر السواحل وما إلى ذلك. والتحدي الآخر يكمن في قدرة الولايات المتحدة على تكثيف إنتاج السفن والطائرات والأسلحة.

تشير الدلائل المبكرة إلى أن أميركا لا تستطيع استبدال صواريخ «ستنغر» و«جافلين» وأنظمة المدفعية الأنبوبية والصاروخية، التي أُرسلت إلى أوكرانيا في الوقت المناسب. وهل لدى أميركا فنيين مدربين للعمل في ثلاث ورديات في المصانع؟

وهل لايزال بإمكاننا تجنيد عدد كافٍ من الشباب للخدمة العسكرية؟ وفقاً لمنظمة «الجاهزية للمهمة»، غير الربحية، فإن «في الولايات المتحدة، 71% من الشباب الذين تراوح أعمارهم بين 17 و24 عاماً، غير مؤهلين للخدمة العسكرية. بينما تحرم السمنة 31% من الخدمة إذا اختاروا ذلك». كما تساعد مجموعة من القوانين الجديدة في جعل التجنيد أكثر صعوبة.

والتحدي التالي هو جلب القوات والدعم المادي من الولايات المتحدة إلى مسرح القتال. إضافة إلى الوقود والماء وقطع الغيار والمعدات والمواد الغذائية، التي تعتبر جميعها من المتطلبات الضرورية. ويحتاج المرء فقط إلى إلقاء نظرة على الأيام الأولى للحرب العالمية الثانية، عندما تراجعت القوات الأميركية، في غرب المحيط الهادئ، بسبب فشل خطط توفير التعزيزات بسرعة.

مشروع ضخم

ويتعين حماية القوات، التي تقوم بالمناورات العملياتية، من الهجوم. وعلى سبيل المثال، تكون عمليات النقل البرمائية، التي تحمل القوات للقتال، في أضعف حالاتها أثناء الانتقال إلى منطقة الهدف.

وينتظرنا الكثير من العمل. وتكمن قوة أميركا في حلفائها، لذا يجب التعاون معهم في السعي النشط للاستعداد. وفي الخمسينات من القرن الماضي، عندما واجهت الولايات المتحدة وحلفاؤها تغيراً جيوسياسياً وتكنولوجياً هائلاً، بدأ الرئيس دوايت أيزنهاور، مشروعاً ضخماً، واستقطب الخبراء من جميع المؤسسات، والمجتمع، لتطوير استراتيجية مطلوبة. وقد يكون هذا المثال التاريخي قابلاً للتوسيع ليشمل أستراليا، التي تعد بالفعل شريكاً في تطوير التكنولوجيا من خلال اتفاقية «أوكوس».

وفي هذا السياق، تستضيف اليابان معظم القوات الأميركية في المنطقة، وتتجه نحو الدفاع الجماعي النشط. والهند، العضو الرابع في الرباعية، لديها الكثير لتقدمه. لذا، فإن تنشيط المجموعة الرباعية وتفعيلها سيكون بحد ذاته بمثابة رادع، إذ يعمل على بناء قوة ردع أكبر.