عن الشيخ نعمان دويد توثيق لمحطات صادقة

07:20 2022/01/07

د.طه حسين الهمداني

 

كلما حانت لي فرصة زيارة الأخ والصديق العزيز نعمان أحمد صالح دويد في منزله بالقاهرة أجده دوما محاطا بكوكبة من الأهل والأصدقاء بل وكل الأوفياء الذين يلقاهم بابتسامتة المعهودة التي لا تتغير رغم حالته الصحية. لا أخفي أنني حينما اقابله أتذكر جريمة تفجير دار الرئاسة وكيف استطاع الإرهاب النيل من كل تلك الشخصيات ومنهم رجل بحجم دويد أحد أهم الذي كانوا على رأس النظام والدولة إدارة وسياسة. لقد حاول الإرهاب في 3 يونيو 2011 الذهاب بعيدا عن أطر الديمقراطية والحرية والقيم من خلال استهداف شخصيات بحجم دويد وعبد العزيز عبد الغني والزعيم علي عبد الله صالح. أقابله اليوم وأنا اتحدث عن صورة لن تغيب عنا وقامة كبيرة تحمل كل معاني الحياة التي لطالما أقتبسنا منها بريق المدنية والعدالة وقيم  والحب والتسامح، وماتزال قيمه ومدنيته ومشروعه في بناء أركان الدولة الحديثة حاضرا في الوجدان  ونضالات شعبنا الجمهوري الديمقراطي. أتألم جدا لتعرضه لهذا الحادث الأليم ومعه كبار القيادات وهو الذي ما زال يعاني من أثر تلك الجريمة التي ارتكبت في جمعة رجب الحرام. لقد كان اختيار المكان والزمان والشخوص وعلى رأسهم الرئيس الشهيد/ علي عبدالله صالح وكبار قيادات الدولة واركان نظامه أمرا خطيرا قوض كل فرص السلام والأمن والديمقراطية وقد كان للشيخ نعمان تحركات واسعة من أجل إيقاف مشروع الفوضى لكن شاءت الأقدار أن يتعرض لما تعرض له. وبحكم علاقاتي بالرجل الذي أحب دوما أن أسميه شيخ الشباب أحببت توثيق هذه العلاقة الأخوية والأسرية التي تمتد لعقود من الزمن من خلال هذه المقالة القصيرة لما له من مكانة على المستوى الشخصي وفي المناصب التي تقلدها وما تمتع به من حسن الإدارة كمدير لمصنع اسمنت عمران والذي مازال موظفوه يتذكرونه بكل خير ومحبة لما حققه لهم وللمصنع من انجازات ولأبناء المحافظة. ولا أنسى عند تعيين د. علي محمد مجور مديرا لمصنع اسمنت البرح طلب مني زيارة الأخ نعمان دويد والجلوس معه لاستشارته في بعض الأمور وبالفعل تفاجئنا المامه بمصنع البرح ومشكلاته وكيفية التغلب عليها وقدم مجموعة من النصائح والمقترحات لتطوير العمل من واقع التجربة والخبرة والتي أفادت مجور كثيرا فيما بعد وكانت بمثابة وصفة لخارطة طريق تغلب بها مجور على كل الصعوبات والاشكالات التي كانت تواجه المصنع. واتذكر ثناء وسعادة د. علي مجور باللقاء وممتن جدا لتلك الفرصة والحديث إلى رجل وطني من طراز رفيع وقال عنه هذا الشخص قيادي كبير ولديه المام بالادارة والاقتصاد، وشاب مؤهل وكفؤ. بالفعل بعد فترة شغل منصب محافظ لمحافظة عمران واحدث فيها نهضة، كان قريبا من الناس وبحكم إدارته للمصنع كان الجميع يعرفه وعلى علاقة طيبة معه ما ساهم على نجاحه وتخصيص نسبة من ارباح المصنع لتنمية المحافظة. ولا انسى موقفه القوي عندما كان هناك توجه من الحكومة لخصخصة بعض المؤسسات ومنها مصانع الاسمنت فقد وقف بكل قوة تجاه تلك السياسات وحماية المصانع والحفاظ عليها باعتبارها قلاع اقتصادية هامة، تخدم شرائح واسعة من الشعب والبسطاء وبالفعل نجح في اقناع القيادة السياسية بخطورة هذه الخطوة ونتائجها السلبية. ثم بعد فترة تم تعيينه محافظا لمحافظة صنعاء في اطار تشبيب القيادة حيث تم تعيين مجموعة من الشباب في مختلف مفاصل السلطة آنذاك. وعرف الشيخ دويد بقوة شخصيته ومواقفه القوية ومواهبه القيادية، واتذكر خططه ورؤيته للمحافظة وموقعها والمدينة التي أعد لها مخططا حضريا متكاملا كادت أن تنقل المحافظة إلى مصاف المدن العصرية. ويعتبر الشيخ نعمان دويد أحد خريجي الولايات المتحدة الأمريكية 1989 بامتياز مع مرتبة الشرف وهو من أسرة قبلية كبيرة من بني شداد خولان لها مكانتها واحترامها بين القبائل. كما أنه صاحب طموح ويسعى دوما إلى تحقيق  النجاحات وصاحب مواقف كبيرة وعظيمة، ترك بصمات لا تمحى على كل المواقع والمسؤوليات التي تبوأها. جماهيريا كان من أكثر الشخصيات قدرة على تحريك الجماهير واتذكر موقفه في الحفاظ على الشرعية والديمقراطية في العام 2011 . يتتمتع بكاريزما وشجاعة وتفكير خارج إطار الروتين والنمطية، وهو سياسي له اراؤه وافكاره وقيادي كبير في المؤتمر الشعبي العام،  شخص عملي نشيط ومتحمس للتغيير والانجاز، وعلى الصعيد الإنساني اتسمت مواقفه بالنخوة والشهامه، كثير الاعتداد بشخصه عن ثقة لا عن غرور أو تعال فهو من طينة جبلت على الكرم والعطاء.   كما أنه يتمتع بحضور قوي وقد حقق نجاحات عديدة على صعيد المجتمع المدني من خلال مشاركته في عدد من المنظمات والأندية  الجماهيرية وابرزها تقلده لرئاسة نادي الوحدة الرياضي. وخلال قيادته للنادي قفز به إلى مرتبة الأندية المتصدره للدوري، وبعد مشواره في  العمل الوطني والاداري الطويل وامام هذه المسيرة العطرة لهذا الشيخ والانسان ستظل تلك الجريمة وغيرها من الجرائم التي ارتكبت خلال هذه الحرب، ودعوات اسقاط النظام والشرعية واستبدالها بالاحتكام للشارع والفوضى في ذاكرة الشعب اليمني تجلب الأسى والندم!! أخيرا أسأل الله أن  يمن عليه بالشفاء ولجميع المصابين وكل من تعرضوا للأذى نتيجة هذه الأحداث والحرب التي لم تنتهي والرحمة للشهداء. عاش الوطن خالد وراياته خفاقه وأثر رواده محفور باحرف من نور.