إلى اين سائرون؟! ما أوسع دولابكم!

11:09 2022/08/26

صورة المشهد السياسي لحال أمتنا العربية يثير الاستغراب. والسؤال: إلى أين نحن سائرون؟ وهل هناك نهاية للطريق الذي سلكناه؟ ولماذا كل هذا التردي والانهيارات في كل جوانب حياتنا إلا ما ندر في مواقع محدودة؟ 
 
كان العرب خلال الخمسين عاما الماضية، رغم بعض الإخفاقات والانكسارات، إلا أن هناك وضعا معقولا وهناك طموحات وأفكارا وتنافسا وتنمية ومشاريع كبرى. لكن ما الذي تغير في لبنان التي كانت مصدر ضياء بلا كهرباء، وبيروت مطبعة حروف الأمة بلا خبز ولا حياة، وبغداد التي تقرأ باتت مرتعا للفساد وجنة الفاسدين محطمة أضلاعها تشكو القهر والعطش، وقاهرة المعز تئن من وجع اقتصادها وظلم دولة حاقدة تريد تعطيشها وتجفيف هبتها النيل، واليمن السعيد لم يعد سعيدا تكالبت عليه غوائل الزمان واستدار له الدهر قتلا وتدميرا وتشظيا، وليس حال السودان أو تونس أو الشام أفضل. 
 
من يستطيع أن يوقف هذا الانهيار ويضع حدا لتغول جوار العرب؟
 
أين الملايين؟
 
أين ثرواتنا؟
 
أين تكمن قوتنا اليوم في ظل سيولة سياسية حبلى بالتحولات والآلام؟
هل عقمت أمتنا العربية عن استعادة بعض من دورها وألقها؟ وهل مثلما قال العقيد معمر القذافي يوما بأن الأمة قدمت أفضل ما عندها وانتهت دورتها الحضارية؟ هذا إذا ما أخذنا بفكرة الدورات الزمنية والحضارية للأمم.
 
حال يبكى لها وعليها، وتذكرت قصة الأعمى البائس الذي يتحرش بجارته كل صباح إلى درجة أغضبتها منه، فدبرت له مكيدة ودعته للدخول إلى بيتها وقادته لغرفة النوم وطلبت منه خلع ملابسه تماما، ثم نقرت على الطاولة وصرخت بافتعال: زوجي وصل، زوجي وصل. تعال يا أعمى ادخل في الدولاب، ثم فتحت له باب الدار ليخرج عاريا إلى الشارع وهو يحرك يديه في كل اتجاه ويردد: (ما أوسع دولابكم، ما اوسع دولابكم!)، وتجمع الناس حوله. 
الآن نريد فقط دولابا حقيقيا لنغلقه علينا ويستر عوراتنا.          
 
*كاتب وأكاديمي من العراق.