Image

متى ستتوقف عجلة فشل مانشستر يونايتد عن الدوران؟

عندما تولى إريك تن هاغ القيادة الفنية لمانشستر يونايتد، وعد بتقديم كرة قدم ممتعة ومثيرة وبمساعدة النادي على تجاوز المرحلة الانتقالية التي كان يمر بها. لكن من الواضح للجميع الآن أنه فشل في إنجاز هذه المهمة، والدليل على ذلك الأداء السيء الذي قدمه الفريق أمام كريستال بالاس مساء الاثنين الماضي، وأمام شيفيلد يونايتد على ملعب «أولد ترافورد» قبل أسبوعين، أو حتى أمام كوفنتري سيتي في نصف نهائي كأس الاتحاد الإنجليزي مؤخراً. وبفضل تن هاغ، أصبح مشجعو مانشستر يونايتد يستمتعون حقاً بكرة قدم مثيرة وممتعة لكنها من جانب الفرق التي تلعب أمام مانشستر يونايتد وليس من جانب فريقهم!

دعونا نناقش هنا ما إذا كان يتعين على مانشستر يونايتد إقالة تن هاغ أم لا، خاصة أننا في سنة زوجية، حيث أقيل ديفيد مويز في عام 2014، ولويس فان غال في عام 2016. وجوزيه مورينيو في 2018، وأولي غونار سولسكاير (في موسم 2021 الذي تأخر بسبب وباء كورونا) ورالف رانغنيك في عام 2022. وبالتالي فمن الممكن أن يُقال تن هاغ في عام 2024. ليكون بذلك مديراً فنياً آخر فشل في إدارة نادٍ ضخم مثل مانشستر يونايتد.

يتحدث تن هاغ كثيراً عن «ضرورة الالتزام بالنص»، وبالتالي فلو كان قد قرأ هذه المعالجة جيداً فسيعرف أن لحظة الحساب ربما تكون قريبة. وبالطبع هناك الكثير من الأسباب لذلك، فعلى سبيل المثال شهدت ولاية المدير الفني الهولندي خسارة مانشستر يونايتد مرتين برباعية نظيفة في لندن، وتعثر كريستيان إريكسن في كلتا المناسبتين في خط الوسط، في الوقت الذي قدم فيه تن هاغ التفسيرات والتبريرات نفسها للهزيمة.

فقال تن هاغ بعد الخسارة برباعية نظيفة أمام برينتفورد في عام 2022: «الأخطاء الفردية؛ كانت لدينا خطة جيدة، لكننا لم نلتزم بها». وبعد الخسارة بالنتيجة نفسها أمام كريستال بالاس في عام 2024، قال تن هاغ: «الأخطاء الكبيرة؛ فلم نلتزم بالخطة أو السيناريو». وبالتالي، ما لم يحقق مانشستر يونايتد فوزاً إعجازياً على مانشستر سيتي في المباراة النهائية لكأس الاتحاد الإنجليزي أو لو لم تؤجل مجموعة إنيوس قراراتها، فمن المحتمل أن يرحل تن هاغ في نهاية الموسم. إننا نعرف جميعاً وبكل بساطة أنه لا يمكن لنادٍ أن يلعب بهذه الدرجة من السوء في كثير من الأحيان، ويكون من المتوقع أن يستمر مديره الفني! لقد تعرض مانشستر يونايتد خلال الموسم الحالي لأكبر عدد من الهزائم منذ موسم 1977 - 1978، كما استقبل أكبر عدد من الأهداف منذ موسم 1976 - 1977. وعلاوة على ذلك، أصبح الفريق عاجزاً عن منع المنافسين من التسديد على مرماه: في الوقت الذي تقرأون فيه هذا المقال ربما ينقذ أندريه أونانا أربع تسديدات أخرى ويتعثر في اثنتين!

وحتى بعيداً عن كل هذه الأرقام والإحصائيات السلبية، هناك شعور عام بالذعر والفوضى ينتشر في الفريق بأكمله بمجرد أن يتعرض الفريق للهجوم من المنافس، وقد رأينا جميعاً ذلك من جوني إيفانز، الذي يتحرك بشكل غريب ويقف خلف مدافعي فريقه بـ 10 ياردات كاملة، وفي المنظر البائس لكاسيميرو وهو ينزلق أمام مايكل أوليس مساء الاثنين الماضي.

من المؤكد أننا جميعا نعرف الأسباب وراء استمرار مانشستر يونايتد في استقبال الأهداف، حيث يضغط الثلاثي الهجومي بقوة من الأمام، في حين يفشل خط الدفاع في الضغط، وهو الأمر الذي يؤدي إلى ظهور ثغرات هائلة في منتصف الملعب، مما يجعل من الصعب على لاعبي خط الوسط، وحتى الأفضل بكثير من سفيان أمرابط، تغطية كل هذه المساحات. فإذا فشل مانشستر يونايتد في استخلاص الكرة من أول مرة يضغط فيها على الفريق المنافس من الأمام، فإن هذا يعني وجود مساحة تصل لنحو 60 ياردة أمام المنافس، وهو ما يؤدي بالتبعية إلى كرات عرضية وتسديدات وفوضى عارمة!

وإذا كان بإمكان المتفرج العادي عبر موقع يوتيوب أن يرى كل هذا، فمن الطبيعي والمفترض أن المدير الفني السابق لبايرن ميونيخ وأياكس وآيندهوفن - والرجل الذي وصفه جوسيب غوارديولا ذات يوم بأنه المرشح المثالي لخلافته في مانشستر سيتي - يستطيع أن يرى كل هذا أيضاً. فلماذا لا يُصلح تن هاغ الأمور؟ من المؤكد أن أحد الأسباب الرئيسية يتمثل في عدم وجود لاعبين جيدين وقادرين على تنفيذ تعليمات تن هاغ داخل الملعب. ويجب أن نشير هنا إلى أن المدافع الأرجنتيني ليساندرو مارتينيز، الذي تم التعاقد معه ليكون «جنرال تن هاغ داخل الملعب»، إن جاز التعبير، لم يلعب سوى تسع مباريات فقط في الدوري الإنجليزي الممتاز طوال الموسم، في حين لعب لوك شو 12 مباراة فقط، أما تيريل مالاسيا فلم يلعب أي مباراة حتى الآن!

ويمثل هؤلاء 75 في المائة من الخيارات الأساسية لتن هاغ في الخط الخلفي. وفي ظل غياب هؤلاء اللاعبين، يجد تن هاغ نفسه مضطرا للاعتماد على مدافعين لا يفضلهم مثل إيفانز وفيكتور ليندلوف وهاري ماغواير، أو غير مدافعين مثل سفيان أمرابط وكاسيميرو، الذين لا يملكون القدرة على اللعب في خط دفاع متطور ومنظم وعالي المستوى. فهل كان بإمكان تن هاغ تغيير اللاعبين بالكامل، أو تغيير خطة اللعب ليعتمد على التكتل الدفاعي، أو التخلي عن مبادئه وفلسفته التدريبية بالكامل؟ وهل كان بإمكان مانشستر يونايتد مساعدته من خلال التعاقد مع مدافعين في فترة الانتقالات الشتوية الماضية؟ ربما كان ذلك ممكنا، لكن يتعين علينا أن ندرك أن أياً من هذه الحلول لم تكن مضمونة في ذلك الوقت.

وبعد ذلك نأتي إلى ما وصفه مورينيو بشكل جميل بأنه «إرث كرة القدم». ربما يكون تن هاغ قد ذهب إلى أبعد من أي من أسلافه في محاولة تحديد الطريقة التي يجب أن يلعب بها مانشستر يونايتد، بدلاً من مجرد ربط أفكارهم الخاصة بمجموعة اللاعبين الموجودين بالفريق. إن رغبته المعلنة في جعل مانشستر يونايتد «أفضل فريق في العالم من حيث التحول من الدفاع للهجوم» لا تنبع من مبادئه الخاصة فحسب، بل أيضا من تقييم ما يطلبه مشجعو مانشستر يونايتد: تقديم كرة قدم مثيرة وممتعة، وهجمات مرتدة سريعة، وسرعة وحيوية في مناطق الهجوم، وأجنحة تقوم بمهامها الهجومية بشكل رائع، والقدرة على العودة بعد التأخر في النتيجة، وإحراز الكثير من الأهداف، والعودة بشكل درامي في الأوقات القاتلة من المباريات.

فهل نجح المدير الفني الهولندي في إنجاز هذه المهمة؟ للرد على هذا السؤال، يتعين علينا أن ننظر إلى الأرقام والإحصائيات التالية: سجل مانشستر يونايتد ثمانية أهداف في أول 10 دقائق من المباريات، وفاز بسبع مباريات في آخر 10 دقائق، واستقبلت شباكه 13 هدفاً في الدقيقة 87 أو بعدها، وفشل في الحفاظ على التقدم في النتيجة في 11 مباراة في جميع المسابقات.

هل تن هاغ مدرب آخر فشل في إدارة نادٍ ضخم مثل يونايتد؟(أ.ف.ب)

وفي الوقت نفسه، تألق لاعبون مثل أليخاندرو غارناتشو وكوبي ماينو وتحولوا إلى عناصر أساسية لا يمكن الاستغناء عنها، ونجح راسموس هويلوند أخيرا في تثبيت أقدامه في هذا الدوري الصعب، وتحسن مستوى ديوغو دالوت، وقدم ويلي كامبوالا مستويات مثيرة للإعجاب، واستعاد برونو فرنانديز الكثير من مستواه السابق. لقد عانى أونانا وأمرابط وماركوس راشفورد وماسون ماونت، لكنهم ليسوا سيئين لدرجة كبيرة. وتتمثل النقطة المهمة هنا في أنه رغم كل الفوضى التي عانى منها النادي خلال الأشهر الـ12 الماضية، فقد فاز الفريق ببطولة ووصل إلى نهائي بطولتين، في الوقت الذي تحسن فيه أداء بعض اللاعبين.

لكن من المؤكد أن هذا لا يكفي بالنسبة لناد عملاق مثل مانشستر يونايتد. في الآونة الأخيرة، كانت هناك قصص عديدة عن أن النادي منفتح على الاستماع لكل العروض المقدمة للاعبيه، وكيف يريد النظام الجديد بقيادة ديف برايلسفورد وجيم راتكليف التخلص من جميع الحرس القديم، بدءاً من تن هاغ نفسه. قد يبدو من السهل الحديث عن التطهير والتخلص من الجميع والبدء من جديد. ومن قبيل الصدفة السعيدة أن هذا هو النهج الذي يغذي الثرثرة والأحاديث الكثيرة عبر الإنترنت، ويسلط الضوء بشكل كبير على الاسم المقدس لمانشستر يونايتد. وبالتالي، يبدأ الحديث عن المرشحين لخلافة تن هاغ، بما في ذلك توماس توخيل وغاريث ساوثغيت وغراهام بوتر، وعن التعاقدات الجديدة لتدعيم صفوف الفريق من أجل البدء في حقبة جديدة.

يطالب كثيرون بأن يحصل المدير الفني الهولندي على مزيد من الوقت لتطبيق أفكاره وفلسفته التدريبية، وأن يحصل اللاعبون الجدد على الفرصة اللازمة للاستقرار، وهناك آمال بأن يستعيد نجم الفريق ماركوس راشفورد مستواه السابق، وأن الفريق يُظهر علامات على عدم الاستسلام ويسجل أهدافاً في أوقات قاتلة ويحقق انتصارات بطولية بعد التأخر في النتيجة، لكن السؤال الذي يجب طرحه في الوقت الحالي هو: هل كرة القدم التي يلعبها الفريق تتحسن حقاً، أم أن مانشستر يونايتد يتراجع ويعود للخلف بعدما رأيناه يتعرض لخسارات مذلة ويخرج من الكثير من البطولات خالي الوفاض؟ وقد أشار مصدر من داخل غرفة خلع الملابس، طلب عدم الكشف عن اسمه، أن اللاعبين غير راضين عن التدريب! ومن الواضح أن مانشستر يونايتد قد بدأ البحث عن مدير فني جديد، فمرحباً بكم في مانشستر يونايتد الذي لا تنتهي به المرحلة الانتقالية أبداً!

* خدمة «الغارديان»