الحوثي عدو تاريخي لدود وليس خصماً سياسياً

06:11 2024/03/27

يجب أن نتجاوز مجرد المكايدة مع مليشيا الحوثي الإجرامية، فالخصومة بين الشعب اليمني الذي ننتمي إليه وهذه العصابة، أكبر من أن نكتفي بالمكايدة السياسية، أو اغتنام فرص تحميل المسئوليات على عواهنها لأسباب عارضة أو هامشية.. بيننا وبين هذه الفئة خصومة شديدة أوصلتها هي نفسها حد الانتقام، فكل ممارساتها منذ حققت انقلابها في العام 2015م، دلت وما زالت تدل على الانتقام لثأر تعاقبت عليه عقود بل قرون من الزمن..!!

وبالتالي يجب أن يدرك الجميع أن الخصومة القائمة اليوم ليست خصومة سياسية قائمة بين طرف سياسي بعينه وبين الحوثيين، فالحوثيون لم ولن يكونوا طرفا في عملية سياسية، ولا يؤمنون بهذا النهج مهما حاولوا ادعاء ذلك أو التظاهر به، يجب أن يدرك الناس عامة أننا نتعامل مع عصابة ناتئة من أحراش الفوضى وغبار الزمن، لا ولاء لها لوطن أو شعب أو قيم مثالية عليا، بقدر ما يرتبط ولاؤها بعنصرية مقيتة لا يحدها مكان أو زمان أي أنها لا تعترف بوطن ولا بتاريخ ولا مدنية ولا معاصرة أو حداثة..!!

يجب ويجب ويجب الكثير والكثير مما هو أساساً من مهام النخب المثقفة المطلعة والمؤسسات الإعلامية التي تعمل لصالح الشرعية، عليها أن تتجاوز مرحلة المكايدة السياسية، فالحوثيوم ليسوا حزباً سياسياً يمكن أن نتسابق معه سباقاً سياسياً، ولو كانوا كذلك لما طالت الأزمة الراهنة وهرمت إلى هذا الحد والحال اللذين نعيشهما اليوم، ولما عانى اليمنيون كل هذه المعاناة المهلكة التي لا يمكن لشعب آخر احتمالها والتعايش معها كل هذا الزمن..

إن تسع سنوات عبرت ونحن نعيش خارج الزمن والعصر، بسبب انقلاب هذه الفئة الباغية لخسارة فادحة لا يمكن تصورها أبداً، وإن التعامل مع ما فعلته وتفعله في سياق الاعتياد والتعود لهو جريمة توازي جريمة انقلابها لا تنقص عنها إن لم تزد.. وإن القبول بها، حتى على طريقة الأمر الواقع، هو خيانة عظمى في حق وطننا وشعبنا، قبل أن يكون أيضاً في حق أنفسنا، ونحن أبناء ونتاج ثورة عظيمة هي ثورة السادس والعشرين من سبتمبر العظيم..

نحن جيل لا يؤمن بخلاف الحرية والديمقراطية وبفكرة الدولة المدنية الحديثة، بل أجيال متعاقبة أضاء لنا سبتمبر المجيد دروب المجد وبناء الإنسان والوطن بقيم عصرية متحضرة ومتواكبة مع كل جديد ومتطور وتقدمي، تعلمنا من سبتمبر وجرى في دمائنا مفهوم الوطن والإيمان المطلق بمبادئ الحرية والانعتاق من الظلم والكهنوت، لأنه مبدأ أساسي قامت عليها هذه الثورة التي كنست الكهنوت إلى غير رجعة، فكيف نتقبل رجوعه المخالف للعقل والعصر..؟!

في الأخير يجب أن ندرك أو بالأصح أن نجعل الشعب اليمني يدرك أن التهاون في الخصومة مع هذه الفئة المارقة، هو كفر بواح بمبادئ ثورتنا السبتمبرية العظيمة التي كان لها الفضل كل الفضل في نقلنا من ظلمات الكهنوت والإمامة المستبدة، إلى نور الجمهورية والحرية والديمقراطية، حتى وصل بنا الأمر إلى يكون نظامنا السياسي هو النظام الأكثر تقدمية وعصرية على المستوى العربي والإسلامي.. وعليه يجب ألا نتهاون في وضع ذلك على المحك، وأن نكون ككتاب وإعلاميين ومثقفين مصادر إشعاع وأدلة نجاة ونجاح، وألا نترك الشعب ضحية ومطية لهذه الفئة الباغية، وأن نتعامل معها كعدو لدود وليس كخصم سياسي، وأن نكشف حقيقتها ونعري أكاذيبها التي تضلل بها عامة الناس.