Image

عقبات تعترض طريق نمو أكبر اقتصاد في أوروبا

يواجه أكبر اقتصاد في أوروبا مجموعة من العقبات المرتبطة بعديد من المتغيرات الداخلية والخارجية والتي فرضت مزيداً من التحديات الاقتصادية، وبما قاد إلى تقديرات مخفضة لمعدلات النمو.

 

  • خفضت خمسة من أكبر معاهد البحوث الاقتصادية في ألمانيا توقعاتها لنمو أكبر اقتصاد في أوروبا مع انخفاض الصادرات وفشل الطلب المحلي في الارتفاع.
  • تتوقع المعاهد الخمسة أن يبلغ نمو الناتج المحلي الإجمالي الألماني هذا العام 0.1 بالمئة، بانخفاض عن توقعاتها السابقة البالغة 1.3 بالمئة قبل ستة أشهر.
  • حذروا من أن الطلب المحلي ارتفع بمعدل أقل من المتوقع، في حين أدى فقدان القدرة التنافسية على السلع كثيفة الاستخدام للطاقة نتيجة لارتفاع أسعار الغاز والكهرباء إلى الإضرار بالصادرات.

وقال رئيس البحوث الاقتصادية في معهد كيل للاقتصاد العالمي، ستيفان كوثس، إن "العوامل الدورية والهيكلية تتداخل في تباطؤ التنمية الاقتصادية الشاملة"، موضحاً في التصريحات التي نقلتها صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية، أنه  "على الرغم من أنه من المرجح أن يبدأ التعافي اعتبارًا من الربيع، إلا أن الزخم العام لن يكون قويًا للغاية".

أخبار ذات صلة اقتصادلماذا تُقلق الصناعات الاستراتيجية الصينية الاتحاد الأوروبي؟ أخبار ألمانياخسائر مليارية تتكبدها الشركة المشغلة للقطارات في ألمانيا

متطلبات تصحيح المسار

من برلين، يقول الخبير الاقتصادي، ناجح العبيدي، لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن الاقتصاد الألماني لا يزال يستحق وبجدارةً لقب "رجل أوربا المريض"، لاسيما في ضوء توقعات المعاهد الاقتصادية الرائدة في ألمانيا نمو الناتج المحلي الإجمالي في هذا العام بنسبة لا تزيد عن 0.1 بالمئة، وهو الأمر الذي يعني استمرار تهديدات حالة الركود في ثالث أقوى اقتصاد في العالم.

ويضيف:

  • الاقتصاد الألماني يعاني من ارتفاع أسعار الطاقة ونقص الأيدي العاملة المؤهلة والبيروقراطية.
  • حتى الآن أثبتت الحكومة الائتلافية في برلين عدم قدرتها على مواجهة هذه التحديات، وذلك بسبب المؤشرات الاقتصادية المخيبة الآمال.
  • تتزايد الضغوط على الحكومة الحالية التي تراجعت شعبيتها وفقا لاستطلاعات الرأي الأخيرة إلى أدنى مستوى.

ويشير إلى أن متطلبات نجاح ثالث أقوى اقتصاد في العالم في العودة إلى دائرة النمو، تتمثل في ضرورة تغيير السياسات الحكومية في مجال التحول الطاقي والهجرة وتخفيف القيود البيروقراطية، والذي قد يتطلب تغيير حكومي في برلين.

وبالعودة لتقرير الصحيفة البريطانية، فإنه يشير إلى أن:

  • الاقتصاد الألماني انكمش بنسبة 0.3 بالمئة في الربع الرابع وعلى مدار العام 2023 بأكمله، مما يجعله الاقتصاد الرئيسي الأسوأ أداء في العالم العام الماضي.
  • لا تزال المعاهد تتوقع أن يرتفع النمو العام المقبل إلى 1.4 بالمئة، بانخفاض طفيف فقط عن توقعاتها السابقة البالغة 1.5 بالمئة.
  • قطاع التصنيع الضخم في البلاد عانى من ارتفاع تكاليف الطاقة وضعف الطلب العالمي على الآلات والمعدات التي تشكل القوة التقليدية لألمانيا، في حين خفض المستهلكون إنفاقهم بسبب ارتفاع الأسعار وتكاليف الاقتراض.

أزمة خانقة

من برلين، يقول منسق العلاقات الألمانية العربية في البرلمان الألماني، وخبير العلاقات الدولية، عبد المسيح الشامي، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية":

  • الاقتصاد الألماني يواجه أزمة خانقة بسبب الحرب في أوكرانيا، والتي فجرت عدة مشاكل وأزمات أثرت بشكل كبير وغير مسبوق في تاريخ ألمانيا بشكل مباشر.
  • أهم الأزمات التي أدت إلى تردي الوضع الاقتصادي بشكل كبير في ألمانيا هي مشكلة الطاقة والتي تسببت في انهيار جزء كبير من القطاع الاقتصادي الألماني، وبشكل محدد المؤسسات والمشاريع صغيرة الحجم، حيث نتج عن الأزمة إغلاق عدد كبير من هذه المؤسسات.
  • كما فرضت الأزمة إشكالية كبيرة على ما تبقى من هذه القطاعات وتأثيرات سلبية من حيث القدرة الإنتاجية والأسعار وأمور كثيرة أدت إلى أزمات حقيقية وربما تؤدي مستقبلاً إلى مشاكل أكبر من حيث استمرارية هذه المشاريع.
  • أزمة الطاقة انعكست أيضاً على المشاريع الكبرى وعلى أداء المؤسسات الاقتصادية، خاصة مع تأثير ارتفاع الأسعار بشكل كبير على تكاليف الإنتاج وأيضًا على عدم استقرار الإنتاج بسبب شح الطاقة، وذلك على الرغم من توافرها ولكن بشروط صعبة وأسعار مرتفعة ومستوى قلق كبير على صعيد تأمين الطاقة، ما أدى إلى هجرة كثير من المشاريع ورجال الأعمال إلى دول أخرى وخصوصاً الولايات المتحدة الأميركية.

ويوضح أن أزمة الطاقة ضربت الاقتصاد الألماني في الصميم من حيث التأثير السلبي، كما أدت إلى خلل كبير في الدورة الاقتصادية نتيجة ضرب أهم المراكز الأساسية، وهي الطبقة المتوسطة والصغيرة من المشاريع، والتأثيرات المباشرة على الحياة المعيشية للمواطنين، في ضوء ارتفاع أسعار المواد والتكلفة الاستهلاكية بالإضافة إلى مجموعة واسعة من الأزمات والتي تنعكس على أداء المواطنين، والاقتصاد، والعمل والوظائف بشكل سلبي كبير.

ويشير إلى أن:

  • ثمة أزمة مالية سببتها أزمة الطاقة أيضاً، مع تراجع مستوى الدخل الوطني ودخل المؤسسات والشركات، وبالتالي تراجع قدرة الحكومة الألمانية على تمويل كثير من القطاعات مقارنة بالفترات السابقة.
  • ذلك فضلًا عن تأثير الحرب في أوكرانيا والقطيعة الاقتصادية بين ألمانيا وروسيا.
  • وأيضاً تراجع مستوى التبادل والعلاقات الاقتصادية مع الصين، ما خلف بدوره تأثيراً سلبياً وشحاً كبيراً جدًا في المواد الأولية، وبالتالي أدى ذلك إلى زيادة الأسعار وإغلاق كثير من المؤسسات الكبيرة والصغيرة ومتوسطة الحجم.

أخبار ذات صلة أخبار ألمانيامعهد إيفو: ثقة الشركات الألمانية تحسنت في مارس اتحاد أوروبينشاط الأعمال بمنطقة اليورو ينكمش للشهر العاشر على التوالي

وفي سياق متصل، يوضح الشامي، في معرض حديثه مع موقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" أن أحد الأزمات الكبيرة بالنسبة للاقتصاد الألماني تتمثل في قيام الولايات المتحدة بتشكيل برنامج ممنهج لنقل رؤوس الأموال الكبيرة واستقطابها إليها، مع وضع برامج مشجعة بهدف استقطاب الشركات ورؤوس الأموال، الأمر الذي تسبب في ضربة إضافية للاقتصاد الألماني.

ويشدد على أنه مع دخول ألمانيا حقبة جديدة نحو إعادة بناء الجيش الألماني والترسانة العسكرية، وما يتطلبه من ميزانيات كبيرة، اضطرت برلين إلى تخصيص أموال كثيرة كانت مخصصة لقطاعات اقتصادية وتوجيهها إلى التصنيع العسكري، ما تسبب في إضافة أزمات أخرى وزيادة نسبة العجز لتمويل القطاعات الاقتصادية، لذلك أصبح الأمر متشابكاً بشكل عام في ضوء ارتباط الاقتصاد بأزمات سياسية وأمنية مستجدة على القارة الأوروبية.

ويتوقع أنه في حالة استمرار الحرب في أوكرانيا لعام آخر "ربما يتسبب ذلك في انهيار اقتصادي كبير لألمانيا، وبالتبعية سيتسبب إلى إنهيار الاقتصاد في كامل أوروبا".

ضغوط

ويشير تقرير الصحيفة البريطانية إلى الضغوط التي يتعرض لها الاقتصاد الألماني بسبب التشديد الحاد للسياسة المالية حيث تستعد الحكومة لعودة كبح الديون، مما يحد من حجم الديون الجديدة التي يمكنها إصدارها والتي تم تعليقها منذ بدء جائحة فيروس كورونا في عام 2020.

وتوقعت المعاهد الخمسة أن يتقلص عجز الميزانية الحكومية من 2.1 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي العام الماضي إلى 1.6 بالمئة هذا العام و1.2 بالمئة العام المقبل.

وتتوقع المعاهد أن ينخفض التضخم الألماني من 5.9 بالمئة العام الماضي إلى 2.3 بالمئة هذا العام و1.8 بالمئة في العام 2025. لكنهم يتوقعون أن تنمو الأجور بشكل أسرع، متوقعين زيادة في الرواتب الألمانية بنسبة 4.6 بالمئة هذا العام و3.4 بالمئة العام المقبل.

وقالوا: "هذا يعني أن الأجور الحقيقية سترتفع خلال فترة التوقعات بأكملها وتعوض الخسائر من العام 2022 والنصف الأول من عام 2023"، مضيفين أن الأجور المعدلة حسب التضخم لن تنتعش إلا إلى مستويات 2021 بحلول الربع الثاني من العام المقبل.

والمعاهد الخمسة التي أسهمت في التوقعات هي المعهد الألماني للأبحاث الاقتصادية، ومعهد إيفو، ومعهد هالي للأبحاث الاقتصادية، ومعهد لايبنيز للأبحاث الاقتصادية، ومعهد كيل.