ازدواجية المعايير في إدارة الحكومة الشرعية .. قرارات لا تخدم المواطن
تمر حكومة الشرعية اليمنية بمرحلة دقيقة تتسم بالكثير من التناقضات والقرارات المثيرة للجدل، خاصة في ظل تدخلات التحالف العربي في توزيع مهامها وإدارة شؤونها، مما يثير التساؤلات حول مدى استقلالية القرار السياسي ، ومدى توافق هذه الإجراءات مع مصالح المواطن الذي يواجه أزمة اقتصادية خانقة.
إحدى أبرز هذه القرارات المثيرة للجدل كان إقالة رئيس الوزراء معين عبدالملك وتعيين سالم صالح بن بريك خلفًا له، رغم أن الأخير شهد اتهامات بالفساد أثناء قيادته وزارة المالية. هذا القرار لم يأتِ من فراغ، بل يعكس نمطًا متكررًا في سياسة التغييرات داخل الحكومة، حيث يتم تعيين شخصيات محاطة بشبهات فساد أو محسوبة على أطراف معينة، مما يجعل المواطن اليمني يشعر بأن الأولويات السياسية تسبق أي اعتبار لمصلحة الشعب.
ولا تتوقف الإشكالات هنا، بل تمتد إلى ازدواجية المعايير في اتخاذ القرار السياسي والعسكري، حيث أن الحكومة الشرعية لم تحسم بعد موقفها من التحرك العسكري الجاد للقضاء على مليشيا الحوثي. رغم أن التصعيد ضد الحوثيين يجب أن يكون في مقدمة الأولويات، فإننا لا نرى تحركات برية فعلية على الأرض، ولا زحفًا واسعًا في الجبهات، مما يطرح تساؤلات حول مدى جدية الحكومة في استعادة الدولة وإنهاء الانقلاب الحوثي.
اقتصاديًا، تبدو حكومة الشرعية عاجزة عن تحقيق استقرار العملة الوطنية أو معالجة أزمة الوقود المتفاقمة، حيث تعاني عدن وتعز بشكل خاص من نقص شديد في الوقود، انعكس مباشرة على حياة المواطنين وأدى إلى ارتفاع أسعار المواصلات، وتوقف بعض الخدمات الأساسية. والمفارقة الكبرى أن تعز أصلًا بلا كهرباء حكومية، حيث لم يتم تنفيذ مشروع تشغيل محطة عصيفرة، مما زاد من صعوبة الأوضاع المعيشية لسكان المدينة الذين يعتمدون على بدائل غير مستدامة لتأمين الكهرباء.
وفي ظل هذه القرارات المتخبطة، تبقى الحكومة الشرعية بحاجة إلى إعادة تقييم سياساتها، والبحث عن حلول تتوافق مع متطلبات المواطن اليمني، بدلًا من التركيز على إدارة التوازنات السياسية والتغييرات الشكلية التي لا تخدم المصلحة العامة. إن البلاد بحاجة إلى حكومة تمتلك رؤية واضحة للخروج من المأزق الاقتصادي والعسكري، وترسم خططًا قابلة للتنفيذ لمعالجة الأزمات التي تُثقل كاهل المواطنين، وفي مقدمتها تحريك الجبهات بشكل فاعل للقضاء على الحوثيين واستعادة الدولة.
ختامًا، فإن استمرار هذه السياسات غير الفعالة والتغييرات التي لا تراعي احتياجات الشعب، سيؤدي إلى مزيد من التراجع الاقتصادي والتذمر الشعبي، مما يجعل مسألة إصلاح الأداء الحكومي واتخاذ قرارات عسكرية حاسمة ضرورة لا يمكن تأجيلها. على حكومة الشرعية أن تدرك أن الشرعية الحقيقية تُكتسب من خدمة المواطن، لا من البقاء في السلطة، وأن تحرير اليمن من قبضة الحوثيين يجب أن يكون قرارًا لا رجعة فيه، وليس مجرد تصريحات سياسية متكررة دون تنفيذ على الأرض.