
هجوم دمشقي يثير مخاوف من تقييد الحريات في ظل السلطة الانتقالية
أثار مقتل امرأة فجر الاثنين خلال هجوم مسلح على ملهى ليلي في العاصمة السورية دمشق، هو الثاني من نوعه خلال أسبوع، مخاوف متزايدة من فرض قيود متشددة على الحريات الشخصية في البلاد، في ظل السلطة الانتقالية التي تسلمت الحكم بعد سقوط نظام الرئيس السابق بشار الأسد.
وكانت مجموعة مسلحة قد هاجمت ملهى "الكروان" الليلي في منطقة الحجاز وسط دمشق، مستخدمة أسلحة رشاشة، ما أدى إلى مقتل امرأة، وفق ما أفاد "المرصد السوري لحقوق الإنسان" وأكّدته محافظة دمشق. وصرّح شاهد عيان لـ"وكالة الصحافة الفرنسية" بأنه سمع إطلاق نار كثيفاً فجراً، ولم يتمكن من دخول المكان إلا بعد توقف إطلاق النار، ليشاهد جثة امرأة ودماء متناثرة وحالة من الفوضى.
ويأتي هذا التطور في وقت يطالب فيه المجتمع الدولي السلطات الجديدة باحترام الحريات العامة والفردية، وحماية جميع المواطنين، خصوصاً الأقليات، والمضي في عملية انتقالية شاملة تشمل مختلف مكونات المجتمع السوري.
يقول آرام (33 عاماً)، وهو موظف في منظمة إنسانية بدمشق: "السهر كان متنفساً لنا من ضغوط الحياة، لكن بعد هذه الهجمات، أصبح الذهاب إلى أي ملهى مغامرة محفوفة بالمخاطر". وأضاف: "أشعر بالقلق على نفسي وعائلتي".
وفي حين لم تتضح بعد هوية المهاجمين أو خلفياتهم، تعهّد محافظ دمشق ماهر مروان بـ"محاسبة العابثين بأمن المدينة"، مؤكداً أن السلطات ستتخذ الإجراءات اللازمة لضبط المخالفات.
وكانت وسائل التواصل الاجتماعي قد تداولت قبل ساعات من الهجوم مقطع فيديو يُظهر مجموعة مسلحين يعتدون على روّاد حانة أخرى، بالضرب بأعقاب البنادق، ما أثار موجة من الغضب والقلق لدى سكان العاصمة.
تواجه السلطة الانتقالية ذات التوجه الإسلامي تحدياً متزايداً في طمأنة السوريين، بعد سلسلة من الأحداث الدامية، أبرزها الاشتباكات الطائفية في الساحل السوري في مارس/آذار الماضي التي أسفرت عن مقتل نحو 1700 شخص، معظمهم من الطائفة العلوية، تلاها مواجهات مع جماعات مسلحة درزية أودت بحياة 120 شخصاً الأسبوع الماضي.
وتزداد المخاوف مع تكرار الهجمات على أماكن السهر، ما يدفع العديد من الحانات والنوادي الليلية إلى إغلاق أبوابها مؤقتاً. وتقول مالكة إحدى الحانات في دمشق القديمة لـ"وكالة الصحافة الفرنسية": "قررنا الإغلاق لمدة ثلاثة أيام بسبب التوتر العام". وتتابع: "ألغى الزبائن حجوزاتهم، الأجواء باتت مقلقة، وكان لدينا حجز لسهرة عروسين ليل الاثنين، لكنه أُلغي. الجميع خائفون".
ورغم هذه التوترات، لا تزال بعض الحانات والمطاعم في دمشق القديمة تواصل نشاطها، وقد استضاف أحد القصور التقليدية في حي باب شرقي حفلاً موسيقياً حضره سوريون وأجانب حتى ساعة متأخرة، في مشهد بدا متناقضاً مع ما يحدث في مناطق أخرى من العاصمة.
لكن هذا التباين لا يخفي القلق المتنامي من احتمال تراجع منسوب الحريات التي يتمسك بها كثير من السوريين في وجه تحولات سياسية لا تزال ملامحها غامضة.