الحوثيون وتبرير الهزيمة: حين يُقدَّم الفشل على أنه "نصر إلهي"
في مشهد مألوف يكرّره وكلاء إيران في المنطقة، بدأ قادة ميليشيا الحوثي في اليمن تسويق هزيمتهم المتوقعة على أنها "نصر استراتيجي" من خلال الادعاء بتحييد الولايات المتحدة من الصراع، كما لو أنهم يعيدون ما فعله "حزب الله" في لبنان حين أعلن "الانتصار" بعد حرب 2006، رغم ما خلفته من دمار شامل ومآسٍ إنسانية.
لكن كيف يُحيَّد الحوثيون أمريكا، في حين أن السلاح الذي يمزق أجساد الأبرياء في غزة أمريكي الصنع؟.. وكيف يعلنون تحييد واشنطن بينما السفن تتجه بلا انقطاع إلى موانئ حيفا وعسقلان تحت حماية البوارج الأمريكية؟!
ألم يكن شعار الحوثيين: "لن نوقف الحرب حتى يقف العدوان على غزة"؟،
فماذا حدث؟!،
هل توقف العدوان؟
أم أنتم من توقف عن الصراخ بعد أن دمرتم اليمن وأدركتم حجم الورطة التي وضعتم فيها شعبه؟!.
في الواقع، تحاول مليشيا الحوثي اليوم امتصاص حالة الغضب الشعبي المتصاعدة في مناطق سيطرتها، بعدما تسببت في دمار هائل لمقدرات البلاد جرّاء مغامراتها العسكرية المتهورة، التي استدعت ضربات أمريكية وإسرائيلية وبريطانية طالت مطار صنعاء، وموانئ الحديدة، ومحطات الكهرباء، ومصانع الإسمنت، وغيرها من المرافق الحيوية والخدمية.
لقد أدخل الحوثيون اليمن في نفق مظلم أعاد البلاد عقوداً إلى الوراء. فالخراب لم يأت فقط من الخارج، بل كان نتيجة مباشرة لسياسات الجماعة منذ سيطرتها المسلحة على صنعاء في سبتمبر 2014، وهي سيطرة لم تكن سوى بداية لمرحلة سوداء تم فيها تحويل مؤسسات الدولة إلى أدوات جباية، وتفريغها من الكفاءات الوطنية واستبدالها بمشرفين طائفيين لا يملكون من الخبرة سوى الولاء الأعمى.
أما على مستوى الخطاب الإعلامي، فلا تزال الجماعة تبرع في إطلاق الشعارات الجوفاء والزوامل المنفوخة، تلك التي تحرّض على إشعال "حرب كبرى عالمية"، بينما تعجز عن توفير الكهرباء والماء والخدمات الأساسية للمواطنين.
إنهم يجيدون قرع طبول الحرب، لكنهم لا يعرفون سوى الهزيمة والفوضى.
لقد أثبتت التجربة أن الحوثيين ليسوا سوى كارثة حلّت على اليمن، دمّرت مؤسساته، وبدّدت أحلام شعبه تحت شعارات "الصمود" و"الكرامة" و"النصر الإلهي". وفي النهاية، لم يتحقق شيء سوى الخراب.
فهل آن أوان الصحوة الوطنية لإنقاذ ما تبقى من هذا الوطن الجريح؟.