
الردع النووي يمنع اندلاع الحروب الشاملة بين الهند وباكستان رغم التوترات
رغم عقود من التوترات والمواجهات المسلحة، لا تنزلق الهند وباكستان إلى حروب تقليدية شاملة، على عكس ما قد يتوقعه البعض من بلدين خاضا ثلاث حروب منذ استقلالهما عن بريطانيا عام 1947، إضافة إلى عشرات المناوشات الحدودية، أبرزها في منطقة "سياتشن" الجليدية، أعلى وأبرد ساحة معركة في العالم.
التصعيد الأخير بين البلدين جاء عقب هجوم مسلح استهدف مجموعة من السياح، اتهمت الهند جماعات مدعومة من باكستان بتنفيذه، وهو ما نفته إسلام آباد بشدة. ورغم حالة الاحتقان، لم تتجه الأمور نحو الحرب، ويرى مراقبون أن السبب الأساسي في ذلك يعود إلى امتلاك الجانبين ترسانة نووية ضخمة تردع التصعيد الكامل، بحسب تقرير لوكالة "أسوشيتد برس".
ترسانة نووية تفرض توازن الرعب
تملك كل من الهند وباكستان ما يُقدر بين 170 إلى 180 رأسًا نوويًا، موزعة على أنظمة إطلاق قصيرة ومتوسطة وبعيدة المدى. ووفقًا للمحلل الأمني الباكستاني سيد محمد علي، فإن "الأسلحة النووية تخلق حالة من التدمير المتبادل المؤكد، ما يجعل من غير المرجح انزلاق أي طرف إلى حرب شاملة".
ورغم غياب الشفافية الرسمية بشأن القدرات النووية، إلا أن افتقار الجانبين لقدرة "الضربة الثانية" المؤكدة – أي القدرة على الرد النووي بعد تلقي ضربة أولى – يزيد من تعقيد المشهد ويجعل الموقف أكثر حساسية.
كشمير.. جوهر النزاع
تبقى إقليم كشمير القضية الجوهرية في النزاع بين البلدين منذ 1947، إذ يطالب كل طرف بالسيادة الكاملة عليه. وقد خاضت نيودلهي وإسلام آباد حربين من أصل ثلاث بسبب هذا الإقليم المتنازع عليه، ولا تزال المنطقة تشهد اشتباكات وهجمات متكررة، مع تداخل العوامل القومية والدينية وتمردات محلية تعقّد جهود التهدئة.
اختلال واضح في ميزان القوى
على الرغم من امتلاك باكستان لقوة عسكرية فعالة، إلا أن الفجوة في الإنفاق الدفاعي تمنح الهند تفوقًا لافتًا، إذ بلغت ميزانية الدفاع الهندية في عام 2025 نحو 74.4 مليار دولار، مقارنة بـ10 مليارات دولار فقط خصصتها باكستان للجيش. كما تملك الهند ضعف عدد القوات النظامية، ما يعزز من هيمنتها العسكرية على الجبهة التقليدية.
تصعيد محدود وتكتيك محسوب
تتجنب الدولتان الإعلان السريع عن تحركاتهما العسكرية، وتبقى المواجهات غالبًا محدودة النطاق. تنفَّذ الضربات في أوقات غير متوقعة – مثل الليل أو الفجر – وتستهدف عادةً مناطق نائية على طول "خط السيطرة" في كشمير، بهدف تقليل الخسائر البشرية وفتح المجال أمام التهدئة.
وتخدم هذه العمليات العسكرية أهدافًا سياسية أيضًا، كتهدئة الرأي العام المحلي أو توجيه رسائل ضغط للطرف الآخر، دون التورط في عمليات غزو أو توسع.
لا نية للغزو أو الهيمنة
خلافًا لنزاعات دولية أخرى، لا تسعى الهند أو باكستان للسيطرة على موارد الطرف الآخر أو فرض نفوذ سياسي خارج حدوده. وتبقى العمليات العسكرية موجهة لأهداف محددة، مع حرص الطرفين على عدم استهداف المناطق ذات الكثافة السكانية العالية.
باستثناء ملف كشمير، لا تُظهر أي من الدولتين رغبة في التوسع، بل تتركز استراتيجياتهما على الحفاظ على الردع والاستقرار النسبي في المنطقة.