
غياب الدبلوماسية و القضية اليمنية في اجتماع وزراء الخارجية العرب… واكتفاء بالإشادة بالوساطة العُمانية
مرّ اجتماع وزراء الخارجية العرب، الخميس في بغداد، تحضيراً للقمة العربية الـ34، مروراً بارداً على واحدة من أعقد أزمات المنطقة: اليمن. ففيما شهدت الجلسات توافقاً سريعاً واعتماداً لمجمل مشاريع القرارات، لم تحظَ القضية اليمنية بنقاش جاد أو موقف دبلوماسي فاعل، باستثناء كلمات مقتضبة وإشادة روتينية بوساطة سلطنة عمان.
وبينما نالت قضايا أخرى مثل فلسطين والسودان وسوريا حيزاً واسعاً من الكلمات والمداولات، تراجعت اليمن إلى الهامش، وكأنها أزمة منسية. ولم تُسجّل مداخلات تُطرح فيها مبادرات ملموسة أو مناقشات معمّقة حول مستقبل العملية السياسية أو الأزمة الإنسانية المتفاقمة في البلاد، التي تدخل عامها الحادي عشر دون حل يلوح في الأفق.
اللافت أن الموقف العربي، كما عبّر عنه وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، اقتصر على "الإشادة بجهود سلطنة عُمان في الملف اليمني"، دون التطرق إلى تفاصيل أو دعم واضح لآلية سياسية تنهي النزاع أو تضمن تنفيذ الاتفاقات السابقة، وفي مقدمتها اتفاق ستوكهولم ومشاورات الرياض. كذلك، لم يصدر أي بند مستقل يعكس حجم الكارثة الإنسانية التي يعيشها اليمنيون، أو يُطالب بمساءلة الجهات المعرقلة لمسارات السلام.
دبلوماسية انتقائية… وملف غائب
وفي وقت كانت فيه بعض الدول العربية تناقش تفاصيل دقيقة حول مبادرات إعادة الإعمار ودعم الذكاء الاصطناعي والاقتصاد الأزرق، لم تُطرح أي مبادرة عربية جديدة تخص اليمن، لا سياسياً ولا إنسانياً.
حتى صندوق التعافي والدعم الإنساني الذي اقترحته بغداد بميزانية مبدئية بلغت 40 مليون دولار، لم يرد فيه ذكر لليمن، الدولة الأشد فقراً والأكثر تضرراً من الحروب في المنطقة.
ردود خجولة… وتجاهل غير مبرر
مصادر دبلوماسية عربية أبدت لـ"المنتصف" استغرابها من غياب أي مواقف جماعية أو حتى ملاحظات تفصيلية تخص اليمن، مرجّحة أن يكون الحذر السياسي أو "التوازنات الإقليمية" سبباً في تحييد الملف، خصوصاً في ظل صمت الأطراف المتصارعة وتراجع مستوى التمثيل لبعض الدول المهتمة بالشأن اليمني.
وفي ظل هذا الغياب العربي شبه التام، يبرز السؤال: إلى متى يستمر تجاهل أزمة تُهدد أمن المنطقة واستقرارها، وتغذيها التدخلات الخارجية والانقسامات الداخلية، بينما يُكتفى بالتصفيق لجهود وساطة لا تزال تفتقر إلى الدعم العربي المؤسسي المطلوب؟
خلاصة
الاجتماع الوزاري في بغداد، الذي كان يفترض أن يكون منصة لتجديد الالتزام العربي بحل شامل في اليمن، انتهى كأرشيف متكرر لبيانات الإنشاء و يضاف لفشل مجلس القيادة الرئاسي.
لا خارطة طريق، ولا ضغط على الأطراف المعرقلة، ولا حتى مجرد توصية صريحة بتفعيل دور الجامعة العربية في الملف اليمني. وبينما تتفاقم الأزمة وتتعمّق الفجوة الإنسانية، تواصل القمم العربية إدارة الظهر لأحد أكثر الملفات إلحاحاً في المنطقة.