سد الغريب إنتصار فني وتشضي بنيوي

11:26 2020/05/09

في موسم اليمن الدرامي السنوي  كما هو معتاد في شهر رمضان اطل علينا هذا العام مسلسل 
*" سدالغريب"* على شاشة قناة يمن شباب...
جسد ادواره عدد من نجوم الدراما اليمنية " نبيل حزام و نجيبة عبدالله ومحمد الحرازي و عبدالرحمن المسيبي.... " وغيرهم  وكلهم اساتذه فن الدراما التلفزيونية باليمن اداء مميز وظهور رائع ، ايضا ظهر مخرج جديد على الساحة اليمنية يمتلك ذائقة فنية رائعة وو قع في هفوات  بنائية مدوية ، نحاول ان نذكر بعضها في هذا الملخص البسيط حسب عناصر المكونات الدرامية.
اولا : الحكاية " رغم ان الحكاية واقعية وحدثت في احدى الارياف اليمنية الا ان تناولها دراميا اسقطها في هفوات الكاتب والسينارست المبتدء الذي يصعب علية استيعاب مثل هذه الحكاية التى تتمتع بخصوصية تنبع من البيئة القبيلة اليمنية، ولذا وقع في هاوية كسر  الهوية القبلية ابتداء من  الموقف واثره على المجتمع القبلي وتداعياتها وتاصيلة ، فقد جعل من قضية الثأر قضية بدون اثر ولا خبر  ناسيا ما يترتب على هذه القضية العويصة في مجتمعنا من احداث وتطورات كارثية ، كما ان الكاتب لا يعرف احكامها واعرافها واحكام الديات عن القبائل ومراسيم دفن المغدور وطقوس عزاء القتيل و احكام الوساطة وواجبها نحو اولياء الدم وذوي المغدور وكذا كيف تجر الويلات والدمار على المجتمع.
ايضا ادخل الكاتب مفردة استنجاد المرأة برجال القبيلة وعزوتها فتقوم بحرق ردائها( مصون او طرحه..في اللهجة اليمنية ) فعند ما تقوم المرأة بهذا العمل وتقدم علية فان القبيلة تقف ولا تقعد الا بعد ان تنتصر لهذه المرأة وتعيد الحق لها ممن سلبها او ترفع الظلم عنها ممن ظلمها وتعتبر هذا الفعل عن قبائل اليمن بمثابة طلب النجدة والنصرة من الرجل  للمرأة التى تستنفر الرجال وتشحذ هممهم لنصرتها ومن يتقاعس عن ذلك فهو ناقص و يلحقة العار في قبيلتة والقبائل التى وصل اليها النبأ ، وفي حكاية "سد الغريب" تم استخدام المفره بطريقة تعسفية مناقضة للاعراف والاسلاف القبيلة و استنجدت المرأة وقوبلت بالاهانة والسب والازدراء وهذا لا يليق ابدا بفزعة القبيلة و ما يترتب علية احراق الانثى لردائها...نقص كبير افتعلة المسلسل في حق القبيلة وتقاليدها واعرافها.
الموقف الآخر دفن الغريقة وما يترتب عليها من طقوس قبلية خاصة وقد  التهم السد خيرة بنات القرية و صنع مآسي تعجز اللسان عن وصفها ورغم ذلك مر عليها المسلسل مر الكرام  ولم يجسد احزان تلك القرى التى فقدت فلذات اكبادها نتيجه الجهل و عنجهية القبيلة التى فضلت العناد والمكابره على حساب اروح فتيات في عمر الزهور سقطن غرقا وهن في معترك الحصول على الحياة والحصل على الماء الذي منعه منهن جهل وغرور قبائل متناحره لاسبب قديمة قد اكل عليها الدهر وشرب ولم تفكر في مصير النشأ القادم بل انها ستورث لها حقد من سبق وتستمر الجنائز والوفيات قربانا لحقد و خلافات قديمة.
عدم اكتمال الخطوط الدرامية وتغريب نهايتها فقد اظهر المسلسل عدة خطوط درامية واحداث لم تكتمل ولم تظهر نتائجها و فظهر الفعل ولم تظهر ردة الفعل بل ان القوى العاملة في الحكاية اتجهت الى افعال اخرى دون انفعال لفعل سابق وقعت فية الشخوص وكانت ردة الفعل لا تتناسب ولا تظاهي الفعل فكان الصراع مفكك ومتارجح بين هرم التصعيد وجذر الهبوط المخل بالبناء المحكم.
مفردة بين الماضي والحاضر تم استخدامها بطريقة عشوائية زادت المتلقي توهان و تخبط بين ما جرى وما يجري رغم ان هناك استخدام للالوان للتفريق بين الماضي والحاضر الا ان هذا لم يكن كافيا فاغلب المشاهدين فهموا ان الشخصيات تمثل دورين ولم يستطيعوا التفريق بين الفلاش باك الذي تستدعية الذاكرة وبين ما يحدث هنا الان.
ثانيا: البناء الفني.
تعتبر البنية المشهدية في المسلسل رائعة من ناحية التكوين البصري الوان مناسبة واضاءة جمالية وبنفس الوقت ذات معنى درامي ولها ايحاءات تكمل معنى الصورة و تدخل في تجسيد الحدث وزمنة وهذا شي جميل.
البنية السمعية لم تكن على قدر الحدث فهناك موسيقى تصويرية قريبة الى الكرتونية او موسيقى الريبورتاج  اكثر من كونها درامية تخدم الحدث و تحفز التسويق فكان هناك تباين بين البنية المشهدية والبنية السمعية. 
- التصوير رغم نقاوته وتكويناته الجميلة  الا انه كان يميل احيانا الى تصوير الفلاشات والفيديو كليبات او مشاهد والفنتازيا رغم ان الحكاية و افعالها واقعية كما ان هناك تركيز على بعض التفاصيل على حساب الحدث الحقيقي.
 
افعال اثارة غير مبرره ولا تخدم الحكاية ايضا ليس لها علاقة بالفعل وتطوير الحدث مثل العرس المجهول الهوية الذي ظهر فجأة دون ان يكون له اي خلفية درامية ولم يتم التاسيس له  وما ترتب علية من عملية اطلاق رصاص بين طرفين احدهم مجهول و الاخر يجسدة اهل القرية  ولم تؤدي هذه الحادثة الى اي تفاعل بين  القوى الفاعلة في العمل ولم يفضي الى تطوير الاحداث بل انه ترك مهملا تماما وهناك احداث كثيرة حدثت بنفس الطريقة.
 
- الازمنة الدرامية : 
ازمنة درامية غامضة و زادت المشاهد ارباكا و خلط بين الاحداث فزمن الحكاية لا يتناسب مع زمن التجسيد و زمن احداث الماضي التى تقريبا تكاد تكون ثلاثون عاما لم تغير في زمن الحكاية في الحاضر بل ان الشخصيات حاضرا وماضيا تكان ان تكون واحده لم يغيرها الفارق الزمني بين ولادة يحيى و بلوغة مرحلة الرجولة ، ايضا استخدام الفلاش باك بكثرة ينقص من جودة العمل و متانة بناءه و يضعف من دور الكاتب والمخرج في تكوين الرؤية الكاملة.
وفي الاخير...
يعتبر العمل جيد و قد يكون ممتاز اذا تم الاخذ والاحاطة بمكونات  الحكاية  ومرجعيتها الواقعية والاجتماعية ومفرداتها الاساسية وتكوين رؤية محكمة البنية لتجسيدها.
وبالعموم العمل يستحق المشاهدة والنقد ويكفي ان هذا العمل ارتقى الى درجة النقد بينما هناك اعمال لا ترتقي حتى ان يتم ذكرها بكلمة ايجابية او سلبية كون كلمة نقد ارفع واعلى رتبة منها...
شكر كبير لطاقم العمل ونجومه ومخرجه وكل من عمل على انجازة