أبو بكرالغامبي يجرجر زعيمة ميانمار لمحكمة الجنايات الدولية

04:47 2022/02/13

تعذر سفر وزير الخارجية الغامبي لسبب ما منذ سنة لحضور  مؤتمر في بنجلاديش، فذهب بدلا عنه وزير العدل الجامبي أبو بكر تامادو.
المهم، ذهب الوزير وقال فى نفسه: لنرَ ما هو موضوع الروهينجا؟
قالوا له: هذه معسكرات الفارين من الإبادة الجماعية والجرائم موجودة عندنا.
ذهب الوزير إلى معسكرات اللاجئين، ومن هول ما وجده قرر أن  يمد إقامته في بنغلاديش ويستمع للمآسي المرتكبة من حكومة ميانمار ضد أقلية الروهينجا المسلمة من الفارين إلى بنغلاديش. 
رجع إلى بلده وشكل فريق قانوني جامبي وجهزو  الملفات التي تدين أم نوبل اسانجا، وطاروا إلى محكمة العدل الدولية وسلموا الملفات والأدلة الثابتة والشهود وتقارير أممية وتقارير سفارات أجنبية ومنظمات حقوق إنسان وخلافه إلى المحكمة، واتهموا ميانمار أمام المحكمة بأنها نفذت إبادة عرقية وتطهير إثني بحق أقلية الروهينجا المسلمة وترتب عليها كوارث إنسانية ولجوء وما إلى ذلك.
خلاصة القول أن المحكمة طلبت من ميانمار المثول أمامها؛ إلا أن أونج سان سوكي، زعيمة ميانمار، استخفت بالأمر وأصدرت بياناً صحفياً قالت فيه إن المحكمة غير مختصة بالنظر في امور داخلية.
لكن المحكمة أصدرت بيانا معاكسا مفاده أن القضية تقع ضمن اختصاصها بالنظر، ثم أعلنت لائحة اتهام رسمي ضد ميانمار. 
هنا، قررت ميانمار أن تتفاعل مع المحكمة وتقدم حججها لدحض الاتهامات الموجهة لها وتعيين محامٍ كندي للدفاع عنها. وبدوره قرر وزير العدل الجامبي أبو بكر  تامادو أن  يجرجر زعيمة ميانمار للمحكمة منذ  عشرين يوما ودحض حججها بنفسه.  وفي جلسة أمام المحكمة، اتهمها علانية بالكذب؛ الأمر الذي أجبرها أن تعترف  بأن ما حدث كان في إطار صراع داخلي واعترفت أيضا، في مفاجأة، بأن ما حدث ضد الروهينجا كان جرائم حرب ولكنه ليس إبادة مقصودة. المحكمة أصدرت حكما بأن الأعمال ضد الروهينجا ترقى إلى مستوى  الإبادة الجماعية. 
وأضافت أن هذه الأعمال مستمرة و ان على ميانمار التوقف فورا عن عمليات القتل والإيذاء بحق الأقلية المسلمة  عبر سلسلة من الإجراءات تراقبها المحكمة، ويرفع بها تقرير للمحكمة خلال أربعة أشهر، وبعدها سيرفع  التقرير إلى الأمين العام للأمم المتحدة لحث ميانمار على تنفيذ حكم المحكمة. كما تضمن الحكم تحذير ميانمار من طمس أي أدلة تطلبها المحكمة لتوجيه الاتهامات إلى المسؤولين عن هذه الجرائم.
بطبيعة الحال فإن اعتراف زعيمة ميانمار وحكم المحكمة وطلباتها دمر بشكل كامل السمعة السياسية لزعيمة ميانمار الحاصلة على جائزة نوبل للسلام، وأصبحت مهددة بفقدان الجائزة وضياع سمعة ميانمار وحكوماتها الملطخة بالدماء.
غامبيا، هذه الدولة الصغيرة الفقيرة، قامت بعمل كبير نيابة عن ٥٤ دولة مسلمة. فجزى الله أبو بكر تامادو وزير العدل الجامبي عنا خيرا وجعل ما فعله في ميزان حسناته.
وأنا شخصيا فخور بما فعله هذا الوزير الهمام غيرة على دينه، ولا بد من الذكر أن وزير العدل الشجاع أبو بكر كان طالبا نابها ونشيطا. 
درستُ القانون في جامعة غامبيا البسيطة والوحيدة عام ٢٠٠٦، حينما ذهبت أستاذا زائرا متطوعا للتدريس لمدة سنة في الجامعة تلبية لطلب سفيرهم  في أبوظبي الصديق مادو.  ومن الطريف أنني منحت الطالب أبو بكر درجة جيد جدا في مادة المنظمات الدولية وذرجة امتياز في القانون الدولي، فطلب مقابلتي ليقول بأنه يرجوني أن يتساوى الامتيازان لكلتا المادتين لأنه يرغب بإكمال دراسته العليا مستقبلا، فأجبت طلبه! 
وهناك تعرفت في العاصمة بانغول إلى  هذا البلد الجميل المطل على ساحل المحيط الأطلسي، وعرفت عن قرب  رئيس الجمهورية آنذاك الحاج يحيى جامع، والذي تكرم مشكورا بمنحي الجنسية الغامبية وجواز سفر دبلوماسيا مازلت إستعمله في تنقلاتي.                     
اذا ما توفرت الإرادة نستطيع أن نفعل شيئا لأمتنا وديننا الحنيف.   
*كاتب وأكاديمي من العراق مقيم في المغرب وأستاذ القانون والنظم السياسية في جامعة الأخوين في افران المغربية