Image

الأزمة الأوكرانية.. بين قرارات الحرب ومساعي اللحظات الأخيرة للتهدئة

 
شهدت الأزمة الأوكرانية – الروسية، تطورات متسارعة خلال الساعات القليلة الماضية، كان أبرزها إعلان واشنطن أن روسيا أصبحت قادرة الآن على غزو أوكرانيا في أي لحظة وتحت أي ذريعة، وتحذير مجموعة الدول السبع الكبرى لروسيا من عواقب اقتصادية "وخيمة" إذا أقدمت على هذه الخطوة، متعهدة بتقديم الدعم السريع لأوكرانيا.
وجاء إعلان واشنطن، عقب رد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، على تصريحات للرئاسة الأوكرانية أدلى بها سيرغي نيكيفوروف المتحدث باسم الرئيس الأوكراني لوكالة أنباء "رويترز"، الاثنين، اكد فيها استمرار تطلع بلاده الانضمام إلى الناتو والاتحاد الأوروبي؛
ما دفع الرئيس بوتين للرد عليها قائلا: "هذه هي الخطوة التي ستؤدي إلى اندلاع حرب". 
ونقلت وكالة تاس الروسية عن الكرملين، أن مسعى الجمهورية السوفييتية السابقة لتوثيق العلاقات مع الغرب، لاسيما محاولة الانضمام لحلف الأطلسي، يمثل تهديداً للروس، مشيرا إلى أنه في حال تراجعت أوكرانيا عن مسعى الانضمام للتحالف العسكري الغربي، فسوف تقدم مساعدة كبيرة في معالجة المخاوف الروسية.
تحركات المسؤولين الروس في هذا الإطار، دفع رئيس وزراء بريطانيا بوريس جونسون لوصف الوضع بأنه "خطير للغاية"، وفقا لهيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي".
كما تأتي بعد اجتماع بوتين بوزير خارجيته سيرغي لافروف، اليوم، للاطلاع على رد واشنطن و"الناتو" على المقترحات الروسية للضمانات الأمنية، حيث قال لافروف ان "الإجابات التي وردتنا على طلب روسيا لتفسير مبدأ عدم قابلية الأمن للتجزئة كانت غير مرضية، وستواصل موسكو السعي للحصول على إجابات واضحة من كل بلد على حدة".
وتابع لافروف، وفقا لقناة روسيا اليوم: "لم يردّ أي من زملائي الوزراء على رسالتي المباشرة. تلقينا قصاصتين صغيرتين واحدة من الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ، والثانية من جوزيب بوريل مفوض السياسة الخارجية الأوروبي، قيل فيهما إنه لا داعي للقلق، ويجب أن نواصل الحوار، الشيء الرئيسي هو ضمان وقف التصعيد حول أوكرانيا".
وشدد لافروف على أن "روسيا ليست مستعدة للدخول في محادثات لا نهاية لها مع الولايات المتحدة والناتو حول القضايا الأمنية الرئيسية التي تهم موسكو، لكن الفرصة لا تزال ماثلة للتوصل إلى اتفاق".
وأضاف: "لقد قلنا غير مرة إننا نحذر من المحادثات التي لا نهاية لها حول القضايا التي تحتاج حلها اليوم، ولكن بصفتي وزيرا للخارجية، علي أن أؤكد على الدوام أن الفرصة لم تهدر بعد".
وختم قائلا: "بالطبع يجب ألا يستمروا في المحادثات إلى أجل غير مسمى، لكن في هذه المرحلة أقترح الاستمرار في تطوير هذه الفرص".
تصريحات لافروف، خلال اجتماعه مع بوتين، دفعت الغرب للقيام بحركة دبلوماسية كبيرة؛ حيث أكد رئيس وزراء بريطانيا ثبات موقف لندن المتمثل في تحميل القيادة الروسية المسؤولية عن تفاقم الأزمة.
وتابع: "نحث الجميع على الانخراط في الحوار، وعلى الحكومة الروسية أن تمنع حدوث ما سيكون خطأ كارثيا بالنسبة لروسيا".
وقال جونسون إنه تحدث مع الرئيس الأمريكي جو بايدن عبر الهاتف ليبحث معه الوضع في أوكرانيا، ناقلا عنه قوله إن هناك مؤشرات على أن روسيا تخطط "لشيء يمكن أن يحدث في غضون الـ48 ساعة المقبلة"، ووصف الوضع بأنه "خطير للغاية".
من جانبها، أكدت وزيرة الخارجية البريطانية، ليز تراس، عقب اجتماع لجنة مواجهة الأزمات التابعة للحكومة، أن روسيا قد تغزو أوكرانيا في أي لحظة.
وقالت تراس في تغريده على "تويتر" نقلتها وكالة نوفوستي الروسية: "تشير أحدث المعلومات إلى أن روسيا يمكن أن تغزو في أي لحظة".
من جانبه، دعا الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي، جميع الموظفين الحكوميين الذين غادروا البلاد للعودة إلى أوكرانيا خلال 24 ساعة. 
وقال زيلينسكي، في خطاب موجه للشعب الأوكراني فيما يشبه إعلان التعبئة العامة: "أتوجه إلى جميع ممثلي الدولة، والموظفين الحكوميين ونواب الشعب على كافة المستويات الذين غادروا البلاد أو يخططون للقيام بذلك في وقت قريب للعودة إلى الوطن خلال 24 ساعة، وأن تقفوا جنبا إلى جنب مع الجيش الأوكراني ودبلوماسيينا وشعبنا".
يأتي ذلك مع استمرار مغادرة أعداد كبيرة من مواطني الدول الأجنبية لأوكرانيا، بعد الدعوات التي وجهت إليهم خلال الأيام القليلة الماضية.
وفي برلين، اُعلن عن توجه المستشار الألماني أولاف شولتس، الثلاثاء، إلى موسكو لاجراء محادثات مع المسؤولين الروس، في محاولة منه نزع فتيل التصعيد الاخير؛ لكن مسؤولاً ألمانياً قال إن برلين لا تنتظر نتائج ملموسة من الاجتماعات، فيما أكد وزراء مالية دول مجموعة السبع (G7) استعداد بلدانهم فرض عقوبات اقتصادية ومالية ذات "عواقب هائلة وفورية على الاقتصاد الروسي" خلال "مهلة قصيرة جدا" حال شنت روسيا هجوما عسكريا على أوكرانيا.
كل تلك التحركات والتصريحات والتهديد بالعقوبات، تبقى عاملا يزيد من توتر الأوضاع ولا يحل الأزمة، التي تتجه حسب جميع المؤشرات نحو التصعيد العسكري، الذي سيحدث تأثيرا ليس على اقتصاديات الدول المشاركة فيه، بل على جميع دول العالم بما فيها الدول العربية، خاصة الفقيرة منها.