Image

بعد أن بطش بهم الحوثي خطفاً وحبساً وقتلاً كبار فناني اليمن يبحثون عن وطن

لم تكتفِ مليشيا الحوثي بفرض سيطرتها على العاصمة صنعاء فحسب، بل سعت إلى فرض ثقافة الكهوف عبر تدمير الفن والتراث اليمني الأصيل. ها هم الفنانون اليمنيون الذين ملأوا الدنيا طرباً بأغانيهم الوطنية والتراثية،  أصبحوا في دولة الأمر الواقع ملاحقين، حياتهم معرضة للخطر بعد أن منعت مليشيات الحوثية الفنانين وبقوة السلاح من ممارسة الفن بكل أشكاله، وطالبت بالتزام من قبل منتجي المسلسلات بعدم بيع المسلسلات للشركات والمحطات الخارجية التي تعارض فكرهم ومنهجهم السلالي.
عندما سيطر الحوثي على تعز، سمعنا قصة كنا نعتقد أنها طرفة، ولكن الأيام أثبتت أنها قصة حقيقية؛ حينما بحث الحوثيون عن الفنان الكبير أيوب طارش لاعتقاله بسبب أغانيه الوطنية، اعتقادا منهم بأنه يقصد فيها عيال الكهوف القادمين من صعدة.
 من المؤسف اليوم أن نشاهد اليمن في ظل الكهنوت يضيق بفنانيه، منهم من فضل مغادرة اليمن والبحث عن وطن آخر يجد فيه الأمن والاستقرار، بعيدا عن بطش الحوثي، كالفنان حسين محب وعلي عنبة والأخفش وآخرين، ومنهم من لزم داره حتى لا يكون مصيره القتل والاختطاف والحبس، ممنوعاً من الغناء إلا من الزوامل التي تحشد المقاتلين لمزيد من الدم. فكان الفنان نادر الجرادي أول قربان لجريمة قتل في حق الفنانين، جعل منه الحوثيون عبرة لإرهابهم في بث الرعب والخوف في قلوب الفنانين، دون مراعاة لتاريخهم ومشوارهم الفني الكبير والذي يمثل هوية الشعب اليمني الأصيل. 
هكذا صار وضع فناني اليمن الذين يعيشون في المحافظات الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي؛ يعانون من مضايقات وتنكيل وقمع واختطافات واسعة أجبرت البعض منهم على مغادرة البلاد. 
أمثلة عديدة نأخذ منها بعضاً من نماذج فظاعة الحوثي وممارسته اللا إنسانية بحق الفنانين؛ حيث قام بفرض عقوبات بالسجن على الفنانين الذين خالفوا أوامرهم بعدم إقامة جلسات طرب مع قنوات خارج سيطرتهم أو حتى الغناء بالمناسبات والاحتفالات العامة أو الخاصة، من خلال مداهمات صالات الأعراس ومنازل الفنانين المتعاقدين مع قنوات أو مؤسسات إنتاج  بإقامة جلسات غنائية والقبض عليهم والزج بهم في السجن دون سابق إنذار.
 الفنان الكبير فؤاد الكبسي الذي ملأ الدنيا طربا، هو الآخر احتجز في نقطة عسكرية أثناء عودته من حفل عرس بمنطقة القناوص في محافظة الحديدة، وصودر عوده وتلفونه، ولم يشفع فنه أن يسمح له بالمرور إلا بعد التوقيع على تعهد بعدم العودة إلى الغناء. وكذا الفنان الكبير يوسف البدجي الذي اعتقل لعدة أيام لتقديمه برنامجا تلفزيونيا استضاف فيه عددا من الفنانين. خرج بعد وساطات ومناشدات وتعهد بعدم العودة لمثل هذا "المنكر" كما يصور لهم غباؤهم. 
الأمر اختلف قليلا بالنسبة للفنان أصيل أبو بكر، الذي اعتقل في صالة أفراح بصنعاء وأخذ إلى أمن مذبح؛ حيث اعتبر مطلوبا للحوثيين، واعتقل بعد مداهمات عدة لصالات الأفراح التي كان يحيي فيها أعراساً، إلا أنهم كانوا يصلون وقد تمكن من الفرار كما يفر اللصوص، وتهمته الوحيدة الغناء وإحياؤه العديد من الحفلات.
 الفنان الشاب شهاب الشعراني غادر اليمن إلى جمهورية مصر، ليستقر فيها بعد أن تعرض لمحاولة اغتيال من قبل مسلح في صنعاء طعنا بالسكين.
 هذا هو حال الفنانين الذين لا يلتزمون بفرمان الحوثي الذي يحرم الغناء ويحلل الأناشيد والزوامل التي تمجد الحوثيين والسلالة وتحرض على الدم والقتل والحرب؛ الأمر الذي أدى إلى مغادرة الفنانين مناطق سيطرة المليشيات الحوثية إلى المحافظات الأخرى وإلى دول الجوار، حيث يحيون حفلات الزفاف ويشاركون المهرجانات الفنية والمناسبات الوطنية في انتظار ساعة الخلاص والعودة إلى الوطن المنتهك من قبل مليشيا الموت والخراب.