Image

محكمة عراقية تطيح لجنة مكافحة الفساد بحجة عدم دستوريتها

أطاحت المحكمة الاتحادية العراقية، أمس (الأربعاء)، باللجنة التحقيقية في قضايا الفساد والجرائم الكبرى التي شكّلها رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي في أغسطس (آب) 2020، طبقاً لأمر ديواني. وصارت هذه اللجنة منذ ذلك التاريخ تعرف بلجنة «أبو رغيف» نسبة إلى الجنرال أحمد أبو رغيف الذي أسندت إليه رئاسة اللجنة، وهو يشغل بذات الوقت منصب وكيل وزير الداخلية لشؤون الاستخبارات.

ويقضي قرار المحكمة بـ«عدم صحة الأمر الديواني رقم (29) لسنة 2020 المتضمن تشكيل لجنة دائمة للتحقيق في قضايا الفساد والجرائم المهمة وإلغائه اعتباراً من تاريخ صدور الحكم»، طبقاً لبيان صادر عنها. وأوضحت أن «ذلك جاء لمخالفته لأحكام المادة (37 -أولا-1) من الدستور التي تضمن حماية حرية الإنسان وكرامته، ولمبدأ الفصل بين السلطات المنصوص عليها في المادة 47 من الدستور».

ورأت المحكمة، كذلك، أن تشكيل اللجنة مخالف لـ«مبدأ استقلال القضاء واختصاصه بتولي التحقيق والمحاكمة المنصوص عليها في المادتين 87 و88 من الدستور، ولكون الأمر المذكور يعد بمثابة تعديل لقانون هيئة النزاهة، كونها هيئة دستورية تختص في التحقيق في قضايا الفساد المالي والإداري».

وارتبطت الانتقادات القانونية والسياسية باللجنة، منذ لحظة تأسيسها، نتيجة افتقارها للغطاء الدستوري، إذ إن البلاد لديها مؤسسات دستورية لمكافحة الفساد، مثل هيئة النزاهة وديوان الرقابة المالية، إلى جانب وجود مؤسسة أمنية دستورية للتعامل مع قضايا الإرهاب. غير أن الدوائر المقربة من رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي كانت ترى أن تلك المؤسسات لم تؤدِ وظائفها بالشكل المطلوب، وظلّ ملف الفساد يتهدد الدولة ومؤسساتها منذ سنوات. ومع ذلك، تبدو الانتقادات التي وجّهت إلى لجنة أبو رغيف صحيحة في بعض الأحيان، إذ إنها قامت في بعض الأحيان باستهداف أشخاص أثبتت الأيام أن أهدافاً محددة كانت تقف وراء ذلك؛ حيث قامت اللجنة، على سبيل المثال، باعتقال زعيم حزب «الحل» جمال الكربولي بذريعة تورطه في عمليات فساد وغسل أموال. وظل الكربولي لأشهر طويلة قيد السجن والاحتجاز، ما حرمه وحرم حزبه من المشاركة في الانتخابات البرلمانية في أكتوبر (تشرين الأول) 2021، وخرج تقريباً من المعادلة السياسية، بعد أن كان أعضاء حزبه أعضاء دائمين في البرلمان والحكومة. وبمجرد انتهاء الانتخابات، أمر القضاء بالإفراج عنه بكفالة مالية بسيطة.

ورغم ذلك يبدو أن خلف كواليس اللجنة الكثير ليكشف مع مرور الوقت، خاصة لجهة العداء الذي تكنّه لها الجماعات القريبة من إيران ومنصاتها الإعلامية. والمفارقة أن قرار إلغائها والحكم بعدم دستوريتها استند إلى دعوى أقامها ضدها وكلاء المواطن حمداوي عويد معارج، وهو والد أحمد حمداوي الكناني، المتهم بقتل الخبير الأمني هشام الهاشمي. والمتهم ينتمي إلى فصيل مسلح، ويحمل رتبة ملازم في وزارة الداخلية. وكانت لجنة أبو رغيف هي من تولى عملية إلقاء القبض على الكناني، وتعرضت منذ ذلك التاريخ إلى ضغوط واتهامات كثيرة. ومن هنا، فإن أعمال اللجنة الملغاة وطبيعة وظروف تشكيلها والجهات التي قامت بملاحقتها، ستبقى محل تساؤل وغموض إلى وقت غير قصير.

ومع أن خبراء القانون يتفقون على عدم قانونية دستورية تشكيل اللجنة، فإن مراقبين يرون أنها أصبحت «جزءاً من المنافسة على السلطة، وأشبه بلعبة شطرنج بين كبار اللاعبين». وكانت لجنة أبو رغيف داهمت قبل أيام، وبمساعدة جهاز مكافحة الإرهاب، محكمة الاستئناف في الكرخ للحيلولة دون تهريب أحد المطلوبين، ما دفع القضاء إلى إصدار بيان غاضب ضد المداهمة. ويتحدث بعض المصادر في بغداد عن أن قرار إلغاء اللجنة ربما يساعد خصوم الكاظمي في سعيهم لحرمانه من ولاية ثانية لرئاسة الوزراء.

على صعيد آخر، نقلت وكالة الأنباء العراقية عن وزير الدفاع جمعة عناد أن العراق يسعى لتأسيس مرحلة جديدة في بناء قدرات قواته المسلحة. وقال عناد، خلال افتتاح معرض الأمن والدفاع في بغداد، إن «المعرض يتيح الاطلاع على آخر إنتاجات الدولة المشاركة، من صناعاتها الحربية، واختيار ما يتناسب مع الخطط الموضوعة والمعدة مسبقاً لتطوير المنظومة العسكرية». وأشار إلى «المساعي لتطوير القدرات التسليحية، بما يضاهي ما هو موجود في العالم، خاصة بعد التطور الكبير الذي شهده هذا المجال، ودخول التكنولوجيا الحديثة فيه». وتابع أن «الأمن هو العنصر الأساسي لبناء البلد، إذ إن الاستقرار يفتح أبواب الاستثمار والبناء والإعمار، ما ينتج عنه توفير فرص العمل لأبناء الوطن».