Image

شروط روسيا لوقف الحرب في أوكرانيا.. تعجيزية أم معقولة؟

فيما يحبس العالم أنفاسه قلقا من تصاعد الحرب الروسية الأوكرانية المندلعة منذ نحو أسبوعين، وما قد ينجم عنها من تداعيات إنسانية وكارثية على الأمن والاستقرار الدوليين، وما قد تفجره من صراع أوسع حول العالم.

كشف المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، الاثنين، عن الشروط لوقف الحرب فورا حال تحققها، مؤكدا أن موسكو أبلغت أوكرانيا بأنها يمكن أن توقف العمليات "في أي لحظة" إذا استجابت كييف للشروط الروسية.

وقال المتحدث باسم الكرملين: "لا بد أن تعدل أوكرانيا الدستور، وتنبذ أي مطالب بالانضمام لأي تكتل".

أما الشرط الثاني، فهو وقف العمليات العسكرية الأوكرانية تماما، كما أن روسيا ستنجز خطوة نزع السلاح في أوكرانيا، وفقا لبيسكوف.

كما أكد المتحدث باسم الكرملين، على شرط اعتراف أوكرانيا بأن شبه جزيرة القرم، أرض روسية، كما وعليها الاعتراف بدونيتسك ولوغانسك كدولتين مستقلتين.

وانقسمت آراء الخبراء والمحللين للمشهد بشأن إعلان الكرملين شروطه لوقف الحرب، بين من يعتبرها تعجيزية وتعكس نزعة توسعية لا تريد إحلال السلام وتغليب لغة الحوار، ومن يراها شروطا عادلة ومحقة، تنسجم مع سعي موسكو لضمان أمنها القومي ووقف التهديدات الأطلسية له.

وفي هذا السياق، تقول الباحثة في العلاقات الدولية والأوروبية في مدرسة الاقتصاد العليا في موسكو لانا بدفان، لـ"سكاي نيوز عربية": "هذه الشروط والضمانات الأمنية المطلوبة روسيا كانت موجودة ضمن مختلف جولات التفاوض مع أوكرانيا، ولا زالت كما هي".

وأضافت: "الكرملين منذ البداية اشترط عدم انضمام أوكرانيا لأي تكتلات وأحلاف عسكرية كحلف شمال الأطلسي الغربي، وأن تعمل على تعديل دستورها، وعلى ضرورة اعتراف كييف بإن شبه جزيرة القرم هي أرض روسية، ولذلك موسكو دوما كانت تعلن أنها ستعمل على نزع كافة أنواع الأسلحة في أوكرانيا، وفي حال موافقة الجانب الأوكراني على هذه الشروط، فهذا سيؤدي لوقف فوري لاطلاق النار والحرب، وربما لانسحاب القوات الروسية من الأراضي الأوكرانية".

وتتابع: "أوكرانيا كونها بوابة غربية على روسيا وبالعكس، لا بد من أن تكون دولة محايدة لا تتبع لا لروسيا ولا للناتو، وألا تنحاز عسكريا واقتصاديا لأي منهما".

وفي حال رفض كييف لشروط الكرملين، ترد لانا: "ستستمر بالطبع الحملة العسكرية الروسية، ومعظم المقدرات والمنشآت العسكرية الأوكرانية حسب وزارة الدفاع الروسية قد تم تدميرها بنسبة أكثر من 75 بالمئة، والقوات الأوكرانية باتت بالتالي غير قادرة على مواجهة الحملة الروسية التي تقريبا قاربت على إنجاز مهمة تجريد أوكرانيا من أسلحتها، ولهذا تعمل الدول الغربية على ضخها وإمدادها بالأسلحة البريطانية الصنع والأميركية والتركية، والتي هدفها تأجيج الصراع ومنع وقف الحرب".

من جانبه، يقول الأكاديمي والباحث السياسي خليل عزيمة في لقاء مع "سكاي نيوز عربية": "هي شروط تعجيزية ولا شك رغم انخفاض سقف المطالب الروسية عن المعتاد بداية الحرب، حيث كانت تصر موسكو آنذاك على نزع وإزالة الحكومة النازية من أوكرانيا، وهم بذلك يقصدون تحديدا الرئيس الأوكراني، وهذا التراجع نتاج فشل العملية العسكرية الروسية، وتكبد الروس خسائر فادحة في الأرواح في ظل مقاومة أوكرانية عارمة غير متوقعة من قبل روسيا، وهذا كله علاوة على العقوبات الاقتصادية الغربية ستدفع موسكو نحو التراجع أكثر فأكثر".

ويضيف: "المطالب الأوكرانية الأساسية هي وقف الحرب وانسحاب عسكري روسي فوري من الأراضي الأوكرانية، وبعد ذلك يبدأ التفاوض حول القضايا الخلافية العالقة والمتفجرة بين البلدين، فمثلا موضوع الانضمام إلى الناتو يمكن التوصل مثلا لصيغة حل وسط، مفادها انضمام كييف للاتحاد الأوروبي عوضا عن حلف الناتو".

لكن فيما يتعلق بإقليم دونباس، يرى عزيمة أن "كييف متمسكة بسيادتها عليه ولن تقبل باقتطاعها وهي ستعمل على اعطاء المزيد من اللامركزية لمنطقتي لوغانسك ودونيستك، بحيث يكون هناك وضع خاص فيهما حسب الحكومة الأوكرانية بما يشبه شكلا من الحكم الذاتي تقريبا".

أوكرانيا سترفض حتما هذه الشروط الروسية، كما يجزم الأكاديمي والباحث السياسي.

وأضاف: "هي تعول في عدم رضوخها لها على تأزم الوضع الداخلي الروسي وتأثره بالعقوبات الاقتصادية الغربية وبالمقاومة العسكرية الأوكرانية، ذلك أن روسيا في وضع صعب لا تحسد عليه تحت وطأة هذه الضغوط الكثيفة داخليا وخارجيا".