Image
  • Image
  • 11:31 2022/03/27

مجاعة غير مُعلنة تفتك بملايين اليمنيين إثر فساد الحكومة وتحكُّم الإخوان بمفاصل السلطة

تفتك مجاعة غير مُعلنة بملايين اليمنيين في عدن والمناطق المحررة، جراء استمرار ارتفاع أسعار المواد الغذائية بصورة يومية ومروّعة، وفقدان العملة الوطنية ما يزيد عن 500% من قيمتها خلال السنوات الأخيرة، في ظل تغول الفساد في الدولة إثر استئثار حزب الإصلاح "الإخوان المسلمين فرع اليمن" بها.

يأتي ذلك بالتزامن مع عدم انتظام مرتبات الموظفين الحكوميين المدنيين والعسكريين في مختلف المناطق المحررة، بعد أن فقدت ما يقارب 500% من قيمتها منذ بداية الحرب في البلاد التي دخلت عامها الثامن على التوالي، وتضييق الخناق على الموظفين النازحين وغيرهم.

في حين تواصل أسعار المواد الغذائية والاحتياجات الرمضانية تسجيل ارتفاع مستمر في عدن، خلال الأسبوعين الأخيرين بالتزامن مع قرب حلول شهر رمضان، بزيادة بلغت قرابة 30% خلال الـ48 ساعة الماضية، بحسب مصادر محلية.

وأكد سلمان سعد، وهو صاحب محل صغير لبيع المواد الغذائية، أن تجار الجملة هم من يتحكمون بالسوق بعيدا عن استقرار أو انهيار قيمة العملة الوطنية التي يتخذون منها غطاءً لجشعهم.

وقال، في حديثه لوكالة خبر، منذ مطلع مارس/ آذار الجاري وقيمة الريال السعودي تتأرجح بين 327 و330 ريالا، بينما أسعار المواد الغذائية تسجّل ارتفاعا يوميا، ولذلك يجد صاحب المحل الصغير نفسه مكرها على رفع الأسعار.

 

أمّا المواطن محمد المصلي، فيقول: "قبل أسبوعين، كان سعر صفيحة الزيت 8 لترات 19 ألفا، واليوم تجاوز 24 ألف ريال، بزيادة 5 آلاف ريال".

ويضيف، مادة الغاز أصبحت اليوم معدومة تماماً في عدن، وإن توفرت تُباع الأسطوانة 20 لتراً بطريقة استغلالية عبر تجار السوق السوداء في الأحياء الشعبية وبنحو 18 ألف ريال، بينما سعر كيس دقيق القمح اقترب من 50 ألفا. أي أن الموظف الحكومي الذي يتقاضى 60 ألف ريال راتبا شهريا لا يستطيع أن يغطي قيمة أسطوانة غاز وكيس دقيق.

ولم تحرك الحكومة ساكنا تجاه الأزمات المتصاعدة، أو تتخذ وزارة صناعتها ومكاتبها في عدن وبقية المحافظات الواقعة في نطاق سيطرتها أي خطوات جادة وملموسة لمراقبة الأسعار، خصوصا للسلع الأساسية، حيث أكد سكان عدن أن سعر قرص الرغيف والروتي بلغ 70 ريالاً بزيادة 25% خلال الشهر الجاري، وهي الزيادة التي كان قد سجلها أواخر العام 2021، مع ارتفاع سعر الريال السعودي إلى 450 ريالا، وهي ذات المعاناة الاقتصادية والسعرية التي يعاني منها مختلف سكان المناطق المحررة.

شبح المجاعة

المعاناة تخطت جميع الخطوط، وشبح "المجاعة" بات حاضراً بين أوساط ملايين اليمنيين، إلا أن فساد الحكومة اليمنية المعترف بها، والمنظمات الدولية التابعة للأمم المتحدة، ألجمهما من الإقرار رسميا بذلك، واكتفتا بالتلويح من بعيد، حيث سبق وأقرت الأخيرة، في تقارير أطلقتها منتصف مارس/ آذار الجاري، بأن نحو 20 مليون نسمة في اليمن بحاجة إلى مساعدات إنسانية، أي ثلثي السكان البالغ 30 مليون نسمة.

كما اعترفت بارتفاع نسبة المتسولين خلال القترة الأخيرة، في حين أعلن برنامج الغذاء العالمي التابع لها، اعتزامه تنفيذ تقليص جديد لأعداد المستفدين من مساعداته إلى أقل من 8 ملايين، بعد أن قلّص العدد أواخر العام الماضي 2021م، من 15 مليونا إلى 8 ملايين. وذلك بسبب تراجع الدول المانحة عن تقديم المساعدات التي تطلبها الأمم المتحدة عبر مؤتمرات سنوية، سيما بعد تورط الأخيرة بقضايا فساد ونهب ما يزيد عن 60% من إجمالي المساعدات بصورة رواتب ونثريات لموظفيها وايجار مقار وغيرها.

ومؤخرا، قدّر البنك الدولي أن حوالى ثمانية ملايين يمني فقدوا وظائفهم الحكومية والخاصة، منذ بدء الحرب في العام 2015، وبلغ معدل البطالة الرسمي بالفعل أكثر من 50% في عام 2014. ومن المرجح الآن أن يكون أعلى من ذلك بكثير.

الاستئثار بالسلطة

إلى ذلك، حذر اقتصاديون من الفساد الحكومي وتطوره حد الجريمة، في ظل تردي الوضع المعيشي والاقتصادي في البلاد.

 

وأكدوا أن المواطن اليمني الذي بات يبحث عن ما يسد رمق جوعه هو وأسرته يواجه جريمة حكومية منظمّة يقف خلفها "الفساد" الاقتصادي الذي لم تشهده البلاد منذ عقود.

ومع أن تقارير دولية حذرت في وقت مبكر من الانزلاق في هاوية المجاعة والتشظي المجتمعي، إلا أن استئثار حزب الإصلاح "الإخوان المسلمين فرع اليمن" بالسلطة والثروة خلال العقد الماضي، واتساع نفوذه وإحكام قبضته كاملة بدرجة أكبر منذ العام 2015م وحتى اللحظة، أفرغ الدولة من محتواها، وباتت تُدار بعقلية "الجماعة" غير المستشعرة للمسؤولية.

وعلى خلفية كل ذلك شهدت البلاد أكبر عملية فساد، انعكس على قيمة العملة وأسعار المواد الغذائية ورواتب الموظفين، علاوة على انعدام شبه كلي للخدمات الأساسية.

 

نقلا عن وكالة خبر