Image

يمنيون مغيبون في سجون الحوثي

كان في الطريق مسافراً إلى محافظة مأرب للحصول على جواز سفر. ودون سابق إنذار أو سبب، اعتُقل في إحدى نقاط التفتيش بتهمة عمله في الاستخبارات العسكرية، ليخلد مدة 3 أعوام في غياهب سجون الحوثي. قصة معاناة يرويها لـ"المنتصف" صالح أحمد (41 عاماً). 
 
يقول صالح: "كنتُ على متن باص نقل برفقة 8 مسافرين، وفي الطريق  استوقفتنا نقطة أمنية، حيث تم إنزالي إجبارياً مع شخص آخر من الباص، وأخذوا هواتفنا الشخصية ثم أودعونا في أحد سجون الاعتقال الممتلئة بمئات المختطفين، وبتهمة التخابر مع العدوان". 
ويتابع: "مرت أشهر، وسنة بعد سنة، ظلت عائلتي تبذل فيها جهداً كبيراً لإخراجي من المعتقل، وفي كل مرة كانت تطالب بمحاكمة عادلة والنظر إلى قضيتي بعين الحق، إلا أنها لا تجد أي استجابة. وقد كانت عائلتي تتعرض للابتزاز المالي مقابل المتابعة في قضيتي، حيث اضطرت أمي لبيع أراضي الأسرة بغرض إخراجي من السجن، فلم أخرج إلا بعد 3 سنوات".
 
ويضيف: منذ ذلك اليوم (يوم خروجي) وأنا أعيش في قلق وخوف مستمر، تلك الفاجعة أورثتني صدمة لم تكن بالحسبان، لقد مر 7 أشهر وكأن ما حدث لي كان بالأمس. 
تلك قصة لا تختلف عن عشرات القصص لشباب وكبار في السن  اختطفوا وذُهب بهم إلى غياهب السجون وسلبت حريتهم بمجرد الشبهة أو الوشاية أو تصفيات حساب. 
 
وفي هذا السياق، يقول الناشط الحقوقي القسام ناصر لـ"المنتصف" إن مئات العائلات لا يستطيعون زيارة ذويهم في مراكز الاعتقال أو حتى معرفة مصيرهم، مشيراً إلى أن هؤلاء المعتقلين يتم إدراجهم في مراكز احتجاز غير إنسانية تحرمهم  من الحصول على الرعاية الطبية وأدوات النظافة الشخصية، خصوصاً مع انتشار الأوبئة، مما حول ظروف الاحتجاز في الوقت الحالي إلى خطر حقيقي يهدد حياة جميع المعتقلين.
 
ويضيف ناصر أن للمعتقلين حقوقا أساسية، تتضمن الحق في الوصول للدعم القانوني والمحاكمات العادلة التي تحترم المعايير الدولية، وحق الاحتجاز في ظروف إنسانية تمكّن المحرومين من حريتهم من الحصول على الرعاية الطبيّة الملائمة ومستلزمات النظافة الشخصية، خصوصا مع انتشار الأوبئة.
 
انتهاكات ومخاوف
 تزداد معاناة المعتقلين تعسفًا منذ اندلاع شرارة الحرب في مارس/آذار 2015، دون وجود نظرة إنسانية صادقة، حكومية أو دولية، لهذهِ القضية؛ حيث إن معظم هؤلاء المعتقلين هم من المدنيين والصحفيين وناشطي الرأي. 
 
مع دخول الحرب عامها الثامن، تستمر معاناة مئات العائلات التي تجهل  مصير أبنائها من المدنيين الذين احتجزوا تعسفاً أو تم اعتقالهم بلا سبب على خلفية رأيهم أو انتمائهم السياسي، أو طبيعة عملهم، أو نشاطهم الحقوقي، أو انتمائهم الديني؛ حيث يقبع العديد من الناشطين والصحفيين في المعتقلات والسجون السرية بدون وجه حق، وبدون أن توجه لهم تهم صريحة أو يتم محاكمتهم بطرق عادلة. فمعظم الضحايا من المدنيين تم اعتقالهم على أثر بلاغات كاذبة، أو خارج إطار الإجراءات القانونية.
 
 منذ العام 2016، وحتى 2020، كشفت "مواطنة لحقوق الإنسان"، وهي منظمة مقرها في صنعاء، 1605 حالات اعتقال تعسّفي بتورط من مختلف أطراف النزاع. كما وثقت "رابطة أمهات المُختطفين" أكثر من ثلاثة آلاف حالة اعتقال منذ اندلاع الحرب، بينهم صحفيون ونشطاء حقوقيون؛ فيما اتهم الاتحاد الأوروبي جميع أطراف النزاع في اليمن بارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي.