Image

المليشيا أجبرت المواطنيين على التسول

تحت حرارة الشمس اللاهبة في أحد أسواق العاصمة صنعاء، الخاضعة لسيطرة مليشيات الحوثي الارهابية التابعة لايران، تقف حليمة (43 عامًا) على قدميها وسط ازدحام المارة حاضنةً ابنها ذا الـ7 أعوام ونصف العام، ومادة يدها للمارة من اجل الحصول على بعض المال لتسد بهِ رمق جوعها وأطفالها الأيتام، وتوفير تكاليف العلاج لابنها المُصاب بالسرطان الذي تحتضنهُ كل يوم في مدخل إحدى الاسواق المكتظة بالمارة.
 
"لقد بدات التسول بعد ان أجبرتني الظروف على ذلك لكونهِ الحل الوحيد لتوفير أهم متطلبات الأسرة، وذلك في ظل انعدام العمل وغياب العائل، وإستمرار حرب تقودها  مليشيا الحوثي التي دمرتنا "؛ هكذا تقول حليمة بلسانها لـ"المنتصف" 
تضيف حليمة التي اكتفت بذكر اسمها الاول فقط في حديثها لـ"المنتصف" أن ظروف الحياة أجبرتها على أن تخرج إلى الشارع بعد أن فقدت زوجها، للبحث عن لقمة العيش، وتوفير تكاليف العلاج، وتسديد إيجار الغرفة التي تسكنها في حي السنينة غربي العاصمة صنعاء.
وتتابع:  "أجلس هُنا مع طفلي المريض  وسط الشمس والريح لاكثر من 9 ساعات يوميًا من أجل الحصول على لقمة العيش وشراء الدواء، وأتعرض لمعاناة لا يعلم بها الا الله، وأحصل على مبلغ 2000 ريال واحيانًا أقل، (أي ما لا يتجاوز 4 دولارات أمريكية) بينما يجلس بقية أطفالي الثلاثة في الغرفة التي أسكنها حتى أعود لهم بما يأكلونه",
 
واقع معيشي مُخيف
 
أصبحت شوارع صنعاء والمناطق الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثي مليئةً بالمتسولين، خصوصًا في شهر رمضان، بسبب موجة الفقر وتدني مستوى الدخل؛ حيث أصبحت ظاهرة التسول امرًا عاديًا بعد مرور 7 سنوات من الانقلاب الذي نهب الناس رواتبهم وضاعف من معاناتهم، ووضعهم في واقع معيشي مخيف ينذر بحدوث مجاعة.
ويرى السكان أنهُ منذ بداية الانقلاب عمدت المليشيا إلى تجويع اليمنيين ومصادرة المساعدات الإنسانية وبيعها في السوق السوداء لتمويل ما يطلقون عليه المجهود الحربي، مشيرين إلى ان حياة الأهالي تزداد اليوم سوءاً بسبب استمرار الانقلاب والحرب وانعدام الغذاء وتردي الوضع المعيشي وارتفاع الأسعار.
 
مؤشرات خطيرة
 
أعلنت الامم المتحدة مؤخرًا ان 10 ملايين شخص في اليمن أصبحوا الآن على بعد خطوة واحدة من المجاعة، وأنها تبذل قصارى جهدها مع الشركاء لمساعدتهم، كما قالت " الامم المتحدة" ان  25.5 مليون يمني تحت خط الفقر، مؤكدة أن اليمنيين بحاجة إلى الدعم أكثر من أي وقتٍ مضى.
 
بينما تؤكد تقارير أممية أن أكثر من 19 مليون يمني يعيشون تحت خط الفقر، وقد قالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في مارس/ اذار الماضي، ان أكثر من 20 مليون شخص في اليمن ما يعادل ثلثي السكان ليس لديهم ما يأكلونه تقريبًا، في ظل حرب مدمرة دخلت عامها الثامن
 
أعداد كبيرة.
 
يرى الباحثون ان ارتفاع أعداد المتسولين في اليمن ينذر بكارثة خطيرة، ويقولون إن تلك الظاهرة تعزز من مخاوف وقوع مجاعة جماعية في اليمن؛ حيث أصبحت ظاهرة التسول من أكثر الظواهر الاجتماعية التي تنامت وبرزت بقوة مع انقلاب المليشيا الحوثية ودخولها إلى صنعاء وبقية المحافظات.
وتفيد إحصائيات بأن أعداد المتسولين في ازدياد مستمر، خصوصاً في مناطق سيطرة الانقلابيين، فيما توقع أكاديميون مختصون بقضايا السكان أن أعداد المتسولين في العاصمة صنعاء فقط في الوقت الراهن تصل إلى أكثر من 200 ألف متسول ذكوراً وإناثاً من مختلف الأعمار.
 
ويعود السبب إلى موجات النزوح الجماعي التي شهدتها صنعاء من مختلف المدن التي طالتها يد التدمير والخراب والحرب الهمجية من قبل الحوثيين، وانقطاع مصادر الدخل لدى غالبية الأسر اليمنية
 
طفولة مهدورة
 
ووفقًا لدراسة أجراها مركز الدراسات الاجتماعية وبحوث العمل في صنعاء، وصل عدد المتسولين إلى مليون ونصف المليون، أغلبهم من النساء والأطفال، لكن باحثين اجتماعيين يشكّكون في هذا الرقم، ويؤكدون أن العدد يفوق ما توصلت إليه الدراسة بكثير.
كما تشير تقديرات المجلس الأعلى للأمومة والطفولة إلى أن هناك 10 آلاف طفل وطفلة يمارسون التسول في أمانة العاصمة إلى جانب آلاف النسوة، إذ تزايدت أعدادهم بصورة جلية في الآونة الأخيرة.