Image

عدن.. معادلة "الريال والأسعار" تواصل فتكها بسكان عدن

تعيش العاصمة المؤقتة عدن مفارقة عجيبة لا يمكن تصديقها، بين حياة المسؤولين وحياة المواطنين. 
تلك المفارقة تولد حالة من "الغضب والسخط والغبن والحقد والكراهية"؛ وهي مشاعر حقيقية في نفوس من يستطيع توفير لقمة عيش لأطفاله، وهو ينظر إلى العيد القادم بخطى سريعة حاملا التزامات جديدة.
"المنتصف نت" جال في شوارع عدن وخرج بجملة من المعاناة التي تتواصل في التنامي، رغم الحراك السياسي والدبلوماسية وحياة الترف للمسؤولين العائدين من الخارج إلى المدينة.
 
انهيار وارتفاع 
عاود الريال اليمني هبوطه أمام العملات الأجنبية، اليوم، في العاصمة المؤقتة عدن، بالتزامن مع بدء القيادة الجديدة ممارسة مهامها من المدينة معززة بثلاثة مليارات دولار كدعم خليجي للمرحلة الراهنة.
وسجلت أسعار الصرف بعدن تراجعا للريال أمام الدولار في عمليات الشراء بواقع 910 ريالات للدولار، وللبيع 940 ريالا للدولار، فيما سجل الريال السعودي شراء 240 ريالا يمني، و246 ريالا بيع.
يأتي ذلك بعد أيام قليلة من تعهدات القيادة السياسية اليمنية الجديدة بالعمل على رفع معاناة الشعب، من خلال وضع معالجات لتدهور العملة، وارتفاع اسعار السلع الناتج عنها، إلا أن العكس هو ما يشهده السوق المحلي في عدن التي تعج بالمسؤولين والقيادات المتخمة بالثروات التي اكتسبتها من قوت الشعب خلال السنوات العجاف الماضية.
كما تزامن ذلك مع إحالة مجلس النواب مشروع الموازنة العامة للعام 2022، المقدرة بنحو 3 ترليونات و 645 مليار ريال، بعجز 401 مليار ريال، إلى لجنة برلمانية مختصة للتدقيق فيها قبل الموافقة عليها.
ووسط حديث، دون فعل، عن  تشكيل لجان مراقبة ميدانية لضبط التجار المتلاعبين بالأسعار، في أول اجراء ميداني للقيادة اليمنية الجديدة لخدمة الموطنين، لم يلمس المواطن أي تغيير في أسعار السلع الاستهلاكية، بل زادت حدتها ووصلت إلى مستويات غير مسبوقة.
 
أسعار عيدية
من جهة اخرى، اشتكى سكان عدن من الارتفاع الجنوني في أسعار الملابس واحتياجات العيد في أسواق المدينة، مع استمرار غياب المعالجات الحكومية والرقابة على التجار المستغلين للمناسبات.
وسجلت أسعار الملابس في أسواق عدن زيادة غير متوقعة ومفجعة أمام الأهالي الراغبين في كسوة أطفالهم في أدنى الحدود، حيث تبلغ أقل كسوة عيد طفل واحد مكونة من قطعتين وجزمة أكثر من 50 ألف ريال، من ماركة مجهولة.
ووفقا لعدد من المتسوقين في أسواق الملابس والأحذية في عدن، فإن من يمتلك خمسة أطفال لا يستطيع توفير ملابس عيدية لهم، لأنه يحتاج إلى أكثر من 300 ألف ريال على أقل تقدير، فيما الرواتب لا تتجاوز الـ 80 ألف ريال شهريا، فلا يوجد أمام رب الأسرة إلا البحث عن طرق غير شرعية لتوفير مبالغ يتمكن من خلالها الإيفاء بالتزاماته أمام أطفاله وأسرته.
وسجل "المنتصف نت" حالات سخط وتذمر عدة في أوساط المتسوقين في عدن، خلال اليومين الماضيين، خاصة في محلات الملابس والأحذية ومستلزمات العيد؛ حيث يبحث المواطن عن محلات التخفيضات التي يتم الإعلان عنها، ومع ذلك الأسعار فيها لا يمكن تصديقها وتفوق قدرة الأسرة على شرائها.
وذكر متسوقون أنهم عاجزون أمام تلك الأسعار في الحصول على الملابس بأقل سعر، لكسوة أطفالهم، وأنهم غير قادرين على توفير حتى بدلة واحدة لكل طفل، مع استمرار توقف صرف المرتبات التي لها أكثر من عام في بعض القطاعات الحكومية، والتي في حال صرفها لا يمكن أن تفي بالغرض.
وتحدث العديد منهم، في تذمر وغبن، عن الحالة التي وصلوا إليها في ظل هذه الظروف غير المحكومة من الجهات المختصة والسائبة حسب وصفهم لمن "هب ودب"، يمارس فيهم فنون الجشع والطمع والنصف والاحتيال، دون رقيب أو حسيب.
وأشار البعض منهم إلى الحياة المترفة التي يعيشها المسؤولون، والتي تم تداولها في مواقع التواصل الاجتماعي، والأخبار والتي تتحدث عن مبالغ تقدر بـ 23 مليون ريال قيمة عشاء، و100 مليون ريال قيمة قات في أول ليلة للعائدين من الرياض إلى عدن، فيما يبحث المواطن العادي عن توفير لقمة العيش في إطار وجبة واحدة لأطفاله، فيما أمور العيد في علم الغيب عند أغلب سكان عدن.
 
إنجاز القيادة 
العديد من سكان عدن عبر عن تذمره بانتقاد الحالة التي تشهدها شوارع المدينة منذ عودة القادمين من الرياض، والمتمثلة في المدرعات التي ترافق موكب كل مسؤول، والتي لا تقل عن 7 مدرعات و10 أطقم و7 صوالين مدرعة ضد الرصاص.
أحدهم قال: "كان معنا مسؤولين اثنين شلال والزبيدي يفحطون بهذه المدرعات. اليوم بات لدينا أكثر من مائة مسؤول، الله يعيننا ويخارجنا من هذه الهجمة والجعجعة بدون طحين نلمسه في تخفيض الأسعار التي تهمنا أكثر من المدرعات والهنجمة".
تلك الكلمات لخصت كل معاني الحياة والتغيير الذي لمسه المواطن في المدينة منذ عودة تلك القيادات البائسة والمتناحرة فيما بينها، والتي تجسدت في حفل أداء اليمين الدستورية، حيث كانت ستشهد مذبحة على خلفية أداء القسم والعلم الجمهوري، لولا تدخل القوات السعودية وعدد من الحكماء من أبناء الجنوب.