Image

الثورتان والوحدة.. هوية اليمنيين الخالدة

إذا كان لكل شعب أيقونته، فإن أيقونات الشعب اليمني ثلاث: ثورة السادس والعشرين من سبتمبر وثورة الرابع عشر من أكتوبر ووحدة الثاني والعشرين من مايو. لا يستطيع الإنسان اليمني الحديث عن نفسه بدون هذه الأيقونات الثلاث التي تمثل هوية ذلك الإنسان. 
 
كما أنه لا يمكن الحديث عن أي منها بمعزل عن الأخرى، فإذا كانت ثورة السادس والعشرين من سبتمبر هي الأم وهي النواة، فإن الجسد اليمني لم يكن قد أكمل تخلّقه بها وحدها، فكان لا بد من نواةٍ توأم لها، فكان الرابع عشر من أكتوبر هو الموعد. ثم جاءت الوحدة لتجعل من التوأم في الشمال والجنوب جسدا واحدا. 
 
في الذكرى التاسعة والخمسين لثورة الرابع عشر من أكتوبر، وبعد أقل من شهر على الذكرى الستين لثورة السادس والعشرين من سبتمبر، وفي ظل ما يشهده الوطن من تشرذم وخيانات متصاعدة ومستمرة، يصبح التمسك بالهوية اليمنية الخالصة التي تمثلها الثورتان الخالدتان والوحدة الخالدة هو قدر ومصير الإنسان اليمني. لأنه كما قلنا بدون تلك الأيقونات الثلاث لا يمكن للإنسان اليمني أن يتحقق من وجوده، فبدونها يصبح المعنى لا معنى والوجود لا وجود. 
 
ما يحدث من تجريف للهوية اليمنية من قبل عصابة الحوثي منذ انقلابها على الدولة، وكذا وقوف ما تسمى الشرعية عاجزة كل العجز عن المحافظة على تلك الهوية، هو أمر بالغ الخطورة. ويبدو أنه لولا رسوخ المفهوم العظيم الذي بنته ثورتا السادس والعشرين من سبتمبر والرابع عشر من أكتوبر في وجدان الإنسان اليمني لكانت هوية اليمنيين قد ذهبت أدراج الرياح. 
 
إننا هنا في هذه الذكرى نقف وقفة إكبار وإجلال لأولئك الثوار الذين بذلوا أرواحهم رخيصة في سبيل فجر الثورة ضد الكهنوت المتجسد في إمامة الشمال، ثم ضد المستعمر الغاشم في جنوب الوطن. علينا أن نعلم أجيالنا التمسك بهوية الثورتين حتى لا يستفيق اليمنيون يوما ما، لا سمح الله، بلا هوية.  
 
ولعل ما يحدث الآن من تشظيات وشرذمة لجسد الوطن يعيدنا إلى ما قبل ثورتي سبتمبر وأكتوبر. فعصابة الإمامة الجديدة لن تختلف عن إمامة يحيى حميد الدين ونجله أحمد، حيث تركت الجنوب للمحتل البريطاني واكتفت بإخضاع الشمال. كما أن التحالف، بصرف النظر عن أهدافه النبيلة التي كان قد صرح بها في بداية عملياته، سرعان ما أعجبه الوضع في المحافظات المحررة واكتفى ببسط نفوذ يتحول مع الوقت للأسف الشديد إلى ما يشبه نفوذ مستعمر، بدل أن كان يعول عليه كثيرا في إعادة الدولة والشرعية. وعلينا أن نعترف بأن الأمور على أرض الواقع لا تقول بأن التحالف مازال يتعامل بنية طيبة ونظيفة. 
 
وعليه، لا بد لليمنيين من استلهام ثورة جديدة نابعة من إمكانياتهم هم وبسواعدهم هم للقضاء على شرذمة الحوثي وألا ينتظروا من أحد أي مساعدة، لأن المساعدات أصبحت لدى هذا الطرف أو ذاك مجرد تثبيت مصالح وامتيازات. فعبد الناصر حالة استثنائية ليس لها أن تتكرر مع غيره.