Image

لديه إمكانيات هائلة - كيف سيساهم الشرق الأوسط في ثورة الهيدروجين؟

شهد العام الماضي تزايدا في زخم مشاريع الهيدروجين، لكن التقلبات المفاجئة أحدثت تغييرا، فيما أطلق عليه "سباق الهيدروجين". فعلى الصعيد الأوروبي، يعمل الاتحاد الأوروبي، الذي كان قبل عامين يمتلك خبرة تقنية كبيرة في مجال الهيدروجين، على وضع القواعد المنظمة لسوق الهيدروجين بين بلدان التكتل؛ من أجل الخروج بضمانات لتنفيذ مشاريع الهيدروجين المحلية وتحديد سلاسل التوريد الخاصة بالهيدروجين من أجل فتح مشاريع خارج التكتل.

وفي هذا الصدد، يتعاون الاتحاد الأوروبي مع دول الخليج وبلدان الشرق الأوسط، فيما يرى القائمون على هذه المشاريع أن المنطقة تزخر بإمكانيات هائلة لإنتاج الهيدروجين؛ في ضوء الأراضي الشاسعة ومصادر الطاقة المتجددة ووفرة بُني تحتية وموانئ.

ورغم أن هذه المشاريع الكبيرة تزيد من كفاءة المنطقة في سوق الهيدروجين العالمي، إلا أنها تتطلب الحذر لأن أية أخطاء في التقديرات الاستثمارية قد تتسبب في خسارة مليارات الدولارات.

وفي مقابلة مع DW، قال ألكساندر ريتشل، رئيس قسم التقنية في شركة "مصدر" للطاقة المتجددة المملوكة لحكومة الإمارات، إن الأمر يتطلب "بعض الوقت بين التوقيع على مذكرات التفاهم والقرارات النهائية للاستثمار، إذ تحتاج هذه المشاريع إلى مزيد من الوقت للتصميم والحصول على تراخيص وإبرام شراكات فيما يحتاج المشترون إلى تدابير تأمين".

وتعد شركة "مصدر" من كبار المستثمرين في مجال الهيدروجين بالشرق الأوسط وتقول إنها تنتظر وضع لوائح ذات صلة في أسواق الاستيراد وأهمها ستكون أوروبا إلى جانب اليابان وكوريا الجنوبية.

وأضاف ريتشل "قضية التمويل قد تصبح أكثر تعقيدا إذا لم يتم تحديد قواعد مهمة. لسنا بحاجة إلى انتظار كافة التفاصيل الخاصة بجميع اللوائح، لكن يتعين توضيح أهم هذه اللوائح".

انسجام أم تنافس جديد؟

ورحبت شركة "مصدر" بما ظهر من إرادة سياسية لدول آسيوية، لكنها قالت إنها مازالت تنتظر نشر خطط الحوافز المحلية، فيما قال ريتشيل "يجري الانتهاء من هذه التفاصيل وسوف يحدث ذلك ربما العام المقبل. وفي حالة حدوث ذلك، سنتمكن من المضي قدما".

وأضاف أن منطقة الشرق الأوسط تمتلك الموارد اللازمة لتلبية متطلبات سوق الهيدروجين في آسيا وأوروبا في وقت واحد.

ولا يتفق جميع الخبراء على فرضية أن غياب التنافس بين المستوردين سيؤدي إلى الانسجام، فيما يعتقد البعض أن تطور اقتصاد الهيدروجين  سينجم عنه علاقة تنافسية جديدة بين البلدان.

وفي ذلك، قال داود الأنصاري، الباحث في المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية، إن أوروبا، خاصة ألمانيا، تمتلك "تصورا خاطئا حيال سوق الهيدروجين".

وفي مقابلة مع DW أضاف: "إنهم يعتقدون أن بإمكانهم الانتظار لأنهم سوف يقررون من سينتج الهيدروجين في نهاية المطاف. لكنهم لا يدركون أن بلدانا أخرى تتحرك بوتيرة أسرع وسوف تقرر البلدان المصدرة مع من ستتعاون".

وقال الأنصاري إن سيناريو تجنب أوروبا المخاطرة قد يكون السبب وراء نهج ألمانيا الحذر، لكنه قال إن الأمر قد يحمل في طياته مخاطر أكبر، بما يشمل ارتفاعا في أسعار  الطاقة  في المستقبل.

وفي المقابل، ترى شركات من التي تركز على مشاريع الهيدروجين أن الأفق يحمل مبادرات إيجابية، خاصة في الولايات المتحدة، التي تعمل على إنشاء سلسلة توريد كاملة خاصة بتكنولوجيا الهيدروجين الأخضر داخل حدودها، وهو الأمر الذي يدفع المؤسسات الأوروبية إلى تطوير إطار عمل جذاب للحيلولة دون تمركز مقدمي التكنولوجيا عبر المحيط الأطلسي.

السباق التكنولوجي

ويرى خبراء أن التوترات الأخيرة حيال الحوافز الأمريكية كشفت عن أن التنافس لا يتعلق فقط بعمليات التسليم وإنما أيضا بتكنولوجيا الهيدروجين.

ويقول الخبراء إنه في حالة تشغيل نصف المشاريع، التي ما زالت قيد التنفيذ حاليا، فسوف ينجم عن ذلك مشاكل كبيرة في سلسلة التوريد، فيما سيلعب موردو التكنولوجيا دورا رئيسيا في أسواق الهيدروجين الناشئة.

وفي ذلك، قال كوهن إنه يتعين "تكثيف الصناعة بشكل كامل من إطار العرض، لكن هذا قد يستغرق بعض الوقت، خاصة وأن الموردين، وهم في الغالب شركات صغيرة، يقومون بضخ استثمارات عند الحصول على طلبات".

لكن تباطؤ وتيرة التطورات في هذا القطاع من شأنه أن يقلل من حدة التوترات؛ إذ سيكون أمام الشركات الوقت الكافي لتوحيد مصادر العناصر الجديدة اللازمة لإنتاج الهيدروجين، خاصة  المحللات الكهربائية والمحولات.

وقد تلعب دول أخرى مثل الصين دورا في مجال سلاسل التوريد، فيما يتوقع خبراء أن تصب  السياسات الأمريكية الأخيرة،  وخصوصا قانون خفض التضخم، في صالح سلاسل التوريد.

ويرى الخبراء أن وضع الاتحاد الأوروبي إطارا تنظيميا لسوق الهيدروجين سيمهد الطريق أمام ضخ استثمارات في أوروبا.

وفي هذا الصدد، قال كوهن إنه خلال "العامين المقبلين، سيقرر اللاعبون الدور الذي يرغبون في لعبه في مجال الهيدروجين وفي مجال تحول الطاقة، لكني أتوقع حدوث اضطرابات كما حدث في مشروعات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح قبل عشر سنوات".