Image

جريمة جامع دار الرئاسة.. استباحة كل المحرمات

دينيا، ارتكب المجرمون في جامع دار الرئاسة جريمة نكراء في استباحتهم الشهر الحرام (رجب) واليوم الحرام (الجمعة) وبيتا من بيوت الله (مسجدا)، وفوق هذا ما تمثله جمعة رجب من دلالة ومكانة دينية بالنسبة لليمنيين. كل هذه المحرمات تجاوزها المجرمون دفعة واحدة، ما يجعلها شناعة من الدرجة الأولى. 
 
عرفيا، كانت جريمة جامع دار الرئاسة من البشاعة بحيث لم يستطع حتى منفذوها والمخططون لها ومؤيدوها أن يبرروها لدى المجتمع. فالإدانة كانت واسعة، واستهجان الجريمة كان موقفا موحدا.
 
لقد نظر المجتمع إليها أنها تجاوزت كل الخطوط الحمراء. فالعداء مهما كان مستعرا في صدر شخص ما، أو أشخاص أو فئة، هناك خطوط حمراء لا يمكن تجاوزها، ولا يقدم على مثل تلك الخطوة إلا معتدون إجراميون يستهدفون نسيج المجتمع ذاته وثوابته، لأن ذلك معناه أن صدعا كبيرا حدث للمجتمع نفسه رجعل منه مجتمعا بلا ضوابط. 
 
قانونيا، استهداف رؤوس الدولة بعملية تفجيرية ممنهجة ومخطط لها وعن سابق إصرار، وفي مكان هم فيه آمنون بين يدي خالقهم، هو اعتداء على الدولة نفسها وعلى القانون نفسه وقضاء تام على مفهوم الدولة. 
 
أخلاقيا، من يقدم على مثل هكذا جريمة غادرة، لا يحملون في أنفسهم ذرة رجولة ولا ذرة أخلاق أصلا. وإلا لو كانوا كما يقولون لخاصموا بشرف ولاحتكموا إلى الدين والعرف والقانون والأخلاق. لكن حقدهم وجبنهم وخساستهم كان هو الوقود الذي يحركهم للإجهاز على البلد. فاستهداف قادة الدولة هو استهداف للدولة والبلد. 
 
إنه من أكبر الاستهدافات العدائية التي لم تشهدها اليمن من قبل، تشارك فيه المتشدقون باسم الدين وباسم العرف وباسم القانون وباسم الأخلاق. 
 
وبرغم فداحة الجريمة وعظيم المصاب، إلا أن الرئيس صالح ظهر برباطة جأش في تسجيل صوتي ليطمئن شعبه بأنه ما يزال على قيد الحياة، موجهاً رسائل للبعيد قبل القريب، رغم الوجع والألم، بعدم الانجرار للدم، وعدم إطلاق رصاصة واحدة مهما كانت النتيجة.
 
اليوم وبعد 12 عاما من هذه الذكرى الأليمة، اتضحت خيوط الجريمة الإرهابية، وانكشف التحالف الخفي لأيادي الشر المتربصة باليمن، أدوات إيران والإخوان، ممثلة بمليشيات الحوثي وحزب الإصلاح.
 
إن جريمة تفجير جامع دار الرئاسة في أول جمعة من شهر رجب المحرم لهي أكبر جريمة في تاريخ اليمن المعاصر، حيث استباحت كل المحرمات. وبالتالي المجرمون من الإخوان والحوثيين هم المشروع الشيطاني الذي اتخذ من الدين ستاراً وقرر أن يكون هدفه الدين والدولة معا، في عملية جسدت دموية الجماعتين ووحشيتهما ونقمتهما على اليمن واليمنيين.