Image

غسيل أموال وسحب على المكشوف .. تقرير يتهم مليشيات الحوثي بتدمير القطاع المصرفي اليمني

اتهم تقرير صادر عن "مبادرة استعادة"، مليشيا الحوثي الارهابية المدعومة ايرانيا، بتدمير القطاع المصرفي في اليمن، من خلال تنفيذها عمليات غسيل أموال ونهب للأموال من البنوك والمؤسسات المصرفية.


وأشار التقرير، إلى أن 20 قيادياً حوثياً تسببوا في أزمة السيولة النقدية الحادة، وإفلاس عدد من البنوك التجارية والتسبب في فقدان المودعين الثقة بالبنوك نتيجة للاستيلاء على الودائع بالعملة المحلية والأجنبية.

وأكد التقرير الذي حمل عنوان "تدمير الحوثي للقطاع المصرفي- غسل ونهب الأموال"، ان عناصر مليشيات الحوثي الحقت الضرر الكبير والخطير بالقطاع المصرفي منذ العام 2015، ما اضطره للعمل في بيئة صعبة تتّسم بالكثير من التحديات.

سحب أموال المودعين
وأوضح التقرير أن مليشيا الحوثي سحبت 1,134 تريليون ريال والمتمثلة بقيمة أرصدة الحسابات الجارية للبنوك التجارية والإسلامية لدى البنك المركزي اليمني خلال الفترة 2015م حتى 2022م لتمويل انقلابها على الدولة ، مبينة أن تلك المليارات من أموال المودعين ولا يستطيعون السحب منها في البنوك اليمنية.
وتناول التقرير بالوثائق، استغلال مليشيا الحوثي انقلابها للسيطرة الكاملة على القطاع المصرفي وتدميره واستبداله بمنشآت صرافة ساعدت عناصرها الارهابية في حصولها على تمويلات من الخارج والتحايل على إجراءات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب

ووفقا للتقرير فأن القيادات الحوثية استهدفت القطاع الخاص وعلى رأسها البنوك عبر إصدار عدد من التعليمات لعناصرها من بينها "منع الفوائد واجبار البنوك على التخلي عن دورها المصرفي"، كاشفاً عن إنشاء المليشيا أكثر من ألف شركة تجارية جزء كبير منها بأسماء وهمية ووثائق ومستندات مزورة من أجل التحايل على القرارات الحكومية والأممية التي كانت تعزز من إجراءات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب والتهرب من الملاحقة وتجميد الأموال ضمن أي عقوبات أممية أو دولية.

شركات وهمية
وأفاد التقرير بأن بعض هذه الشركات الوهمية تعمل في استيراد الوقود والأغذية والأدوية ومعدات عسكرية وتقنية وغيرها والتي فرضت على البنوك التعامل معها للتغطية على عمليات الاستيراد وإخفاء الملاك الحقيقيين لهذه الشركات، وأطراف الصفقات، لافتاً إلى أن أغلب الأشخاص وهميون ولا علاقة لهم بالتجارة ولم يسبق لهم العمل في مجال التجارة أو الاستيراد، كما أجبرت البنوك على فتح حسابات لهذه الشركات والأشخاص الوهميين.
وفضح التقرير، استيلاء المليشيا الحوثية على أكثر من 2000 حساب خاص لدى البنوك الأهلية والتجارية بتوجيه من وكيل المحكمة الجزائية الانقلابية بينهم 35 برلمانياً، كما حجزت حسابات 1223 شخصاً، مقدرة قيمة الأموال المنهوبة التي تعود لحسابات المودعين بمليار دولار خلال الفترة من نوفمبر 2017 م حتى ديسمبر 2022م بما نسبته 80% من أجمالي المودعين.

الحرب الاقتصادية
ويشير التقرير إلى أن القطاع المصرفي تأثّر بالحرب الاقتصادية التي تشنّها مليشيا الحوثي ابتداءً بمنع تداول العملة الوطنية، ما فاقم من أزمة السيولة النقدية، إضافة إلى إجبار البنوك على عدم التعامل مع البنك المركزي بعدن أو التعميم للمنظّمات الدولية بعدم التعامل مع عدد من البنوك بذريعة ارتباطاتها بالبنك المركزي بعدن.

ويلفت إلى القيود والتعسّفات الحوثية، واستخدام مليشيا الحوثي للقطاع المصرفي لغسل الأموال ونهبها، وإقرار قوانين غير دستورية لتجميد حسابات البنوك ومصادرة فوائد الودائع والودائع نفسها، ومنع البنوك من تحصيل أي شكل من أشكال الفوائد على أغلب العمليات المصرفية، ما يسرّع من عملية إفلاس البنوك خلال الفترة المقبلة.
وأفاد التقرير أن تلك التصرفات الحوثية تسببت في أزمة سيولة نقدية ودفعت بالبنوك التجارية لسحب أموال على المكشوف، والاستثمار في أدوات الدين العام، مشيرة إلى أن المليشيا بددت الاحتياطيات القانونية للبنوك التجارية والإسلامية الموجودة لدى البنك المركزي في صنعاء، ورفعت بشكل مفرط أرصدة الحسابات الجارية للبنوك التجارية والإسلامية دون السماح بالسحب من تلك الأرصدة.
واستعرض التقرير جملة من الانتهاكات الحوثية المصرفية من بينها تحصيل إيرادات الدولة وتوريدها إلى حسابات خاصة خارج البنك المركزي في صنعاء، وتضخيم نفقات عملياتها العسكرية تحت مسمى (مجهود حربي)، وتصفير الاحتياطيات الخارجية للبنك المركزي اليمني من خلال تسييل أرصدة البنك في الخارج لصالح التجار والمستوردين الموالين لها، إلغاء الموارد والقوانين الجوهرية المصرفية.

خسائر تراكمية
وفيما يتعلق بالنتائج السلبية التي تسببت بها المليشيا الحوثية على المصارف أوضح التقرير أن ذلك أدى إلى الانكماش الاقتصادي وانخفض الناتج المحلي الاجمالي إلى 20 مليار دولار في عام 2022 مقارنة مع 43.2 مليار دولار عام 2014 م، فيما بلغت إجمالي خسائر اليمن التراكمية في انخفاض الناتج القومي مبلغ 143.3 مليار دولار خلال الفترة (2015-2022)، وهذه الخسائر مرشحة للارتفاع في ظل استمرار الانقلاب الحوثي، لافتة إلى أن دخل الفرد سنوياً انخفض من حوالى 1287 دولاراً عام 2014م إلى 385 دولاراً عام 2022م بمعدل تغير تراكمي 70% مما ينذر بانزلاق مزيد من المواطنين تحت خط الفقر الوطني المقدر بـ 600 دولار للفرد في العام.

عدم ثقة خارجية
وأوضح التقرير، بأن الالتزامات الخارجية للبنوك التجارية والاسلامية بلغت 9.55 مليون دولار نهاية العام 2022، مقارنة بمبلغ 8.182 مليون دولار العام 2014، بفارق نقص 26.126 مليون دولار نتيجة انعدام ثقة القطاع المصرفي الخارجي،  نتيجة سيطرة مليشيا الحوثي على القطاع المصرفي اليمني.

كما اوضح التقرير، بأن الميزانية الموحدة للبنوك، أظهرت أن اجمال الأصول الخارجية للبنوك بلغت في العام 2022، 904 مليارات ريال، بنسبة 17 %من إجمالي أصول البنوك، الأمر الذي يرفع من المخاطر، ويقلص دور البنوك في التبادل التجاري، ما أدى الى ارتفاع عجز الميزان التجاري، ما أدى إلى ارتفاع ميزان العجز التجاري، والذي ينعكس على استقرار سعر صرف الريال اليمني ويضاعف من الأزمة الإنسانية.
ووفقا للتقرير، فإن سيطرة مليشيا الحوثي على العاصمة صنعاء التي تقع فيها معظم مراكز البنوك، جعل البنوك غير قادرة على تعزيز حساباتها في الخارج، او فتح حسابات جديدة بسبب قيام كثير من المؤسسات النقدية العالمية برفع تصنيف مخاطر اليمن، الأمر الذي ينعكس سلبا على البنوك اليمنية، حيث وضعت مجموعة العمل المالي (فاتف) اليمن ضمن أخطر ثالث دول في مخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب، كما قامت دول كثيرة بإدراج مؤسسات مالية يمنية ضمن قوائم الحظر لديها.

وأشار التقرير، إلى انه في الأوضاع الطبيعة لا يتعدى رصيد الحسابات الجارية للبنوك طرف البنك المركزي 5% من إجمالي قيمة الودائع التي تستخدم في  عمليات المقاصة بين البنوك، بينما ارتفعت إلى 1.39 تريليون ريال في 2022م، مقارنة مع 302 مليار ريال في 2014م، وبنسبة زيادة بلغت 363 %،  ما يرفع من حجم مخاطر وفاء البنوك بالتزاماتها تجاه المودعين، وتمويل استيراد السلع والخدمات.

كارثة حقيقية
وأفاد التقرير، بأنه ومن خلال المراجعة وتحليل أرقام القوائم المالية الموحدة للبنوك، كما في ديسمبر 2022م، ظهرت حجم الكارثة التي تواجه البنوك، فقد تبينت أن الأموال الحية المتوفرة لدى البنوك لا تساوي سوى 10 % من حقوق المودعين، بينما تستولي مليشيات الحوثي على 90 % من حقوق المودعين، تم الاستلاء عليها مع سيطرتها على البنك المركزي في صنعاء، حيث بلغ الرصيد النقدي في خزائن البنوك في ديسمبر 2020م ، نحو 397 مليار ريال، وهذا الرقم ضعيف إذا ما قورن بحقوق المودعين التي بلغت في نفس التاريخ  3.81 تريليون ريال، في ظل افلاس كثير من القطاعات مما أدى الى احجام المدينيين للبنوك عن السداد نتيجة تعثرات مالية كبيرة.
ويذكر التقرير، بأن ارتفاع رصيد الحساب الجاري خلال السنوات الثلاث الأخيرة يدل على ارتفاع حجم الأموال التي تسيطر عليها مليشيا الحوثي، والخاصة بالبنوك عند تعاملها مع البنك المركزي في صنعاء، ما أدى إلى ارتفاع الأموال المجمدة لدى المليشيا في بنك صنعاء إلى 1.13 تريليون ريال، والتي تشكل 30 % من قيمة الودائع تحت مسمى أرصدة البنوك.

وأكد التقرير، بأنه عند تطبيق مليشيا الحوثي ما يسمى بقانون المعاملات الربوية وتحويل أرصدة استثمارات البنوك في أدوات الدين العام (أذون خزانة + صكوك إسلامية + إعادة الشراء)، إلى حسابات جارية جديدة مجمدة قيمتها 1.92 تريليون ريال،  سترتفع حجم الأموال المجمدة والمنهوبة إلى 3.06 تريليون ريال ما يشكل نسبة 80 %من أموال المودعين.

مؤشر خطير
وأشار التقرير، إلى ان حجم القروض المقدمة للقطاع الخاص وصل في العام 2022 إلى 337 مليار ريال بانخفاض بمعدل 35 % عن العام 2014 ، الأمر الذي يظهر تدني كفاءة القطاع الخاص على الاقتراض من البنوك بسبب عدم قدرة البنوك على ضخ مزيد من الأموال وجذب أموال مودعين جديدة لتطوير الاستثمارات الداخلية، وعلى العكس تماما، ارتفع مخصص الديون المشكوك فيها في العام 2022م ، ليصبح 263 مليار ريال، بزيادة عن العام 2014م ، وهذه نتيجة طبيعية لإفلاس كثير من القطاعات الاقتصادية خاصة في قطاع المقاولات الانشائية، حيث رفضت مليشيا الحوثي سداد أي مستحقات او مستخلصات لكثير من التزاماتها تجاه القطاع الخاص في مناطق سيطرتها.
وأكد التقرير، ان انخفاض رصيد صافي القروض والتسهيلات المصنفة الى 63.4 مليار ريال، مؤشر خطير لعدم مقدرة المقترضين من البنوك التجارية والاسلامية سداد التزاماتهم .

توصيات
وأوصى التقرير، القيادة والحكومة اليمنية بتسهيل نقل مراكز البنوك إلى مناطق الشرعية وتهيئة المناخ المناسب لها لتمارس أعمالها بعيدا عن ضغوط الحوثية، وتفعيل دور اللجنة الاقتصادية في دعم البنوك ووضع السياسات النقدية المالية،
كما أوصى بتفعيل أداء اللجنة الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب ووحدة جمع المعلومات، مشدداً على ضرورة نقل المنظمات الدولية أرصدتها إلى البنوك العاملة في المناطق المحررة عبر البنك المركزي في عدن وإلزامها بالتقيد بالإجراءات المصرفية القانونية.