أبناء اليمن والتدمير الذاتي !

05:15 2023/09/12

قال لي أحد حكماء جامعة صنعاء:
" إن ظلم اليمنيين لأنفسهم منذ عشر سنوات فقط، قد فاق كثيرًا ظلم الظالمين منذ بدء البشرية حتى قيام الساعة "..

فذكرني هذا برأي ابن بطوطة في رحلته الشهيرة، وهو يقول:
" رأيت أبناء اليمن في مكة، فإذا هم أكثر الناس حديثًا عن الإسلام، إلا أنهم أبعد الناس أفعالًا عنه "..

وهذا الازدواج الفكري والسلوكي قد ترجم نفسه على إمتداد تاريخي، وحضاري، بلغ ألفًا وأربعمائة سنة، غير أنه في ذروته في زمننا الراهن..

فجميعنا كبشر نخضع لقاعدة ربانية واحدة لا استثناء فيها، ألا وهي،
"فمنا من يسبح الله طوعًا (الخير) فالجنة مثواه، ومنا من يسبح الله كرهًا (الشر) فالنار مثواه"..

فالحياة كلها قائمة على حتمية فلسفية تتلخص في صراع أبدي بين ثنائية المقدس، والمدنس، شئنا أم أبينا، والمسؤول الأول، والأخير عن نتيجة هذا الصراع الجدلي هو " العقل " الذي أصبح خليفة الله في كل الأفعال البشرية..

وما يحدث الآن في الجمهورية اليمنية شمالًا وجنوبا من تجويع متعمد، وإذلال مشهود، وإفقار ممنهج، وظلم مدبر، وتدمير للمؤسسات، وارتهان للأجنبي، ومصادرة للعقل والمعرفة، وتعظيم للجهل والخرافة، وغير ذلك كثييييير . كل هذا يعتبر من أعظم الكوارث البشرية على الإطلاق وفق سيمفونية عالمية، وحتمية شيطانية.

فدول العالم تعانق السحاب في إبداع العلوم والمعارف والفنون، بينما نحن  اليمنيين، نتفنن، ونتمرغ جيلًا بعد جيل في كل أنواع الجهالات، والغوايات، بدءً بنهب المال العام، وانتهاءً بقتل النفس المحرمة ..

فصنعاء باتت موطن المستعمر السري،
وعدن، تنزف بخنجر شرعي.أما حضرموت فمطمع، وأما تعز فمرتع،
والحديدة صديد في أفواه الأرانب،
ومأرب برميل متفجر في أتون المحارق.

وحسبنا الله ونعم الوكيل مما يفعله اليمنيون بأنفسهم !

فهل من مدكر ؟

 

__ أستاذ اللسانيات والترجمة بجامعة صنعاء