Image

انتفاضة ديسمبر المباركة في ذكراها السادسة من أجل..توفير الأمن والحماية للملاحة الدولية في البحر الأحمر وباب المندب

ـ منذ المؤامرة على الانتفاضة وقائدها الشهيد الصالح بات المضيق غير آمنًا. 
ـ الاستفاقة المتأخرة للعالم لن تمنع إيران من تنفيذ مخططها البحري

تعيش المياه الدولية لليمن على صفيح ساخن، في ظل استمرار سيطرة مليشيات الحوثي الإيرانية، بالقرب من سواحل البحر الأحمر والمطلة على باب المندب أحد أهم الممرات المائية في العالم بالنسبة للتجارة والطاقة الدولية.
ومنذ الاعلان عن تشكيل تلك المليشيات في صعدة من قبل ايران مطلع الألفية الحالية، ظلت حكومات اليمن في عهد الرئيس الشهيد الزعيم علي عبدالله صالح، تحذِّر من مساعي ايران بالنسبة لتهديد الملاحة الدولية في باب المندب، لكن لم يكن المجتمع الدولي يستمع.
تلك التحذيرات ارتفعت حدتها منذ فوضى 2011م، وزادت حدتها عقب انقلاب مليشيات الحوثي 2014م، من قبل الرئيس الشهيد الصالح رغم خروجه من السلطة، إلا ان المسؤولية التي تحتم عليه كزعيم وسياسي يلتف حوله الشعب اليمني، دفعته لمواصلة تلك التحذيرات لدول المنطقة والعالم، ومع ذلك ظلت تلك التحذيرات لا تلقى أي صدى دولي او اقليمي.
ومنذ انقلاب الحوثيين في سبتمبر 2014م، تحمَّل الرئيس الشهد الصالح وحزبه مسؤولية حماية المؤسسات الحكومية من أي عبث ونهب، رغم المؤامرة الإقليمية والدولية التي استخدمت فيها ذراع ايران "الحوثي"، وتنظيم الاخوان الارهابي لتنفيذها، التي استهدفت اليمن وشخص الرئيس الصالح ذاته.
ورغم ذلك ظل الرئيس الصالح يضطلع بمسئولياتها التي دأب عليها ابان توليه الحكم في اليمن، في احترام المواثيق والمعاهدات الدولية بمختلف المجالات ومنها حماية الملاحة الدولية في المياه الإقليمية اليمنية، وكذا مكافحة القرصنة التي كانت تهدد الملاحة في البحرين العربي والأحمر من قبل القراصنة الصومال في نهاية القرن الماضي ومطلع الالفية الحالية.

استباحة الملاحة 
وعقب استشهاد الرئيس الزعيم الصالح، ورفقائه في ديسمبر 2017، استباحت مليشيات الحوثي ذراع ايران في اليمن، طرق الملاحة الدولية في البحرين الاحمر والعربي وباب المندب على وجه التحديد، ونفذت فيه العديد من عمليات القرصنة وشن الهجمات ونشر الاسلحة والعناصر الإرهابية التي مازالت تهدد الملاحة الدولية.
ودفعت ايران بخبرائها واسلحتها إلى المناطق المخاضة لسيطرة ذرعها في اليمن خاصة القريبة من باب المندب، فشهدت المنطقة توترات أمنية ما أدى لتضييق إجباري لباب المندب، لتبدأ التخوفات من تغيير خريطة الحركة التجارية والملاحية، في ظل تلك الهجمات والتحركات الايرانية والتي كانت أخرها القرصنة على السفينة التجارية اليابانية "غالاكسي ليدر" بحجة دعم المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة.
وفي هذا الاطار تؤكد تقارير دولية حديثة، بأن باب المندب عقب تهديدات الحوثيين ومن خلفهم ايران، وتنفيذ عملية القرصنة تجاه السفينة اليابانية التجارية، لم يعد المضيق مفتوحا بشكل آمن أمام حركة الملاحة الدولية.
وسبق عملية القرصنة الاخيرة ضد السفينة التي ادعت المليشيات انها اسرائيلية، نفذت ذراع ايران هجمات طالت سفن تجارية واخرى عسكرية في البحر الأحمر، ما دفع الولايات المتحدة والمجتمع الدولي إلى ارسال مزيد من القوات لحماية ممر الملاحة الدولية قبالة اليمن، ومنها القوات المشتركة المسماة الفرقة 150 هي واحدة من خمس فرق تابعة لأكبر شراكة بحرية متعددة الجنسيات في العالم تتكون من 38 دولة ومقرها البحرين، يتركز عملها في حماية الأمن البحري في خليج عمان والبحر العربي والمحيط الهندي.

استقدام الصهاينة 
وشكلت القرصنة والهجمات الحوثية الاخيرة التي حولت مياه البحر الاحمر وباب المندب إلى ساحة حرب، حجة وذريعة لاسرائيل للدفاع بقوات بحرية إلى البحر الأحمر بينها بوارج بحرية، متخذة من ادعاءات الحوثيين شن هجمات عليها بالصواريخ والمسيرات.
وكما حذر الرئيس الشهيد الزعيم الصالح، من مساعي القوى المعادية للأمة العربية والاسلامية للسيطرة على ممراتها المائية، باتت اسرائيل اليوم بفضل الحوثيين متواجدة في أهم تلك الممرات المائية "باب المندب".
وتتمثل أهمية مضيق باب المندب في أنه أحد أهم الممرات المائية في العالم، وأكثرها احتضانا للسفن العابرة من الشرق إلى الغرب والعكس، ويربط باب المندب بين البحر الأحمر وخليج عدن، الذي تمر منه كل عام 25 ألف سفينة تمثل 7% من الملاحة العالمية، وتزيد أهميته بسبب ارتباطه بقناة السويس وممر مضيق هرمز.
وحسب مراقبين، فإن إغلاق مضيق باب المندب سيجبر الناقلات النفطية على الدوران حول رأس الرجاء الصالح، بمسافة إضافية قدرها ستة آلاف ميل بحري لكي يتحقق إيصال النفط إلى البحر الأبيض المتوسط وأوروبا.
ومضيق باب المندب هو الشريان الأساسي لتوريدات نفط الخليج إلى أوروبا وأنحاء العالم من خلال قناة السويس، ويمر عبره أكثر من 21 ألف سفينة سنويا، محملة بشتى أنواع البضائع.
ويمر من خلال مضيق باب المندب ما يربو على 4.7 ملايين برميل نفط خام يوميا، تمثل نحو 5.4% من إجمالي إنتاج العالم من الذهب الأسود، وفق تقديرات إدارة معلومات الطاقة الأميركية.

التضييق على اليمنيين 
وسعت ايران من خلال ذراعها مليشيات الحوثي عبر تهديدها وشنها هجمات وتنفيذ عمليات قرصنة ضد السفن التجارية في البحر الأحمر وباب المندب، للتضييق على اليمنيين في معيشتها حيث تمثل تلك الملاحة في البحر الأحمر شريان لوصول السلع والبضائع خاصة القمح والارز والسلع الاساسية الأخرى والتي يعتمد عليها 80 بالمائة من سكان اليمن في غذائهم اليومي.
وتوقع خبراء اقتصاد، بأن أي اغلاق لمضيق باب المندب، سيحول دون وصول سفن البضائع وناقلات النفط إلى موانئ اليمن في الحديدة التي تشكل أهم الموانئ التجارية لليمنيين، ما سيؤدي إلى غياب وندرة البضائع في الاسواق المحلية اليمنية، وارتفاع اسعارها فوق ما تشهده من اسعار مرتفعة حاليا، الأمر الذي سيقود لحدوث أزمة غذاء خطيرة قد تصل إلى حدوث مجاعة في مناطق عدة باليمن.
ويرى الخبراء إلى ان التصعيد الحالي في البحر الاحمر وباب المندب، سيؤدي إلى ارتفاع قيمة التأمين على البواخر التي تمر عبر المضيق ومنها تلك التي تحمل الغذاء والدواء ومشتقات النفط إلى اليمن، والنتيجة ارتفاع مضاعف في أسعار هذه السلع سيتحمل عبئها اليمنيون.

انتفاضة الحماية  
ظل الرئيس الشهيد الزعيم علي عبدالله صالح، يحمل مسؤولية حماية الملاحة في البحر الاحمر وباب المندب والبحر العربي، لما تشكله من أهمية خاصة بالنسبة لحياة اليمنيين، إلى جانب أهميتها بالنسبة لدول المنطقة والعالم، حيث يمر فيها أهم المضايق المائية الدولية المتمثلة في باب المندب.
ورغم استمرار تحذيراته من محاولة ايران السيطرة على باب المندب للتحكم بطرق التجارة والطاقة الدولية التي تمر عبره، إلى جانب تحكمها بمضيق هرمز في الخليج وبذلك تكون مسيطرة ومتحكمة بالتجارة العالمية، الا ان ذلك لم يلق أي تجاوب من قبل الاقليم والعالم، خاصة بعد الكشف مخططات ايران عقب انقلاب الحوثيين ذراعها في اليمن.
وفي هذا الاطار وعقب فشل جميع التحذيرات والدعوات لحماية الملاحة الدولية في باب المندب والبحرين الاحمر والعربي، من المخطط الايراني الخبيث، اعلن الرئيس الشهيد الصالح انتفاضة مسلحة ضد التواجد الايراني في اليمن من خلال ذراعها مليشيات الحوثي في العاصمة صنعاء، حتى استشهد على مبدأ الحماية لليمن وابنائه والمنطقة والعالم المتمثلة بحماية طرق التجارة والملاحة في المسطحات المائية اليمنية.

من وصايا زعيم الانتفاضة 
ورغم تلك التهديدات التي تشكلها اليوم ايران من خلال ذراعها الحوثي في اليمن على الأمن والاستقرار في البلاد ومحيطها، فإن الرئيس الشهيد الزعيم الصالح، وضعها أحد الوصايا العشر التي اطلقها خلال الانتفاضة ودعا اليمنيين للحفاظ عليها والعمل على تنفيذها.
وطالب الزعيم في احد وصاياه العشر، الشعب بالحفاظ على الأمن والاستقرار ليس في اليمن فقط، بل في محيط أمنه القومي وعلى راسها مياه اليمن الاقليمية المتمثلة في البحرين الاحمر والعربي وباب المندب، استشعارا منه بالمسؤولية ومتوقعا لما ستؤول اليه الأوضاع في حال تركت ذراع ايران تعبث باليمن ومقدراته، والتي ستنعكس بلا شك على المحيط الاقليمي وتشكل تهديدا على الملاحة الدولية في البحر الاحمر وباب المندب.
يذكر ان اليمن في عهد الزعيم الصالح، كانت حريصة على سلامة أمن الملاحة البحرية في البحر الاحمر ومضيق باب المندب الاستراتيجي الهام، وحريصة أيضاً بأن تظل مياه ذلك الممر المائي بعيداً عن أي صراعات أو تحشيد عسكري، وأن يبقى ممراً آمناً للملاحة البحرية الدولية وللتجارة العالمية.
وعمل خلال الاعوام التي هددت فيها القرصنة الصومالية الملاحة الدولية في تلك المناطق، على إدانة تلك الظاهرة التي شكلت تهديدا جديا على أمن وسلامة الملاحة البحرية في أهم الممرات المائية الدولية، كما عمل اليمن على مساعدة التوجهات الدولية لمكافحة ظاهرة القرصنة حينها.
وطالب اليمن عبر الأمم المتحدة ومجلس الأمن حينها، المجتمع الدولي للوقوف أمام تنامي ظاهرة القرصنة، مؤكدًا في الوقت ذاته دعم اليمن للجهود الدولية والإقليمية لمكافحة هذه الظاهرة وضرورة ان تتقيد تلك الجهود بقواعد القانون الدولي ذات الصلة باحترام سيادة الدول على أراضيها ومياهها الإقليمية.
وسعت اليمن في العام 2008، إلى عقد اجتماع تشاوري للدول العربية المشاطئة للبحر الأحمر والذي عقد في القاهرة في 20 نوفمبر من ذات العام، برئاسة يمنية – مصرية، إلى توفير حماية للملاحة الدولية وأمن البحر الأحمر وخليج عدن، وهو ما أكد عليه البيان الختامي للاجتماع.
واليوم وفي ظل الفوضى وغياب الدولة في اليمن جراء احداث 2011م وانقلاب الحوثي في 2014، انقلبت الأمور وتبدلت الأحوال بات اليمن يوصم بأنه مصدر يهدد الملاحة الدولية، ويشكل خطرا على طرق التجارية والطاقة الدولية، والتي ستكون لها أثار كارثية على اليمن قبل أي دولة أخرى، من خلال فرض أعباءا إضافية على اليمن علاوة على الأعباء الاقتصادية والاجتماعية والصحية التي تعيشها البلاد.
ومن تلك الاعباء التي تم التحذير منها سابقا، تحول المناطق المحاذية للسواحل مرتعا للجماعات الارهابية وتدفق المخدرات وتهريب الممنوعات، فضلًا عن تجنب السفن التجارية وشركات الملاحة الدولية من الدخول الى الموانئ اليمنية الا بوجود تأمين بحري كبير وهو ما سينعكس على الاوضاع الاقتصادية وتوفير السلع والبضائع في الاسواق اليمنية المعتمدة على الاستيراد بشكل كبير خاصة في مواد القمح والدقيق والارز والسكر والزيوت والحليب وغيرها من المواد الاساسية.