Image

في ذكرى جريمة تفجير جامع دار الرئاسة في صنعاء .. استهداف هرم سلطة ونظامها للوصول إلى تفكيك النسيج الاجتماعي اليمني .

بعد مرور 13 عامًا على ارتكاب الجريمة الإرهابية الكبرى في اليمن، المتمثلة بجريمة استهداف جامع دار الرئاسة في العاصمة صنعاء، ومحاولة اغتيال قيادات الدولة اليمنية، بمن فيهم الرئيس علي عبدالله صالح حينها، تتواصل انكشاف خيوط الجريمة ومخططها الذي شمل تدمير كيان الدولة ونظامها والاتيان على رموزها، وصولًا إلى تدمير نسيجها الاجتماعي.

تصفية قيادات أمنية
ومنذ ارتكاب جريمة جامع دار الرئاسة في الثالث من يونيو 2011، تواصل المخطط الهادف إلى تصفية رموز وقيادات الدولة في اطار محاولة إسقاط النظام، من خلال سفك الدماء اليمنية الطاهرة بعد فشل مخطط التظاهرات والاعتصامات في الساحات، فكانت بداية ذلك من خلال جريمة ما سمى بجمعة الكرامة في 18 مارس 2011، وصولًا إلى جريمة جامع دار الرئاسة، والتي فشلت نتيجة تضامن والتفاف ابناء الشعب بفئاته الاجتماعية المختلفة حول نظامه ورموز دولته حينها.
وبعد فشلها في تلك المحاولات لجأت إلى المراوغة السياسية من خلال القبول بالمبادرة الخليجية، والتي حصلت بموجبها على السلطة لتنفيذ بقية المخطط والمؤامرة، لتشهد حقبة ما بعد توقيع المبادرة وتسليم السلطة للرئيس عبدربه منصور هادي، عمليات الاغتيال لتصفية قيادات الدولة الامنية والعسكرية طالت أكثر من 163 قياديًا بارزًا في جهازي الأمن السياسي والقومي، في محاولة لطمس المعلومات وآثار جرائم الساحات وجريمة جامع دار الرئاسة.

حماية النسيج الاجتماعي
لقد شكّلت جريمة جامع دار الرئاسة وقبلها جريمة جمعة 18 مارس، وما تلاها من جرائم اغتيال، عوامل مجتمعة هدفها زعزعة النسيج الاجتماعي اليمني، ونقلها من مرحلة التصالح مع ذاته وقياداته ونظامه، إلى مرحلة الاقتتال والفوضى الدموية فيما بين أبناء الوطن الواحد وهو ما تحقق لهم منذ انقلاب الحوثيين في 2014.
لقد وقف الرئيس الشهيد الزعيم علي عبدالله صالح منذ الوهلة الاولى لحادث تفجير جامع دار الرئاسة، سدًا منيعًا أمام مؤامرة ومخطط الإرهاب التدميري للأطراف الدولية والإقليمية والمحلية التي نفّذت الجريمة والجرائم التي تلتها وسبقتها، من خلال مطالبة قيادة الجيش وأبنائه وأُسرته وعشيرته وقبيلته بعدم الرد على جريمة الجامع، حيث نطق بالحكمة اليمنية "ما دام انتم بخير فأنا بخير" هكذا طمئن الجميع عنه وعن النظام والدولة، فحمى النسيج الاجتماعي اليمني من الاقتتال للثأر.

وتستمر الجريمة 
ورغم تلك الحكمة التي تجسدت في شخص الزعيم الصالح، مرتين الأولى بوقف الرد على جريمة جامع دار الرئاسة، والثانية بتوقيعه على المبادرة الخليجية وتسليمه للسلطة سلميا، إلا أن المخطط تواصل واستمرت الجماعات الإرهابية بتنفيذه تحت إشراف وتمويل خارجي.
فرغم صدور مخرجات الحوار الوطني وموافقة الجميع عليها، إلا أنها لم تكن متناسبة مع أهداف مخطط التآمر ضد اليمن، فتم الانقلاب عليها من قبل جماعة الحوثي الإيرانية بالتنسيق مع حزب الاصلاح تنظيم الاخوان، طرفي تنفيذ المخطط التآمري الرئيسيين إلى جانب عدد من الجهات والشخصيات، وبدات مرحلة سفك الدماء وتدمير النسيج الاجتماعي.

جريمة 2017
وظلت المؤامرة قائمة ضد رموز الدولة اليمنية الحديثة ممثلة بشخص الرئيس الشهيد الزعيم علي عبدالله صالح، الذي رسمت من اجله مخطط جريمة جامع الرئاسة، وافشلت في سبيل الوصول اليه جميع بوادر الحلول من مبادرة خليجية ومؤتمر حوار، وصولًا إلى تنفيذ انقلاب 2014 واستقدام التحالف العربي، حتى تمكنت قوى الشر الداخلية والخارجية من تفجير الصراع داخل العاصمة صنعاء.
عندها وقف الرئيس الشهيد الصالح، مدافعًا عن النظام الجمهوري ومبادئ واهداف الثورة اليمنية ومؤسسة الدولة، وقاتل مع الشرفاء من ابناء اليمن الذين كانوا من حوله حتى استشهد في ديسمبر 2017، حيث توقع الجميع بأن ينتهي مخطط تدمير اليمن لكنهم كانوا واهمين. فالرئيس الصالح كان الهدف الأول الذي يقف أمام استكمال تدمير اليمن.
فالمخطط شمل تفجير السفين خلال عرض عسكري، وتفجير جامع الحشوش بصنعاء، واغتيال وتصفية قيادات عسكرية وطنية امثال عدنان الحمادي في تعز، والشدادي في مأرب وقبلهم القشيبي في عمران، واليافعي وسالم قطن في عدن، مرورا بعدد من القيادات الوطنية العسكرية والسياسية بمن فيهم قيادات حوثية معتدلة مثل احمد شرف الدين، والمتوكل وغيرهم من القيادات الحوثية التي تم تصفيتها في اطار المخطط.

دلائل واضحة
لقد شكلت عملية الإفراج عن المتهمين بجريمة دار الرئاسة من قبل مليشيات الحوثي الارهابية في العام 2019، اكبر حقيقية مؤكدة بأن الجريمة نفذت بمشاركة تلك الجماعة الإيرانية التي تنفذ أخطر بنود المخطط المؤامرة على اليمن على الإطلاق.
ومن خلال تلك العملية برزت حقيقة التحالف جليًا بين جماعتي الإخوان والحوثيين بعد عملية الإفراج عن خمسة من المتهمين بالجريمة وتسليمهم لقيادات في حزب الإصلاح ضمن ما اسميت بعملية تبادل أسرى بين الجانبين، فيما حقيقة ذلك يأتي في اطار تنفيذ المخطط.
وقد كشفت عملية الإفراج عن المتهمين بقضية تفجير جامع دار الرئاسة، عن مشهد جديد في مسار التعاون الخفي الذي يدار من وراء الكواليس بين الطرفين اللذين يزعمان أنهما عدوان لبعضهما: مليشيات الحوثي وحزب الإصلاح.

احتقان في انتظار الحل
تلك العملية التي ولّدت احتقانًا بين قيادات في حزب المؤتمر الشعبي العام وقيادات وطنية عدة، ومليشيات الحوثي في مناطق سيطرتها، كادت ان تفجر اقتتالًا في اطار النسيج الاجتماعي اليمني، قبل أن يتم احتوائها من قبل العقلاء في صنعاء ومناطق اخرى، لتبقى كامنة في انتظار ساعة الحسم والخلاص، وفقًا لمصادر يمنية متعددة.
ورغم ما تعيشه البلاد من نتوءات إرهابية متنوعة جراء حروب الحوثيين والإخوان ضد اليمنيين، وما آلت إليه الأوضاع نحو مزيد من التدهور في شتى المجالات خاصة الاقتصادية والمعيشية جراء ما تمارسه مليشيات الحوثي، بتأييد من الإخوان ضد سفن الملاحة الدولية في البحر الأحمر، تبقى الآمال معقودة بأن يأتي أشخاص وطنيين يعملون على ترميم البيت اليمني، وكشف ما تبقى من المخطط ضد اليمن، والوقوف ضده بحل الخلافات بطرق يمنية خالصة.
ما لم ستبقى عملية تدمير اليمن مستمرة، وتزداد توسعًا خاصة وأنها دخلت مرحلة استهداف الملاحة وبدء عمليات جوية لقوات دولية بقيادة أمريكية – بريطانية، المتهمتين بالتنسيق والمشاركة في المحافظة على الحوثيين في اطار التنسيق مع إيران.
ولا يسعنا مع كل ذكرى للجريمة والجرائم ضد اليمن، إلا أن نترحم على الرئيس الشهيد الزعيم علي عبدالله صالح والاستاذ المناضل عبدالعزيز عبدالغني وجميع شهداء تفجير جامع دار الرئاسة وجميع شهداء اليمن الأبرار..
ولا نامت أعين الجبناء والخونة والعملاء والمتآمرين والحاقدين الإرهابيين تجار الحروب.