وقت طهران المناسب لم يعد مؤجلاً في البحرين الأحمر والعربي

02:52 2024/01/29

"سنرد في الوقت المناسب" عبارة مطاطية اعتادت طهران إطلاقها عقب كل عملية اغتيال أو قصف إسرائيلي يستهدف قواتها وقياداتها العسكرية، وسواءً تم تنفيذ مثل هذه العمليات في الداخل الإيراني أو بلدان أخرى كالعراق وسوريا ولبنان، فإن وقت طهران المناسب لا يتجاوز حدود وعدها المطاطي بالرد الذي يحرص حرس إيران الثوري على صبغه بالتهديد والوعيد لحفظ ماء الوجه والتظاهر أمام الإيرانيين وأمام أدواته وأذرعه في المنطقة بامتلاك القوة والقدرة على الرد الذي سرعان ما يتحول إلى مراسم عزاء ومناسبات للعويل تتجدد كل عام.

وفي الوقت الذي تحول وقت طهران المناسب إلى وعنوان لأجنداتها السياسية والعسكرية، ووعداً يضاف إلى وعود الثأر المتوارثة جيلاً بعد جيل، وموعداً لمنتظرٍ جديدٍ يتم الاستناد في تأجيل زمانه على ثقافة متأصلة في المذهب الشيعي، يتجه نظام ملالي طهران نحو التنصل من وعود الرد التي ظل يطلقها من وقتٍ لآخر وإيكال مسئولية تنفيذها لأدواته وأذرعه فيما يسمى بمحور المقاومة الذي توجهه طهران وتقف خلف عملياته العسكرية في عدة دول عربية.

الرد الإيراني ووقت طهران المناسب الذي طالما ظل عبارة مطاطية، تحول اليوم إلى فعل عسكري تقوم بتنفيذه من خلال أدواتها وأذرعها في المنطقة وبإشراف ميداني من قبل ضباط وخبراء في حرسها الثوري، وهم من يخططون ويديرون الهجمات الإرهابية التي تشنها مليشيا الحوثي ضد الملاحة الدولية من خلال استهداف السفن التجارية في البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن، وتحرص طهران على أن يبدو فعلاً حوثياً لا علاقة لها به ولا يحظى بدعمها ورعايتها، متناسية تصريحات مسئوليها -عقب انقلاب جماعة الحوثي على الدولة واستيلائها على المؤسسات بقوة السلاح- والتي أكدوا فيها أن طهران أصبحت تسيطر على أربع عواصم عربية.

حرص إيران وتنصلها من العمليات التي ينفذها ذراعها الحوثي في اليمن وادعائها بعدم وقوفها ودعمها لما تقوم به المليشيا سرعان ما بدأ يتهاوى، ليس من خلال تزايد الهجمات الحوثية على السفن التجارية، وإنما من خلال اتساع خارطة تنفيذ عمليات الاستهداف التي خرجت عن نطاق البحر الأحمر وباب المندب وأصبحت تغطي خليج عدن وبحر العرب ووصلت إلى مناطق قبالة سواحل سلطنة عُمان، ما يشير إلى وقوف طهران وراء عمليات الاستهداف التي تزداد اقتراباً من سواحل إيران ومناطق سيطرة قواتها البحرية.

ووفقاً لمراقبين فإن استهداف سفينة أمبري البريطانية للأمن البحري -يوم السبت- من قبل مسلحين يستقلون زوارق قبالة صلالة العمانية، يؤكد ضلوع طهران المباشر في إدارة وتنفيذ مثل هذه الهجمات، مشيرين إلى أن إيران تسعى من خلال توجيه عناصر مسلحة لاستهداف السفن في خليج عدن والبحر العربي، لتعزيز موقف مليشيا الحوثي وتصويرها على انها أصبحت تمتلك من القوة ما يمكنها من تنفيذ عمليات عسكرية على بعد آلاف الأميال البحرية.

ونوهوا إلى أن ما شهدته المنطقة الممتدة من خليج عدن إلى البحر العربي والمحيط الهندي من عمليات استهدفت سفناً تجارية، بالتزامن مع الهجمات التي تشنها مليشيا الحوثي في البحر الأحمر، تشير في مجملها إلى وقوف إيران وراء عمليات استهداف الملاحة الدولية والتي تأتي في اطار سيناريو يحاكي سيناريو استهداف الملاحة الذي نفذته طهران إبان حرب الخليج الأولى.