Image

حمدوك يستبعد حل أزمة السودان عسكريا

استبعد رئيس الوزراء السوداني السابق عبدالله حمدوك حل الأزمة في بلاده من طريق القوة العسكرية، مشدداً على أهمية الحلول التفاوضية وأهمها "الاجتماع التأسيسي للقوى المدنية" في إنهاء الصراع الدائر بين الجيش وقوات "الدعم السريع".

وقال حمدوك في مقابلة مع قناة "الشرق"، أمس الأحد "نعتقد جازمين أنه ليس هناك حل عسكري للأزمة، والحل يجب أن يكون متفاوضاً عليه، ويبدأ بتشاور واسع بين السودانيين"، مضيفاً "ويجب أن يتم ضمن ما سميناه الاجتماع التأسيسي الذي يضم القوى الديمقراطية التي تسعى إلى ايقاف الحرب واستعادة التحول المدني الديمقراطي".

ورجح رئيس الوزراء السابق أن يعقد المؤتمر التأسيسي لتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية "تقدم"، الذي سبق تأجيله أكثر من مرة، الشهر المقبل، كما كشف عن وجود اتصالات مع قائد الجيش رئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان، معرباً عن أمله في أن تتوج تلك الاتصالات بـ"لقاء قريب لدفع جهود حل الأزمة السودانية".

وأشار رئيس الوزراء السابق الذي كان يترأس وفداً لتنسيقية "تقدم" في القمة الأفريقية بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا، إلى أن اللقاءات التي عقدها على هامش القمة مع مختلف المسؤولين الأفارقة والغربيين، أتاحت الفرصة لشرح القضية السودانية وتقديم تصور متكامل لرؤية التنسيقية لحل الأزمة السودانية.

وكشف حمدوك عن وجود اتصالات مع كل من قائد الجيش السوداني عبدالفتاح البرهان وقائد قوات "الدعم السريع" محمد حمدان دقلو "حميدتي"، الذي قال إنه التقاه في أديس أبابا في وقت سابق، ووقع إلى جانبه على "إعلان أديس أبابا".

وأكد رئيس الوزراء السابق أنه ما زال يتواصل مع قائد الجيش. وقال "نتمنى ونطمح لأن يستجيب لأن نلتقي معه للتشاور في حل هذه الأزمة التي طالت، والمتضرر الأساس منها هو المواطن السوداني". وأكد حمدوك وجود اتصالات هاتفية مع البرهان. أضاف "أعتقد أنه من الممكن أن تثمر عن لقاء مباشر بيننا".

وعن الأسباب التي أدت إلى تأجيل المؤتمر التأسيسي لتنسيقية "تقدم"، أوضح حمدوك "نحن أحرص ناس على قيام هذا المؤتمر، لأنه سيعمل على ترتيب أوضاع السودان، لكن في الوقت نفسه ليس من أهدافنا أن نعقد مؤتمراً بأي شكل".

وأضاف حمدوك في حديثه لـ"الشرق" أن التنسيقية ترغب في عقد "مؤتمر ناجح تتوفر له المشاركة الواسعة". وتابع "نحن نعمل في ظروف وتحديات كبيرة جداً، لذلك التحضير الجيد والصبر على هذه المسألة، حتى يأتي المؤتمر بمشاركة واسعة، وينجح في معالجة القضايا الأساسية للسودان".

واعتبر رئيس الوزراء السابق أن التنسيقية تطمح لأن يعقد المؤتمر في الشهر المقبل. وقال "نؤكد تماماً أننا حريصون على عقد هذا المؤتمر، وليس هناك أي أسباب تحول دون ذلك سوى الحرص على التحضير الجيد لنخرج بالنتائج المرجوة التي تستجيب لتطلعات السودانيين".

ويعيش السودان قتالاً مدمراً بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" منذ منتصف أبريل (نيسان) الماضي، مما أسفر عن تداعيات كارثية على المستويين السياسي والاقتصادي، إضافة إلى دمار واسع في البنية التحتية، وتردي المنظومة الصحية، وتهديد الأمن الغذائي للملايين من المواطنين.

وتسبب النزاع بكارثة إنسانية، إذ يحتاج إلى نحو 25 مليون شخص، أي ما يعادل أكثر من نصف السكان، إلى المساعدات، بينهم نحو 18 مليوناً يواجهون انعداماً حاداً للأمن الغذائي، وفق بيانات الأمم المتحدة.

وفي هذا الصدد، أشار حمدوك إلى أنه "وجد آذاناً صاغية" من كل القادة الذين التقاهم على هامش القمة الأفريقية، مؤكداً أن السودان يمر "بأزمة كارثية في كل شيء"، كما حذَّر من أن "شبح المجاعة يخيم على كل البلاد". وتابع "أوصلنا لهم ذلك، وطالبنا بضرورة إيصال المعونات الإنسانية لكل السودانيين من كل المداخل، ووجدنا تجاوباً كاملاً واستجابة من القادة الأفارقة، ومن خارج القارة لهذا الطرح".

وحذرت منظمة الصحة العالمية، الأسبوع الماضي، من أن مناطق نزاع في السودان معرضة لخطر مجاعة "كارثية" بين أبريل ويوليو (تموز) المقبلين، وهي "فترة عجاف" بين موسمي الحصاد، في وقت يكافح الملايين هناك من أجل إطعام أنفسهم.

وخلال الفترة العجاف، أي الفترة التي تسبق الحصاد مباشرة، والتي تستنفد فيها الحبوب من المحصول السابق، ترتفع أسعار المواد الغذائية بصورة كبيرة مع خفض المخزونات.

ويتعرض الأطفال الذين يعانون نقصاً في التغذية لخطر متزايد للوفاة، بسبب أمراض مثل الإسهال والالتهاب الرئوي والحصبة، خصوصاً في سياق يفتقرون فيه إلى خدمات صحية حيوية.

ومن المرتقب أن تعقد فرنسا مؤتمراً دولياً لتسليط الضوء على هذه "الأزمة الخطرة للغاية"، منتصف أبريل المقبل. وقال وزير الخارجية ستيفان سيجورنيه ينبغي أن يتيح المؤتمر جمع التمويل اللازم للسودان.

ووجهت الأمم المتحدة وشركاؤها نداء لجمع 4.1 مليار دولار في السابع من فبراير (شباط) الجاري للاستجابة للحاجات الإنسانية الأكثر إلحاحاً للمدنيين، بما في ذلك أكثر من 1.6 مليون شخص اضطروا إلى الفرار للبلدان المجاورة.