Image

بعد اختطاف 280 طالباً... حزن وصدمة يخيمان على قرية نيجيرية

تروي مريم عثمان (11 عاماً): «في البداية اعتقدنا أنهم جنود وبدأنا نحييهم ونهتف الله معكم، ثم فهمت من الطلقة الأولى في الهواء أنهم في الواقع قطاع طرق جاءوا لخطف التلاميذ من مدرستهم في شمال نيجيريا».

رشيدات حمزة التي اختطف أطفالها الخمسة من مدرستهم الابتدائية تم تصويرها في منزلها في كوريجا بولاية كادونا (نيجيريا). ورشيدات حمزة في حالة يأس. جميع أطفالها الستة باستثناء واحد هم من بين ما يقرب من 300 طالب تم اختطافهم من مدرستهم في شمال غربي نيجيريا الذي مزقته الصراعات (أ.ب)

كانت الفتاة وطلبة آخرون في مدرسة كوريغا قد دخلوا فصولهم نحو الساعة الثامنة صباح الخميس، عندما اقتحم عشرات المسلحين المدرسة الواقعة في قرية زراعية على بعد 100 كيلومتر من مدينة كادونا، بحسب روايات عدة شهود.

امرأة تصلي من أجل طلاب المدرسة المختطفين في كوريجا بولاية كادونا (أ.ب)

تمكنت مريم عثمان من الفرار سريعاً، وهو ما لم يتسن لجميع رفاقها. في ذلك اليوم، خطف قطاع الطرق أكثر من 280 طالباً من بين ألف طفل وشاب في المدرسة.

وهذه هي أحدث عملية خطف جماعي في أكبر دولة في أفريقيا من حيث عدد السكان، حيث يستهدف قطاع الطرق ضحاياهم بانتظام في المدارس وأماكن العبادة والطرق السريعة للحصول على فدية.

كانت عملية الاختطاف التي وقعت يوم الخميس واحدة فقط من ثلاث عمليات اختطاف جماعي في شمال نيجيريا منذ أواخر الأسبوع الماضي وهو تذكير الأزمة الأمنية التي ابتليت بها أكبر دولة في أفريقيا من حيث عدد السكان (أ.ب)

تنقسم مدرسة كوريغا إلى قسمين، واحد للتعليم الابتدائي وآخر للثانوي، يتشاركان مباني غير مسيجة وقاعات دراسية في حالة سيئة.

وأثناء إطلاق النار، لجأ البعض، ومن بينهم مريم عثمان، إلى داخل المنازل المجاورة، لكن المهاجمين طاردوهم وأجبروهم على خروج بالركلات والسياط، بحسب الفتاة الصغيرة.

تقول مريم لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» وهي تبكي خارج منزلها: «أمسك أحد الرجال بحجابي وبدأ يجرني على الأرض. تمكنت من خلع حجابي والهرب».

تنتظر الأمهات أخباراً عن طلاب مدرسة كوريجا المختطفين في كادونا (نيجيريا) (أ.ب)

خطف وعنف

كان مصطفى أبو بكر (18 عاماً) واحداً ممن خطفهم المهاجمون واقتادوهم إلى الغابة، لكن طالب المدرسة الثانوية تمكن من الفرار.

يقول الشاب الذي لا يزال يعاني من الصدمة لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «مشينا لساعات في الحر الشديد حتى شعرنا بالإرهاق والعطش».

ويؤكد أن قطاع الطرق خطفوا فتيات أكثر من الأولاد.

يوضح مصطفى أنه في ثلاث مناسبات، حلقت طائرة مقاتلة فوقهم، لكن في كل مرة، كان خاطفوهم يطلبون منهم الاستلقاء على الأرض، ويأمرونهم بخلع قمصانهم المدرسية البيضاء حتى لا يتم تمييزهم.

يضيف الشاب: «ما زلت أعاني من الهلوسة في الليل. أسمع أصوات الدراجات النارية خارج منزلي، وكأنهم قادمون لاختطافي».

أثناء الهجوم، أمسك عضو قوة الحماية المحلية في القرية جبريل أحمد بندقية الصيد الخاصة به لمواجهة المهاجمين مع أعضاء آخرين في قوة الدفاع الذاتي.

وهو يؤكد أن الحراس حاولوا صد الهجوم لكن «أصيب أحدنا برصاصة في الرأس، بينما أصيب آخر في ساقه».

منظر عام لمدرسة كوريجا حيث اختطف مسلحون أكثر من 250 تلميذاً أرسل الرئيس النيجيري بولا أحمد تينوبو في 8 مارس 2024 قوات لإنقاذ الطلاب المخطوفين في واحدة من أكبر عمليات الاختطاف الجماعي منذ ثلاث سنوات (أ.ف.ب)

عاجزون

شاهد العديد من أولياء الأمور بلا حول ولا قوة الهجوم على المدرسة، متوسلين المهاجمين لإطلاق سراح أطفالهم.

في منزل مختار القرية، تقول أمينة عبد الله التي خطف طفلاها: «لم نتمكن من فعل أي شيء والآن لا نعرف ما الذي يمر به أطفالنا».

أما حارس المدرسة عبد الله موسى (76 عاماً) فقد خطفه بدوره قطاع طرق من مزرعته خارج كوريغا، وأطلقوا سراحه قبل يومين من عملية الخطف الجماعي. ويقول: «لقد أخذوا الأطفال من المدرسة إلى الأدغال، مثل الرعاة مع مواشيهم».

كان المدرس ساني حسن يتناول وجبة الإفطار في مطعم قريب من المدرسة عندما تعرضت مدرسته للهجوم.

ورأى من بعيد أحد زملائه يُقتاد مع «عدد كبير من الطلاب»، ويشرح: «كنت في حالة من الصدمة، وشاهدت في رعب. كان الأمر سريالياً».

وعملية الخطف التي وقعت الخميس في ولاية كادونا هي الثانية خلال أسبوع في أكبر دولة أفريقية من حيث عدد السكان تستهدف فيها العصابات الإجرامية المدججة بالسلاح ضحايا باستمرار في قرى ومدارس وكنائس أو على الطرق السريعة، للحصول على فدية.

وقال مدرس وعدد من السكان لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: إن «250 طالباً على الأقل وربما 280، خُطفوا. وأكدت السلطات المحلية في كادونا وقوع عملية الخطف في مدرسة كوريغا، لكنها لم تحدد عدد الطلاب المختطفين الذي يتم تقديره حالياً.

وجاءت هذه العملية بعد أيام على خطف أكثر من مائة امرأة وطفل الأسبوع الماضي في مخيم للنازحين في ولاية بورنو (شمال غرب) على يد مسلحين».