الإرهاب المبيت، والحلم الإسرائيلي .

06:26 2024/03/19

من يقرا كتاب "مكان تحت الشمس" لأسطورة الإرهاب العالمي، والإجرام التاريخي بنيامين نتنياهو سيكتشف أن ما قام به هذا الإرهابي من جرائم إبادة جماعية للفلسطينين حتى الآن لا يعد شيئاً أمام ما أفصح عنه في كتابه.

خلاصة ما يحتويه كتابه "مكان تحت الشمس" أنه في سبيل إيجاد هذا المكان الذي يتمثل بإقامة دولة إسرائيل لا يوجد أي مانع في استخدام كل السبل الكفيلة بتثبيت دولة إسرائيل حتى إن كانت إبادة كل الشعب الفلسطيني عن بكرته، ولتذهب إلى الجحيم الشرعية الدولية وقوانينها، والأخلاق الإنسانية ودعاتها.

يا سادة: إن ما يقوم به اسطورة الإرهاب التاريخي نتنياهو في فلسطين اليوم من إرهاب وإجرام ليس إلا الهدف الأكبر، وحلم حياته، ومشروعه العمري .. بل هدف وحلم جده نتان ميلايكوبسكي الذي يفتخر به لكونه من اعضاء الحركة الصهيونية ومن الذين يقولون ويفعلون حد قوله:
" كان جدي الحاخام نتان ميلايكوبسكي الذي تجند للحركة الصهيونية في شبابه في عقد التسعينيات من العقد الماضي واحدا من عدد لا يعد ولا يحصى من المتحمسين لهذه البشرى، واصبح أحد مبشري الحركة الرئيسين، ونشر مبادئها بين اليهود في شرق سيبرييا حتى مينوسوتا في الولايات المتحـدة الأمريكيـة.
وبعد فترة من الوقت، في عام ١٩٢٠، اثبت أنه ليس من الذين يقولون ولا يفعلون، بل يقول ويفعل فقد حمل عائلته الكبيرة، وأبحر من ترايست إلى حيفا، واستوطن في "أرض إسرائيل".
انني احتفظ بصورة لـه بـصفته عـضوا في أحـد المـؤمترات الـصهيونية الاولى، وتعود الصورة إلى المؤتمر الصهيوني الثامن الذي عقد في لاهاي عام 1907، وكــان جـدي آنـذاك، في الــسابعة  والعشرين من عمره، وكان ذلك أول مؤتمر يشارك فيه، وفي نفس المؤتمر آنذاك شارك حاييمام فايتسمان، الذي اصبح بعد بضع سنوات، رئيسا لـلـهـستدروت الـصهيونية العالميـة، وفـي ما بعـد صار أول رئــيس لدولــة إسرائيــل.. انظر كتابه "مكان تحت الشمس" صـ (79).
إذن لا يجب أن ننتظر من نتنياهو تراجعاً عن إجرامه المبيت والمعلن عنه في مشروعه السياسي والديني المتمثل بإقامة دولة إسرائيل الحاضنة للقومية اليهودية وحدها دون وجود أية قومية أخرى تشاركها الأرض حد ما صرح به في طيات كتابه.

أحياناً نجد من يقول أن حركة حماس هي التي تسببت في دفع إسرائيل إلى إرتكاب هذا الإرهاب غير المسبوق في التاريخ البشري ضد الفلسطينيين.
غير إني أقول لمن يعتقد بذلك: إن الحقيقة تكمن في أن الإرهاب الإسرائيلي كان مبيتا، وما أقدمت عليه حماس بعملية طوفان الأقصى فقط إنما سرع بتنفيذ ذلك الإرهاب.
في كتاب "الأمير" الذي يعد واحداً من أهم الكتب التي غيرت مجرى القواعد السياسية في التاريخ يقول ميكيافيللي:
الحروب لا يمكن تجنبها لكن يمكن تأجيلها.
وحرب إسرائيل على غزة القائمة، وعلى دول الطوق في المستقبل تندرج تحت قاعدة ميكيافللي التي أشرت إليها أعلاه.
حرب نتنياهو على غزة ربما كان يمكن تأجيلها لكن لا يمكن تجنبها وكانت ستأتي بأي لحظة، وعلى هذا الأساس لا ينبغي توجيه اللوم إلى حركة حماس.
إن من يقرأ كتاب نتنياهو سيجد أن الأخير يرى نفسه قد تأخر كثيراً في تحقيق حلم حياته وهدف أجداده في تثبيت مكان الصهاينة تحت الشمس.
كما سيكتشف القارئ أن الصهيونية قد أعدت كل السبل والوسائل والطرق التي تضمن لها إقامة دولتها على أرض فلسطين بدليل أن 
الإرهاب والاجرام الإسرائيلي الذي نشاهده اليوم تجاوز كل أشكال الحروب التاريخية وأعرافها، وفي المقابل سقطت حتى النزعات الإنسانية والأخلاقية سقوطا غير مسبوق في التاريخ البشري بالمواقف المخزية لدول العالم قاطبة.
يذبح الأطفال والنساء والشيوخ، وقادة دول العالم يشاهدون ذلك لكأنهم يشاهدون أفلاماً هوليوودية، وليس حقائق على الأرض.
انتهت كلية النخوة والكرامة الإنسانيتين من الذات الإنسانية، وخاصة من الإنسان المسلم وعلى نحو أخص إنتهتا وماتتا في وجدان قادات دول العالمين العربي والإسلامي.

اعتقدت على حين مخادعة لوعيِّ أن إسرائيل قد تتوقف خلال أيام شهر رمضان عن مواصلة جرائم الإرهاب والإبادة الجماعية لإخواننا في غزة، ولكن ذيل المجرم، ونفسيته وشهيته للإجرام يستحيل عليه الاعتدل، فهاهي تزداد أكثر ضراوة ووحشية فلم يمر يوم من شهر الله الكريم حتى الآن دونما أن يشهد ذبحا للأطفال الأبرياء وكبار السن والنساء الفاقدات كل حيل النجاة والحياة.
إذن.. فليس سوى إكمال إنجاز المشروع الكبير لإقامة دولة إسرائيل في مرحلته الأولى ... وهي مرحلة يراها نتنياهو قد تأخرت كثيراً وتحتم الضرورة عليه أن يحمل دون غيره من قيادات الكيان الصهيوني عبء إنجازها والمتمثلة بتطهير أرض فلسطين من كل عربي مسلم، ومن ثم الشروع في شق قناة النقب أو قناة العقبة التي تربط خليج العقبة بالبحر الأبيض المتوسط.
ليس بعيداً أن يكون المستهدف في المرحلة الثانية المسيحيين الذين ربما تتشفع لهم الدول الراعية لإسرائيل بالبقاء ولكنه سيكون بقاءً بشروط دولة الصهاينة.
أما في المرحلة الثالثة فلا شك ستكون مرحلة تأمين دولة إسرائيل من خلال توسعة مساحتها على حساب دول الطوق وبعض مساحات دول ما وراء الطوق.

يرى الصهاينة اليوم أن كل الظروف سواء في الشرق الأوسط أو على الأصعدة العالمية مهيئة كل التهيئة لإقامة دولتهم، ولتذهب القيم والأخلاق والقوانين الدولية والسماوية إلى الجحيم.
ولأن الصهيونية لا أخلاق لها فسوف تمارس كل الوسائل التي تحقق لها غايتها الكبيرة وهي وجود دولة إسرائيل بشكل نهائي، ويكفي أنها الكيان الوحيد الذي قتل من الصحافيين أعداداً لم يسبق أن شهدته أي حرب في العصر الحديث، بل إنه أقدم يوم أمس على أسر مجاميع كبيرة واهانتها واذلالها دون أي احترام لحقوقهم المعلنة في القوانين واللوائح الدولية... لماذا...؟
الجواب، في سبيل إسرائيل، هكذا يسيغون ويسولون لأنفسهم المبررات.
طبعاً هم يتعرون أكثر أمام شعوب العالم  لكن ذلك لا يهمهم... فالحلم أكبر.
إن السقوط الأخلاقي، وعدم احترام القوانين والتشريعات الدولية ليس حكراً فقط على الصهاينة ودولتهم اللأخلاقية.. لهذا لا يستحوون أدنى استحياء حيث يشاركهم فيه ربما الجميع دون استثناء.. يشاركهم فيه أسياد الديمقراطية الغربية وأكبر دول العالم المتقدمة، ويشاركهم فيه قادات ودول العالم العربي والإسلامي.. يشاركونهم بذلك السقوط إما بالدعم او بالحياد أو بالصمت مما يمارسونه من إرهاب واجرام معلن ومفضوح.