زيارة أردوغان لبغداد، قراءة في تطورات كردستان

06:32 2024/03/19

تعد زيارة السيد رجب طيب أردوغان للعراق في شهر أبريل القادم أول زيارة لرئيس تركي للعراق منذ زيارة توركوت أوزال لبغداد
وبعيدا عن الملفات التقليدية المطروحة للنقاش مثل ملف الأمن والمياه وطريق التنمية فإن الجار التركي محكوم بعلاقته مع العراق رغم كل ما يقال في الإعلام بقدر لا يستهان به من تراكمات التاريخ والمصالح فتركيا لا زالت تعتقد بأن بعضا من العراق مرتبط بالجغرافية السياسية وخصوصا وان الحزب الحاكم فيها يرتكز إلى جذور من الإسلام السياسي السني في المنطقة.
صحيح أن بغداد المنقسمة تطمح إلى مقايضة الأمن بالمياه وطريق التنمية شبه الخيالي بانسحاب تركي من العراق ولكن أظن أنه نوع من الأحلام بسب تعقيدات الوضع السياسي العراقي وتشابكه مع أجندات إقليمية معروفة لذا؛ فإن الزائر التركي سوف لن يفرط بعلاقته الممتازة مع أربيل وخصوصا مع قيادة البارزاني والتي تعاني من تأزم واختلال كبير في علاقتها مع المركز في بغداد.
هناك حقيقة أن الرئيس التركي المعروف ببراغماتية ليس لها حدود سوف يسمع بغداد كلاما طيبا ووعودا لن تنفذ سواء في ملف المياه أو تقليص قواعده العسكرية المنتشرة في شمال العراق. لأنه يدرك أن مفاعيل العلاقة مع بغداد ترتبط بالفاعل الرئيسي في طهران وطموحاته وأهدافه في العراق.
إن انسحاب الحزب الديموقراطي الكردستاني من الانتخابات البرلمانية في هذا التوقيت ليس مجرد صدفة فهذه الزعامة الكردية الممثلة بالزعيم الكردي مسعود البارزاني صعبة المراس وتمتلك خبرة هائلة وحكمة وحلما في تصريف أمور السياسة والعلاقات الدولية
فليس أمر سهل نجاح محاولات إضعافها أو تهميشها أو إزاحتها من المشهد السياسي العراقي كما تتمنى أطراف مرتبطة بسياسات إيران في العراق والمنطقة.
إن الرئيس أردوغان لن يفرط بعلاقته القوية مع أربيل مهما كانت الإغراءات والوعود مقابل انحياز السليمانية وميلها كل الميل إلى جانب طهران ومنظومة الحكم في بغداد.
نحن أمام صيف ساخن في العراق يشتبك فيه البعد التركي والإيراني والإقليمي والعربي والدولي بصور متعددة ولكني أعتقد جازما أن قيادة السيد مسعود البارزاني وزيارة رئيس وزراء الإقليم السيد مسرور البارزاني الأخيرة إلى واشنطن لا يمكن فصلها عن تطورات ما يجري في الساحة، وأستطيع القول إن ما أرسته الزعامة الكردية من شبكة علاقات دولية مهمة ومصالح اقتصادية سوف توفر حماية ومظلة حمائية قوية لأربيل ومن يريد العودة إلى التاريخ فإن منطقة خطوط الطول والعرض لكردستان العراق في زمن حكم الرئيس العراقي الراحل صدام حسين سوف يدرك ما سيحصل. فحكومة الإقليم التي تمتاز مواقفها بالقراءة الصحيحة للواقع ولها دراية عميقة بتضاريس المنطقة وسوف تخرج منها أقوى من الأول خصوصا مع مؤشرات اقتراب عودة انتخاب الرئيس الأمريكي ترامب إلى سدة الحكم وما سيوفره من قلق وضغوط وتهديد لمخططات إيران.
* كاتب وأكاديمي من العراق أستاذ القانون والنظم السياسية في جامعة الأخوين في أفران المغربية