Image

شركات الأسهم الخاصة تكثف جهودها لإقامة شراكات مع ذوي الياقات البيضاء

تحصل شركات المحاسبة والاستشارات والخدمات المهنية الأخرى على تمويل خارجي لتغطية خطط النمو

 

تسارع شركات الأسهم الخاصة في البحث عن شركات الاستشارات والوكالات المتخصصة في اكتشاف المواهب وشركات المحاسبة، حيث تستهدف تكوين شراكات مهنية في واحدة من أحدث القطاعات التي لم تسيطر عليها صناعة الاستحواذ.

لقد وافقت اثنتان من أكبر 10 شركات محاسبة في الولايات المتحدة، وهما «غرانت ثورنتون» و«بيكر تيلي»، على بيع حصص أغلبية لشركات الأسهم الخاصة خلال الـ6 أسابيع الماضية، ويتوقع المصرفيون والمسؤولون التنفيذيون حدوث المزيد من الصفقات في المستقبل.

ومع ارتفاع كل من تكلفة الديون وتقييمات الأسواق العامة، يرى بعض مستثمري الأسهم الخاصة أن حيازة الشراكات قد تنطوي على جوانب إيجابية أكبر مقارنة بالصفقات الأخرى، ويشيرون إلى الخروج المثمر من صفقات الاستحواذ السابقة في الخدمات المهنية كدليل على الفرضية الاستثمارية.

وفي ضوء ذلك، قال بيتر مونزيج، الشريك في شركة «تي بي جي» - إحدى أنشط الجهات المنظمة للصفقات بقطاع الخدمات المهنية: «نحن أمام حقبة جديدة لإدراك أن هذه الشراكات تتمتع بخيارات جذابة».

لقد استثمرت شركة «تي بي جي» في شراكات مثل وكالة المواهب «كريتيف أرتيستس أجنسي» ومستشار الاستثمار المسجل «إل بي إل فاينانشال» في السنوات الأخيرة، وفي العام الماضي قدمت عرضاً لم يلقَ قبولاً لشراء حصة في شركة الاستشارات العالمية «إي واي». وتقول الشركة إنها تتطلع الآن إلى عقد صفقات كبيرة أخرى.

وتعد شركات «هيلمان آند فريدمان» و«تي إتش إل» و«ماديسون ديربورن» من بين شركات الأسهم الخاصة الأخرى التي تمتلك فرضية مماثلة، بحسب ما ذكره أشخاص على دراية باستراتيجيتهم.

وثمّة قطاع معين بشكل خاص بات أرضاً خصبة جديدة وجذابة، وهو شركات المحاسبة. فقد عادت موجة إبرام الصفقات في عام 2022 من جديد هذا العام، عندما استلمت 3 من أكبر 25 شركة محاسبة في الولايات المتحدة استثمارات من شركات الأسهم الخاصة. وخلال الأسبوع الماضي، وافقت شركة «غرانت ثورنتون» - مقرها شيكاغو - على بيع حصة أغلبية لشركة «نيو ماونتن كابيتال» في أكبر صفقة يشهدها هذا القطاع.

بينما حصلت شركة «بيكر تيلي» على استثمار بقيمة مليار دولار بقيادة شركة «إتش آند إف» في شهر فبراير.

ويبدو أن شركات الأسهم الخاصة تنجذب إلى شركات المحاسبة لأنها تجمع بين الدخل الثابت من الضرائب ومراجعة الحسابات، فضلاً عن فرص التنويع في خدمات جديدة، مثل الخدمات الاستشارية. وفي هذا الشأن، يقول مونزيج: «أدرك الناس أن هذه الشركات عموماً تتمتع بالاستقرار وجاهزة للاندماج بعيداً عن الشركات الأربع الكبار».

واتجه مستثمرو الأسهم الخاصة لتوسيع نطاق البحث عن شراكات مهنية مع ذوي الياقات البيضاء في السنوات الأخيرة. وتعد شركات «بي دبليو سي» و«كيه بي إم جي» و«غرانت ثورنتون» من بين شركات المحاسبة الكبرى التي باعت أجزاء من أعمالها الاستشارية لشركات الأسهم الخاصة. كما قبلت بعض شركات وساطة التأمين، من بينها «هب جروب» و«إنتجريتي ماركيتنج جروب»، استثمارات من شركات الأسهم الخاصة. وتراهن مجموعات الاستحواذ على أن بإمكانهم تنمية هذه الشركات من خلال عمليات الاستحواذ وتحويل العديد منها إلى شركات ضخمة بحيث يتم إدراجها في الأسواق العامة لاحقاً.

وفي السنة الماضية، قامت «تي بي جي» و«ماديسون ديربورن» ببيع الشراكات التي استحوذ عليها مقابل مكاسب استثنائية مليارية، مما يؤكد فرضية الاستثمار ويشجع على تبنيها. فقد باعت شركة «تي بي جي» حصة الأغلبية في وكالة المواهب «سي إيه إيه» إلى «أرتيميس»، وهي شركة قابضة مملوكة لعائلة بينو، بقيمة 7 مليارات دولار.

وعلى عكس بعض عمليات الاستحواذ والاندماج، يمكن أن يكون هناك مساحة لكلا الطرفين للتفكير بأنهما سيحصلان على صفقة مذهلة. ونظراً لأن الشراكات عادةً ما توزع كل دخلها على الشركاء سنوياً، فليس لديها سجل أرباح تقليدي، مما يسمح للمشترين بالتفاوض على تقييم منخفض نسبياً.

أما بالنسبة للشركاء، يمكن أن تكون حصة الأقلية التي تزداد قيمتها مع مرور الوقت أكثر جاذبية من الوعد بالدفع من حصة الشراكة عند التقاعد. وأكد على ذلك ألان كولتين، المستشار في مجال الدمج والاستحواذ لشركات المحاسبة قائلاً: «لا ترغب المواهب الشابة في العمل بوظيفة واحدة لمدة 40 عاماً والحصول على مبلغ زهيد عندما يفرغون منها».

ويشار إلى أن كولتين قدم المشورة للعديد من الصفقات التي كان لها تأثير كبير على القطاع منذ عام 2021، ويتوقع حدوث المزيد في المستقبل.

وأردف قائلاً: «تحتاج الشركات بشدة إلى رأس المال لتحويل أعمالها.. فالعمل الضريبي والتدقيق يتم استبدالهما بالتكنولوجيا والسعر الأقل يفوز، وبالتالي التحول نحو تقديم خدمات استشارية وإرشادية.. ولإجراء عمليات الاستحواذ في تلك الصناعات، يجب عليك دفع مبالغ حقيقية».

ومن الأمثلة على ذلك، قالت شركة «مور غلوبال»، وهي شبكة عالمية تضم أكثر من 200 شركة محاسبة متوسطة الحجم بإيرادات سنوية ارتفعت 15% العام الماضي إلى 4.5 مليارات دولار، إن أكثر من نصف نمو إيراداتها في عام 2023 يُعزى إلى الشركات الثلاث داخل شبكتها التي تلقت استثمارات من شركات الأسهم الخاصة.

وسجلت الشركات الثلاث - مور كينجستون في المملكة المتحدة، ومور بلجيكا، المدعومتان من شركة ووترلاند، وشركة سيترين كوبرمان المدعومة من شركة نيو ماونتن كابيتال في الولايات المتحدة - نمواً في الإيرادات أكثر من ضعف معدل النمو لشركة «مور غلوبال» ككل.

من جهته، علق أنطون كوليلا، الرئيس التنفيذي لشركة «مور غلوبال» قائلاً: «يُعد دعم شركات الأسهم الخاصة محركاً مهماً في تسريع النمو، ويفتح الاستثمار فرصاً للاستحواذ وتمويل التكنولوجيا والابتكارات الأخرى».

وفي تطور متصل، قال بلايك كلاينمان، الشريك في شركة «إتش آند إف»، إن شركته تفضل أن تكون المصدر الأول لرأس المال عند الدخول في شراكة لتغيير نموذج الملكية بعد إبرام صفقة بيكر تيلي. وأضاف: «يمكن أن تكون الصفقة بدروها حافزاً حقيقياً.. فهي تخلق ثقافة الأسهم بحيث يركز الشركاء على كيفية زيادة قيمة حقوق الملكية للشركة وليس فقط سجل الأعمال الخاص بهم».

ويدرك مشترو الأسهم الخاصة الفرصة التي تتجلى أحياناً داخل شركاتهم.

فعلى مدى السنوات الـ16 الماضية، تحولت مجموعات الاستحواذ الكبيرة مثل بلاكستون، وكيه كيه آر، وأبولو، وتي بي جي من شراكات مترابطة إلى شركات متداولة علناً ولها تقييمات كبيرة في الأسواق العامة.

ولخص ديفيد تروجيلو، وهو شريك آخر في شركة «تي بي جي» العرض للمحاسبين وغيرهم ممن يحاولون الابتعاد عن نموذج الشراكة.

وقال: «بدلاً من أن أخذ المزيد من الأموال كتعويض هذا العام، لماذا لا تكون مساهماً وتجني مكاسب من الأرباح التي تحصل على ضعف القيمة السوقية؟».