
ما مصير النازحين الجدد من جحيم الحوثي؟ .. وهل الشرعية بأزماتها الاقتصادية قادرة على استيعابهم ؟!
تعود إلى الواجة موجة نزوح واسعة جراء تصاعد القمع الحوثي وحملات الاعتقال الحوثية والضربات الأمريكية المكثفة، ودفع ذلك سكاناً في العاصمة المختطفة صنعاء ومحافظات أخرى تقع تحت سيطرتها، إلى ترك منازلهم ومناطقهم والنزوح القسري إلى أماكن بديلة بحثاً عن الأمان وسبل العيش الممكنة .
موجة النزوح غالبًا ما تكون إلى مناطق الشرعية الأكثر أمانًا من حيت القصف الامريكي والملاحقات الغير قانونية والاختطافات التي تمارسها عصابة ايران بحق اليمنيين، إلا أن هناك إشكاليات يواجهها النازح، ممثلة بالتدهور الاقتصادي، وعدم ثبات سعر صرف العملة المحلية التي وصلت الى مستوى متدني، ويكون بهذا النازح قد وقع ضحية الهرب من بطش الحوثي إلى المجاعة والفقر بعد أن ترك كل شيء خلفه.
مصادر أكدت مغادرة مئات الأسر خلال الأيام الأخيرة مناطق عدة في شمال صنعاء وجنوبها، مرجعة ذلك إلى انقطاع سبل العيش، وتصاعد حملات القمع والاعتقال والمخاوف من احتمالية تعرُّض أحيائهم لغارات أمريكية تستهدف منازل القادة الحوثيين، وسط
حالة من السخط في أوساط العائلات المشردة من مساكنها في المدينة ضد قادة المليشيا الحوثية بفعل استدعائها الضربات الأمريكية ومسارعتها بعد ذلك إلى تأمين نفسها وذويها، وتركهم عرضة للمخاطر.
منظمة الهجرة الدولية كشفت عن نزوح 70 أسرة يمنية خلال الأسبوع الفائت، لأسباب أمنية واقتصادية، واتجهت إلى مناطق أكثر استقراراً، منها تعز التي استقبلت العدد الأكبر بواقع 38 أسرة، ثم مأرب بعدد 28 أسرة، والحديدة بـ4 أسر.
وذكر التقرير أن 91 في المائة من إجمالي حالات النزوح الجديدة؛ (64 أسرة) نزحت جراء العوامل المتعلقة بالسلامة والأمن نتيجة الصراع، بينما نزحت 6 أسر وبنسبة 9 في المائة لأسباب تتعلق بالعوامل الاقتصادية المرتبطة بالصراع.
مصادر أشارت إلى أن النزوح في الوقت الحالي يختلف عما كان عليه الوضع قبل اكثر من احدى عشر سنة، في السابق كان اغلب النازحين يتجهون الى اقاربهم واهاليهم ينزحون فترة معينة الى ان يصحح وضعهم مع وجود منظمات تتكفل بإيواء العديد من الأسر كالحاصل في مخيمات النازحين بمأرب ولحج وتعز والحديدة وغيرها، الى جانب صرف مساعدات غذايية ومالية، إلا أن تلك المساعدات خفضت الى مستوى كبير، يضع الاسر غير الميسورة في حالة من الشتات والتشرد بحثًا عن المسكن والغذاء نتيجة تعقد الحياة المعيشية، والغلاء الفاحش، وارتفاع ايجارات المساكن بمناطق الشرعية، مما يتطلب أن يكون النزوح مؤقتًا الى ما قد يؤول إليه القصف الامريكي على مواقع وقيادات حوثية. وتطلع اليمنيون إلى حملة برية تنهي سيطرة المليشيا حتى يتمكنوا من العودة الى مساكنهم واعمالهم التي تركوها خلفهم .
تقرير حديث وزَّعته الأمم المتحدة، قال أن نحو ثُلث النازحين داخلياً في اليمن يعانون من الجوع المعتدل والحاد وفقاً للمقاييس العالمية، وأن انعدام الأمن الغذائي وصل خلال الشهر الماضي إلى 74 في المائة، حيث نزح نحو 4.8 مليون شخص؛ بسبب الحرب التي أشعلها الحوثيون بانقلابهم على الشرعية.
ووفقاً لما أوردته نشرة منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو)، فقد بلغ معدل انتشار انعدام الأمن الغذائي المعتدل أو الحاد في مارس الماضي إلى نحو 74 في المائة.
وبحسب ما أوردته «فاو» فإن النازحين في مخيم مأرب سجَّلوا أدنى معدلات الحرمان الغذائي الشديد (درجات استهلاك غذائي ضعيف) مقارنة بالنازحين في المناطق الأخرى لكنها بيَّنت أنَّه وبشكل عام، عانى سكان المخيمات من انعدام أمن غذائي أكبر من المجتمعات المستضيفة في محافظتَي عدن وتعز، حيث تم تحديد الأسر النازحة التي تعتمد على الموارد الطبيعية مصدر دخل (مثل إنتاج العسل، وجمع وبيع منتجات الحطب)، بالإضافة إلى العمل بالأجر اليومي، والأسر التي لا تملك مصدر دخل بأنها الفئات الأكثر انعداماً للأمن الغذائي.
وأفاد أكثر من ثُلثي الأسر النازحة التي تمَّت مقابلتها بتعرُّضها لصدمات مختلفة، كانت غالبيتها ذات طابع اقتصادي، بما في ذلك ارتفاع أسعار الغذاء والوقود، وقلة فرص الدخل. وهنا يتبادر السؤال ما مصير النازحين الجدد من جحيم الحوثي؟، وهل مناطق الشرعية بأزماتها الاقتصادية قادرة على إستيعابهم ؟!.