
في عيد العمال العالمي .. عصابة الحوثي والحكومة يُضاعفان مأساة عمال اليمن بالحرب والتجويع والانهيار الاقتصادي
يحل الأول من مايو، عيد العمال العالمي، في وقت يعيش فيه عمال اليمن واحدة من أسوأ المراحل في تاريخهم الحديث. فالحرب التي دخلت عامها العاشر، والانهيار الاقتصادي الحاد، وتدهور سعر العملة الوطنية، كلها عوامل ساهمت في تحويل هذه المناسبة من يوم احتفاء عالمي إلى محطة لتجديد الألم والمعاناة.
أوضاع مأساوية
يستقبل عمال اليمن عيدهم وسط أوضاع معيشية متردية، حيث يعيش معظمهم تحت خط الفقر، في ظل ارتفاع أسعار السلع والخدمات، وتدنٍ شديد في الأجور التي لم تعد تكفي لتغطية الاحتياجات الأساسية.
في كثير من الحالات، لا يتلقى العمال أجورهم بشكل منتظم، ويُجبر الكثير منهم على أداء أعمال شاقة مقابل أجور زهيدة، دون أي ضمانات صحية أو اجتماعية، في ظل غياب شبه كامل للحماية القانونية.
عصابة الحوثي معاناة مضاعفة
منذ انقلابها على الدولة عام 2014، تسببت عصابة الحوثي في تفاقم معاناة العمال، نتيجة الانهيار المؤسسي الواسع، وإغلاق أكثر من 4 آلاف منشأة تجارية وصناعية، خصوصًا في صنعاء والمناطق الخاضعة لسيطرتها، بحسب تقديرات منظمات اقتصادية محلية.
وقد أدى ذلك إلى تسريح أكثر من 600 ألف عامل، دون صرف مستحقاتهم، إضافة إلى حرمان أكثر من مليون موظف حكومي من رواتبهم منذ أواخر 2016.
علاوة على ذلك، مارست عصابة الحوثي انتهاكات ممنهجة بحق العمال، من فرض إتاوات واستقطاب قسري للقتال، إلى استغلالهم في شبكات تهريب وتمويل مشروعاتها الطائفية، فضلًا عن تحويل مؤسسات الدولة إلى أدوات تعبئة فكرية، ما تسبب في تآكل بيئة العمل وغياب الحماية الحقوقية.
دور الحكومة في تفاقم الأزمة
من جهة أخرى، ساهم ضعف أداء الحكومة الشرعية والانهيار الاقتصادي الحاد في تعميق معاناة الطبقة العاملة.
فقد أدى تدهور الريال اليمني – الذي تجاوز سعر الدولار في بعض المناطق حاجز 2500 ريال – إلى تآكل الأجور، وغياب القدرة الشرائية للعمال.
كما تسبب تراجع الإيرادات وغياب سياسة مالية فعالة في توقف صرف رواتب مئات الآلاف من الموظفين في القطاعات المدنية، حتى في المناطق المحررة، وتفاوت صرف الرواتب بين الجهات، مع انقطاع تام في بعض المحافظات.
كل ذلك دفع كثيرًا من العمال إلى الهروب نحو مهن هامشية أو الهجرة غير الشرعية، أو القبول بظروف عمل قاسية، في ظل غياب القوانين المنظمة والرقابة الحكومية.
بطالة متزايدة
تشهد البلاد تصاعدًا مستمرًا في معدلات البطالة، خاصة بين الشباب وخريجي الجامعات، ما يدفع الآلاف للبحث عن فرص عمل في ظروف خطرة، منها الهجرة غير النظامية أو الانخراط في صراعات مسلحة، ضمن استقطابات تنفذها جماعات منظمة وتجار حروب يستغلون اليأس العام.
وفي مناطق سيطرة عصابة الحوثي، تم تسجيل حالات طرد وتمييز مناطقي ضد العمال بناءً على انتماءاتهم الجغرافية أو مواقفهم السياسية، في انتهاك صارخ لحقوق الإنسان والكرامة.
غياب التشريعات والنقابات
كما يعاني عمال القطاع الخاص من غياب قوانين عادلة تنظم علاقتهم بأرباب العمل، ما يتركهم عرضة للاستغلال والطرد التعسفي.
ولا يحصل كثير منهم على إجازات أو تأمين صحي أو بدل سكن أو علاج، في ظل ضعف مؤسسات الدولة، وغياب النقابات الفاعلة التي تمثل صوتهم.
وفيما يحتفل العمال في مختلف دول العالم بعيد العمال بتكريمهم وتحسين أوضاعهم، تمر هذه المناسبة على اليمنيين في صمت موجع.
لا احتفالات، ولا خطط حكومية لتحسين واقع العمال، ولا مؤسسات فاعلة تدافع عن حقوقهم. بل تتفاقم المعاناة يومًا بعد آخر، في ظل استمرار الحرب، وتفكك مؤسسات الدولة، وغياب الرقابة والمحاسبة.
في هذا اليوم، ترتفع أصوات منظمات حقوقية واقتصادية مطالبة بتدخلات عاجلة لإنقاذ ما تبقى من الطبقة العاملة في اليمن، وإعادة بناء مؤسسات الدولة، وفرض قوانين عادلة تنظم العمل وتحمي حقوق العمال، كخطوة ضرورية نحو الاستقرار والتنمية المستدامة.