Image

اليمن تعود إلى العهد الإمامي.. استلام وتسليم بين عبدالملك الحوثي والإمام حميد الدين

في مشهد يعيد إلى الأذهان مآسي العهد الإمامي الذي أسقطته ثورة 26 سبتمبر 1962، تعيش اليمن اليوم فصولًا مأساوية جديدة بعد أن دمرت ميليشيا الحوثي البنية التحتية الحيوية في البلاد، وعلى رأسها مطار صنعاء، محطات الكهرباء، الموانئ، ومصانع الإسمنت، من خلال استدعاء العدو الصهيوني والطيران الامريكي، لتدخل البلاد رسميًا في نفق مظلم يعيدها عشرات السنين إلى الوراء.

فمنذ سيطرة عصابة  الحوثي المسلحة على العاصمة صنعاء وعدد من المحافظات في سبتمبر 2014، بدأت عملية منهجية لضرب مؤسسات الدولة المدنية والخدمية، وتحويلها إلى أدوات جباية وتمكين طائفي، حيث فُرّغت المؤسسات من كوادرها وتم استبدالهم بمشرفين حوثيين لا يحملون مؤهلات سوى الولاء للمليشيات.

أحد أبرز تجليات العودة إلى الماضي، هو الانهيار الشامل لمنظومة الكهرباء الوطنية، والتي كانت – رغم ضعفها – تمثل شريان حياة للمواطن اليمني، لا سيما في المدن الكبرى. اليوم، باتت الكهرباء ترفًا محصورًا بيد "المشرفين الحوثيين"، الذين يملكون مولدات تجارية خاصة، يبيعون الكيلو وات الواحد بسعر يفوق السعر الحكومي مرتين أو أكثر، في استغلال فجّ لمعاناة المواطنين.

عودة بنظام "العُزلة والجِباية"

يرى مراقبون أن زعيمها عبدالملك الحوثي لا يختلف كثيرًا عن الإمام أحمد حميد الدين الذي حكم اليمن بنظام استبدادي عزله عن العالم، حيث يتبع الحوثي أسلوبًا مماثلًا في الحكم يقوم على تجهيل الشعب، إقصاء الكفاءات، وتكريس الطائفية. بل يمكن القول إن ما يجري اليوم هو "استلام وتسليم" للبلاد من الإمام أحمد إلى "معتوه صعدة"- كما يسميه خصومه- دون أي اعتبار للدستور أو إرادة الشعب.

ويؤكد المواطنون في مناطق سيطرة الحوثي أن البلاد لم تشهد في تاريخها الحديث انحدارًا بهذا المستوى، حيث بات المواطن يفتقد لأبسط مقومات الحياة: كهرباء، ماء، صحة، تعليم. فيما تزداد ثروات القيادات الحوثية الذين باتوا يملكون شبكات واسعة من المولدات التجارية ومحطات الوقود ووسائل الجباية القسرية.

تدمير ممنهج باسم "الثورة"

تشير تقارير محلية ودولية إلى أن ميليشيا الحوثي تعمّدت تعطيل مطار صنعاء لأهداف تتجاوز المعارك العسكرية، إذ إن المطار كان متنفسًا لليمنيين وساحة للتواصل مع العالم. كذلك تم تعطيل وتفجير مصانع الإسمنت – خاصة في عمران – التي كانت رافدًا اقتصاديًا مهمًا، ما أدى إلى تسريح آلاف العمال وركود اقتصادي كارثي.

وتلفت تقارير اقتصادية إلى أن الحوثيين – بدلاً من إصلاح البنية التحتية – حوّلوا الأزمة إلى فرصة، فأسسوا شركات خاصة للطاقة والاتصالات والتموين الغذائي، لتصبّ الأرباح في جيوب القادة والمشرفين، بينما يتضور غالبية الشعب جوعًا.

اليمن بحاجة إلى ثورة تصحيح

في ظل هذه الظروف المأساوية، يتساءل اليمنيون: إلى متى سيظل هذا العبث قائمًا؟ وهل آن الأوان لثورة جديدة، تقتلع الامامة الجديدة كما اقتلعتهم عام  1962، وتعيد لليمن جمهوريتها المختطفة؟
ما يجري في اليمن ليس صراعًا سياسيًا فحسب، بل صراع وجودي بين مشروع الدولة ومشروع السلالة، بين مستقبل واعد لأجيال اليمن، وماضٍ كهنوتي يحاول العودة على أنقاض الجمهورية.