
33 قتيلا بقصف لـ"الدعم السريع" على مواقع في دارفور وشمال كردفان
قتل 33 شخصاً، 14 منهم من عائلة واحدة، في قصف منسوب لقوات الدعم السريع استهدف مخيماً للنازحين في إقليم دارفور بغرب السودان وسجناً في ولاية شمال كردفان وسط البلاد، مع استمرار التصعيد بينها وبين الجيش الذي شنّ ضربات جوية على مخازن وعتاد عسكري.وأسفر "قصف مدفعي عنيف" نفّذته مساء الجمعة قوات الدعم على مخيم أبو شوك للنازحين في مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، عن مقتل 14 شخصاً من عائلة واحدة وإصابة آخرين، بحسب بيان لغرفة طوارئ مخيم أبو شوك السبت.وفي ولاية شمال كردفان، قتل 19 من النزلاء وأصيب 45 بجروح جراء ضربة بصاروخ نفذتها مسيّرة عائدة لقوات "الدعم السريع" على سجن الأبيض، بحسب ما أفاد مصدر طبي في مستشفى المدينة.وأوضح المصدر لوكالة الصحافة الفرنسية أن القتلى نُقلوا إلى مستشفى الأبيض، بينما يتلقى المصابون العلاج في مستشفيات الأبيض والضمان.ودانت الحكومة المرتبطة بالجيش قصف السجن، معتبرة أنه "جريمة حرب مكتملة الأركان". وأضاف المتحدث باسمها خالد الأعيسر عبر حسابه على منصة إكس "ندين هذا العمل الإرهابي بأشد العبارات".
وتقع مدينة الأبيض تحت سيطرة الجيش السوداني الذي تمكن في فبراير (شباط) الماضي من إنهاء حصار فرضته قوات "الدعم السريع" عليها لمدة عامين.
ويسيطر الجيش على معظم مدن ولاية شمال كردفان غرب الخرطوم بينما تسيطر "الدعم السريع" على أجزاء منها.
وتشكل مدينة الأبيض مركزاً لوجستياً إستراتيجياً، إذ تقع عند مفترق طرق يربط العاصمة الخرطوم بإقليم دارفور في غرب البلاد الذي تسيطر قوات "الدعم السريع" على معظم مناطقه.
وقصفت طائرات الجيش السوداني مواقع تابعة لقوات "الدعم السريع" في مدن نيالا والجنينة في إقليم دارفور حيث دمرت مخازن أسلحة ومعدات عسكرية، بحسب مصدر عسكري.
وقال المصدر لوكالة الصحافة الفرنسية طالباً عدم ذكر اسمه إن "طائرات سلاح الجو السوداني شنت هجمات على مواقع لميليشيات "الدعم السريع" في مدينتي نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور والجنينة عاصمة غرب دارفور ودمرت مخازن أسلحة ومعدات عسكرية كانت الميليشيات تنوي استخدامها في أعمالها العدائية".
هدوء في بورتوسودان
وفي وقت ساد الهدوء الحذر مدينة بورتسودان، المقر الموقت للحكومة السودانية التي شهدت على مدى ستة أيام متتالية هجمات مكثفة بالطائرات المسيرة أطلقتها قوات "الدعم السريع" على منشآت ومواقع عسكرية واستراتيجية داخل المدينة، عاد التوتر من جديد لولاية غرب كردفان بحشد "الدعم السريع" تعزيزاتها قرب مدينة بابنوسة وتوعدها بتحريرها من قبضة الجيش خلال أيام، فضلاً عن تصاعد المواجهات في محور الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، التي تعاني حصاراً خانقاً أكثر من عام تسبب في أوضاع إنسانية مأسوية.
وكان الطيران المسير استهدف، أمس الجمعة، كلاً من كسلا بشرق البلاد، ومروي شمالاً، ومدينتي كوستي وكنانة بولاية النيل الأبيض (جنوباً)، كذلك استهدف مستودعاً للنفط في مدينة عطبرة بولاية نهر النيل مما أدى إلى حدوث انفجارات كبيرة وارتفاع أعمدة الدخان في سماء المدينة.
وأدى الاستهداف المتواصل للعاصمة الموقتة إلى تعطل الملاحة الجوية، وأوقفت خطوط الطيران الأجنبية تسيير رحلاتها إلى مطار بورتسودان، في وقت اتجهت شركات الطيران المحلية إلى تقليص رحلاتها واقتصارها خلال فترات النهار فقط. وبحسب مصادر في مطار بورتسودان، فإنه على رغم قرار هيئة الطيران المدني السودانية إعادة فتح المجال الجوي إثر هجومين استهدفا المطار، لكن حركة الطيران لم تعد إلى طبيعتها المعتادة.
وكانت سلطة الطيران المدني قد علقت الرحلات الجوية بصورة موقتة الأحد والثلاثاء الماضيين، بسبب هجوم بالطائرات المسيرة، وأصبح مطار بورتسودان الدولي المطار الرئيس للسودان منذ اندلاع الحرب قبل أكثر من عامين في العاصمة السودانية، مما أدى إلى توقف مطار الخرطوم الدولي الذي تعرض بدوره لدمار كبير في بنيته التحتية.
محور دارفور
في الأثناء، شهدت مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، الجمعة، اشتباكات وقصفاً مدفعياً متبادلاً بين الجيش و"الدعم السريع"، وبحسب قيادة الفرقة السادسة - مشاة في الفاشر، وقع عدد من الضحايا والجرحى المدنيين نتيجة استهداف الأحياء السكنية بالقصف المدفعي، وأشارت الفرقة، في بيان، إلى إحباطها محاولة تسلل لمجموعة من "الدعم السريع" كانت تستقل 26 مركبة قتالية شرق المدينة. وتابع البيان "أثناء عمليات التمشيط الروتينية، تصادمت قوات الجيش مع ’الدعم السريع‘، مما أدى إلى تدمير وتعطيل الآليات، وخلفت المواجهات مقتل وإصابة كثير من أفراد ’الدعم السريع‘"، ونوه البيان أيضاً إلى أن "الدعم السريع" تواصل قصفها الأحياء السكنية في مدينة الفاشر باستخدام قذائف مدفعية من عيار 120 و82 ميليمتراً "مما أدى إلى وقوع ضحايا من المدنيين الأبرياء، ونُقل الجرحى إلى المستشفيات والمراكز الصحية لتلقي العلاج".
وبينما أكدت الفرقة السادسة - مشاة أن الأوضاع الميدانية داخل المدينة مستقرة، وأن القوات المسلحة وحلفاءها من الحركات المسلحة يسيطرون على مختلف المحاور، أشار شهود إلى أن "الدعم السريع" تسيطر على مناطق واسعة داخل المدينة تصل إلى مناطق قريبة من قيادة الجيش.
من جهتها، أكدت "تنسيقية لجان مقاومة الفاشر" أن المدينة عاشت، خلال الأيام الثلاثة الماضية، موجة جديدة من القصف المدفعي العنيف خلفت عدداً من القتلى. وقالت التنسيقية، في بيان، إن "أصوات المدافع لم تعد مفاجئة لأهالي المدينة لكنها هذه المرة حملت معها عبئاً مضاعفاً في ظل تدهور اقتصادي وحصار خانق وضيق في المعيشة، والأسواق خالية والماء شحيح، والكهرباء منقطعة والدواء مفقود".
وأمس الجمعة قتل 10 أشخاص في الأقل في قصف مدفعي نفذته "الدعم السريع" طاول مخيم أبو شوك للنازحين الذي يبعد أربعة كيلومترات عن الفاشر. ووفقاً لمسعف طبي في المخيم، فإن "10 أشخاص من أسرة واحدة قتلوا جراء سقوط قذيفة مدفعية أطلقتها قوات ’الدعم السريع‘ داخل ملجأ أقامته الأسرة في المنزل".
محور أم درمان
أما في محور غرب أم درمان، فأشارت تقارير ميدانية إلى أن الجيش السوداني تمكن من التقدم، بصورة ملحوظة، في مناطق غرب أم درمان، وفرض سيطرته على منطقة الكسارات بعد تحطيمه الدفاعات المتقدمة لـ"الدعم السريع"، ووفقاً لـ"تنسيقية لجان مقاومة كرري"، فإن القوات المسلحة تتقدم عبر محورين في أم درمان، ويعتبر تقدمها إلى منطقة الكسارات في الجزء الجنوب الغربي مهماً لتطويق "الدعم السريع" في منطقة الصالحة من خلال الربط بين المحاور المتقدمة. وأفادت التنسيقية، في بيان، بأن القوات المسلحة استمرت في عملياتها جنوب سوق ليبيا، حيث سيطرت على الحارة 38 والمناطق المحيطة بها، مما أسهم في توحيد المناطق الجنوبية مع تحصينات قوات أم درمان عند صينية أنغولا. وبينت التنسيقية أن القوات المسلحة اقتربت أكثر من أي وقت مضى من السيطرة الكاملة على محلية أمبدة، في حين بقي بعض الحارات في المنطقة تحت سيطرة "الدعم السريع". ونفذ الجيش قبل أسبوع تقريباً، هجمات مكثفة على مواقع "الدعم السريع" غرب المدينة، تزامناً مع تحرك المشاة على الأرض، في حين استفاد من تقدمه النوعي في منطقة البنك العقاري قبل ثلاثة أيام.
محور غرب كردفان
أما في محور غرب كردفان، فأكد رئيس المجلس الاستشاري لـ"الدعم السريع" حذيفة أبو نوبة، في مقطع فيديو أمام حشد من قواته قرب مدينة بابنوسة بولاية غرب كردفان (تبعد نحو 700 كيلومتر عن الخرطوم)، عزمهم تحرير المدينة خلال أيام، وبعدها ستكون محطتهم مدينة الأبيض عاصمة ولاية شمال دارفور، وأضاف أبو نوبة "شعارنا في هذه المعركة أن باطن الأرض أفضل لنا من ظاهرها، وليس أمامنا خيار غير النصر، ونعتقد أن الحرب التي فرضت علينا قد بدأت الآن، وهي معركة الوعي بالحقوق"، وتابع "وفق الحسابات، إننا منتصرون حتى هذه اللحظة، ونحن أكثر اطمئناناً بتحقيق النصر".
في هذا الوقت، نفذت غرفة طوارئ محلية النهود، بولاية غرب كردفان، عملية إجلاء منظمة لعشرات الأسر النازحة من مدينة النهود إلى مناطق متفرقة بالريف الشمالي. وبحسب الغرفة، وُزعت الأسر على مراكز إيواء موقتة شملت قرى أم عويشة وأم هشيم وأم لبانة.
وتقدم الغرفة إسعافات طارئة للحالات الصحية الحرجة، محذرة، في الوقت عينه، من تفاقم الأوضاع الإنسانية خصوصاً مع النقص الحاد في الأدوية، وحاجات مرضى غسل الكلى والسكري والنساء الحوامل، مما يتطلب تدخلاً عاجلاً من منظمات العون الإنساني.
وحثت الغرفة الجهات الإنسانية كافة إلى الإسراع في تقديم الدعم الطبي والغذائي اللازم.
وكانت مدينة النهود قبل سيطرة "الدعم السريع" عليها، في الثاني من مايو (أيار) الجاري، ملاذاً للنازحين من مناطق دارفور وأجزاء أخرى من غرب كردفان، حيث كانت تحوي عدداً كبيراً من مراكز الإيواء، ومع ذلك فإن هؤلاء النازحين قد أجبروا، مرة أخرى، على النزوح إلى أماكن غير معروفة، مما يثير القلق في شأن ظروفهم الإنسانية في ظل هذه الأوضاع الصعبة.
تدفق النازحين
في غضون ذلك، أعلنت الآلية الوطنية لحماية المدنيين في الولاية الشمالية عن استمرار تدفق النازحين من ولايات دارفور وكردفان والخرطوم إلى محلية الدبة شمال البلاد، حيث يصل عدد الأسر النازحة إلى نحو 150 أسرة يومياً. وأفاد نصر الدين عوض، مقرر الآلية، بأن هؤلاء النازحين يواجهون ظروفاً إنسانية قاسية، ويحتاجون إلى الغذاء والدواء والمأوى، وأشار عوض إلى أن عدد النازحين الذين وصلوا إلى محلية الدبة حتى الآن يقدر بنحو 10 آلاف شخص، معظمهم قادمون من معسكرات زمزم والمالحة والجموعية، ولفت إلى أن الغالبية العظمى من هؤلاء النازحين من النساء والأطفال.
وسط هذه الأجواء، حضت تركيا رعاياها المقيمين في السودان إلى المغادرة، ودعت الخارجية التركية، في بيان، المواطنين الأتراك إلى تجنب السفر إلى السودان، و"الرعايا المقيمين لاتخاذ الاحتياطات اللازمة".
كما دعت الصين رعاياها الأفراد إلى مغادرة البلاد فوراً، من دون أن يشمل الأمر المؤسسات.