مفاوضات سرية واستيراد بضائع.. العلاقات الحوثية الإسرائيلية بين الشعارات الزائفة والحقيقة الموثّقة

تعود العلاقات بين اليهود وعصابة الحوثي الإيرانية إلى عهد الإمامة البائدة، ومرتبطة تاريخيًا بعلاقة وثيقة مع النظام الإيراني، والموثقة في تقارير ووثائق وكتب ودراسات وبحوث دولية. ومع إقرار التاريخ بتلك العلاقة المرتبطة والمبنية على تبادل المصالح والجانب التجاري، إلا أن الجانب الأهم والخطير فيها هو التوافق الفكري المشترك بين اليهودية والشيعة الاثني عشرية، الهادفة لتدمير قيم الدين الإسلامي الحنيف، بطرق دينية إسلامية، ظاهرها العداء، وباطنها الشراكة والأخوة.

شعارات ومؤامرات

وبالعودة إلى أحد أفرع الفكر الإيراني الذي تجسده عصابة الحوثي الإرهابية في اليمن، نجد ذلك التعاون والشراكة بين اليهودية والاثني عشرية، بكل تفاصيله. فالعصابة ترفع شعار "الموت لإسرائيل، واللعنة على اليهود" وتمارس سرًا علاقات شراكة معها بكل الجوانب.

وتؤكد التقارير والمعلومات أن إسرائيل، من خلال جهاز الموساد "الاستخبارات"، ساعدت في نشأة الحوثية في اليمن بالتنسيق والتعاون مع النظام الإيراني، منذ تسعينيات القرن الماضي. وعقب انقلاب عصابة الحوثي في 2014، تم رد الجميل لها بتسليمها "النسخة الوحيدة والنادرة من التوراة" التي ظلت إسرائيل بكل أجهزتها تحاول الحصول عليها، حيث كانت محفوظة لدى الحكومة اليمنية لأهميتها في كشف حقيقة الصهيونية العالمية، فضلاً عن التعاون المشترك فيما يتعلق بتهريب وتجارة الآثار اليمنية.

تفاوض سري

وبالانتقال إلى آخر فضائح العلاقة الوثيقة بين الحوثيين وإسرائيل، نورد ما نشره الأكاديمي المتخصص في كشف ممارسات العصابة المرتبطة بكل ما هو إسرائيلي، بدءًا من المنظمات الدولية وبرامج الأمم المتحدة، وصولاً إلى العلاقة التجارية والمباشرة مع كيان العدو، الدكتور عبدالقادر الخراز.

وفي هذا الصدد، نشر الخراز وثائق تكشف عن مفاوضات جرت بين الحوثيين والإسرائيليين حول السفينة المختطفة التي تم قصفها مؤخرًا "جالاكسي ليدر"، وهي أول سفينة تم قرصنتها من قبل الحوثيين، باعتبارها سفينة يابانية، ليتضح لاحقًا أنها مملوكة لمجموعة شركاء استثماريين يهود.

فضيحة.. نصرة لغزة

تتحدث الوثائق المنشورة عن إجراء تفاوض بين الحوثيين ومفاوض عن الشركة المشغلة للباخرة جالاكسي ليدر Galaxy Leader بعد السماح لهم بالدخول إلى اليمن من قبل العصابة الإيرانية، حول دفع أجور القرصنة للرهائن من الطاقم والباخرة (الفدية).

وتؤكد الوثائق ذلك من خلال ما تحمله من أسماء وأرقام للجوازات، وصفات المفاوضين المتناقضة، الموافقات، وتسهيل بمذكرات متناقضة من محامي يملك شركة محاماة ومؤسسة مجتمع مدني.

وحسب ما نشره الدكتور الخراز، فقد قامت عصابة الحوثي بالتنسيق مع شركة التأمين الخاصة بالسفينة المحتجزة (جالكسي ليدر)، والمسماة راي كار كاريرز، لترتيب عملية تبادل رهائن ودفع مبلغ فدية قبل إطلاق طاقم السفينة. وقد دخل مفاوضون ممثلون للشركة المالكة للسفينة إلى اليمن وقابلوا عناصر وقادة حوثيين.

وتشير المعلومات إلى أن عملية التنسيق كانت تدار من خلال:

- شخص بريطاني يُدعى مايكل، رقم جواز سفره (128802471) صادر بتاريخ فبراير 2020.
- رجل أعمال ودبلوماسي أوغندي يُدعى حبيب، وهو مالك شركة نما سجما. ورقم جوازه الدبلوماسي (D00000008) صادر في أغسطس 2023
- كما شارك في تسهيل هذه العملية داخل اليمن مؤسسة شداد للمحاماة والاستشارات القانونية، مالكها عبدالله سلطان شداد. إضافة إلى مؤسسة حماية القانون وتعزيز السلم الاجتماعي، والتي أيضًا يملكها عبدالله سلطان شداد.

التفاوض تحت غطاء الاستثمار

لقد عمدت عصابة الحوثي إلى اتخاذ كل الطرق التي تمكنها من الحصول على أموال وعلاقات مع الجانب الإسرائيلي، لتعرفها مدى تأثيره على المجتمع الدولي. لذلك عمدت إلى تسخير مؤسسات الدولة التي احتلتها في خدمة أهدافها ومشروع إيران بالمنطقة، المرتبط بإسرائيل. حيث قامت باتخاذ ترتيبات لدخول المذكورين إلى اليمن عن طريق مؤسسة حماية القانون وتعزيز الأمن الاجتماعي، التي قامت بتقديمهم تحت غطاء "مستثمرين أجانب"، في مذكرة. وفي مذكرة أخرى باسم مؤسسة شداد، تم تقديمهم على أنهم يمثلون "الشركة المالكة للباخرة". وهذا تناقض عجيب يبدو له أهداف، حيث جرى تقديم طلبات التأشيرات عبر أحد المكاتب السياحية بغرض الزيارة السياحية.

وثائق تؤكد العملية

وأرفق الدكتور الخراز عدة وثائق تؤكد ذلك، منها:

1. مذكرة طلب من سفارة اليمن بأثيوبيا بمنح تأشيرة للشخصين المذكورين بتاريخ 25 ديسمبر 2023، ولاحظوا ما كتب بنهاية المذكرة أن السفينة أفرج عنها وأن القبطان يرغب بالمغادرة؟؟؟؟ طيب والضربة الأخيرة قبل عدة أيام كانت لها ولا لسفينة شبح؟؟؟
2. مذكرة من وزارة الخارجية إلى وزارة النقل بتاريخ 26 ديسمبر 2023 توضح طلب السفارة بمنح التأشيرة للأفراد المذكورين بغرض متابعة أفراد طاقم الباخرة.
3. مذكرة من وزارة النقل إلى الخارجية بتاريخ 27 ديسمبر 2023 تفيد بموافقة الوزارة على منح التأشيرة وتتحدث عن وجود أفراد من طاقم الباخرة من الجنسية الأوغندية... وهذا غريب، فجميع إعلانات والأخبار لا تذكر أن أحدًا من طاقم الباخرة يحمل الجنسية الأوغندية، والتي هي جنسية أحد الأفراد المطلوب لهم التأشيرة.
4. إفادة من مكتب شداد للمحاماة تحت توقيع مالك المكتب عبدالله سلطان شداد بتاريخ 8 ديسمبر 2023، أي قبل طلبات التأشيرة من سفارة اليمن بأثيوبيا. وهذا ما يؤكد عملية محاولة الطلب السابق الذي تم رفضه. الإفادة تتضمن طلب تأشيرة دخول لنفس الأفراد، وكذا تأكيد أن مؤسسة شداد هي التي تتولى قضية الباخرة بمتابعة مليشيا الحوثي.
5. إفادة من مؤسسة حماية القانون والسلم الاجتماعي، وأيضًا تحت توقيع عبدالله سلطان شداد الذي يملكها (بدون تاريخ) وتفيد بطلب تأشيرة لنفس الأفراد المذكورين، ولكن هنا تصفهم بأنهم مستثمرون أجانب ويرغبان بمعرفة الوضع الاستثماري باليمن.

تضليل وتحايل

في تناقض واضح مع المذكرة السابقة، وهذا ما يشير إلى استخدام معلومات مضللة وفيها تحايل وغطاء الاستثمار أو السياحة لتسهيل دخول أفراد مرتبطين بأنشطة قد تكون غير مشروعة إلى اليمن وتخدم المليشيا الحوثية، في مخالفة واضحة للقوانين المحلية والدولية.

كل هذا يشكل مخاطر كبيرة على الأمن القومي لليمن وعلى وضع الحكومة الشرعية، ولابد من المراجعة والتقييم والمحاسبة.

منتج إسرائيلي

من جهة أخرى، وفي دليل آخر على وجود علاقات تجارية وثيقة بين الحوثيين وإسرائيل، انتشار عدد من البضائع والأدوية الإسرائيلية في مناطق سيطرة العصابة، ومنها منتج خاص بالأطفال محظور تداوله في عدة دول.

وتداول ناشطون صورة لهذا المنتج الإسرائيلي الموجود في صيدليات بمناطق الحوثي بتصريح من هيئة الأدوية التابعة لها، والتي صرحت سابقًا بالدواء المغشوش لأطفال السرطان والذي تسبب بوفاة عدد منهم

فيما عرف بجريمة مستشفى الكويت بصنعاء. وحسب تداول النشطاء، فإن المنتج الإسرائيلي يتم مقاطعته في أنحاء العالم ويباع في صيدليات صنعاء وبقية المحافظات التابعة للحوثيين بعروض ترويجية رخيصة. وسخروا بالقول "مش قالوا مقاطعة للبضائع الأمريكية والإسرائيلية"!

بذور وأسمدة مدمرة

إلى ذلك، تحدثت مصادر محلية بصنعاء حول فساد وتضرر عدد من المنتجات الزراعية هذا العام نتيجة استخدام بذور وأسمدة فاسدة تم استيرادها من قبل قيادات وجهات حوثية من إسرائيل.

وأشاروا إلى أن محصول البطيخ في مناطق الحوثي تلف هذا العام جراء تلك البذور والأسمدة، إلى جانب خضروات وفواكه عدة تباع بالأسواق وجدت أنها بلا طعم وشكلها فاسد من الداخل. حيث أكد لهم الباعة أن هذه المنتجات تأتي بهذه الحالة من المزارعين الذين شكوا لهم أن ذلك بسبب البذور والأسمدة الإسرائيلية التي وزعتها عصابة الحوثي عليهم وأغرقت بها الأسواق دون غيرها.

أخيرًا.. يجب على الجميع تبيان حقيقة عصابة الحوثي ومن خلفها إيران حول علاقتها بإسرائيل العدو الأزلي للأمة، وكشف زيف وادعاءات العصابة ومتاجرتها بقضية غزة وفلسطين، في حين تشترك مع العدو في قتلهم وتدمير البلدان العربية بالتنسيق مع ذراعها الأخرى جماعة الإخوان.