Image

إرادة السلام تخترق الغام الحوثي وسط مدينة الحديدة

نسيم السلام شق طريقه وسط المتاريس المكتظة بالمقاتلين والخراب والدمار، وبقايا مدينة واحلام شباب تكاد تنتهي في عروس البحر الأحمر، المعشوقة التي يتسابق محبيها لافتدائها بأروحهم وتحريرها من طغيان الكهنوت، لحظات صعبة وقلقة لكنها مرت ولم يغادر الموت المدينة.

فمنذ صباح الأربعاء 26 ديسمبر شهدت مدينة الحديدة حدثاً مهماً على صعيد التطبيق العملي لاتفاق ستوكهولم والقرار الاممي (1445) بشان اليمن وقد يصبح يوماً تاريخياً في حياة الشعب اليمني إذا لم ينقلب عليه الحوثة، ففي شارع الخمسين تحديداً وفي اخطر المتاريس المتقدمة شاهدت كيف ارتفعت فوهات البنادق الى السماء، وتوقف عمل القناصة والمهووسين بلعب اطلاق القذائف والتلذذ بدماء الأبرياء ودمار الديار لاشباع سادية صرختهم الملعونة، في تلك الأجواء الغير مألوفة كانت تمر الدقائق كالدهر خصوصا بعد ان بدأت تتضح الصورة الحقيقية لمليشيات الحوثي، فقد ظهر بعضهم بوجوه سوداء، منكسي الرؤس وفي حالة انكسار، والبعض الآخر لم يخف فرحة الفرج من الورطة التي هم فيها، كما لوحظ ان المشرفين الذين كانوا على الدراجات النارية فقدوا اعصابهم بعد ان فقدوا السيطرة على اتباعهم.

في وسط الشارع وبالقرب من اطلال عمارة عبد النبي التي ارتكب فيها الحوثة افظع جريمة مطلع الشهر الماضي، كانت تتمدد سلسلة حاويات منهوبة من الميناء وضعت لقطع الشارع في محاولة لمنع تقدم المقاومة المشتركة من استكمال تحرير مدينة الحديدة.

وبالقرب من كوم الدمار الفظيع تلقى الحوثة توجيهات واضحة بأن يفتحوا منفذاً بالشارع ويزيلوا الألغام والمتفجرات ليعبر بأمان ممثلي الحكومة في لجنة اعادة انتشار القوات برئاسة اللواء الركن/ صغير بن عزيز لحضور اول اجتماع اللجنة برئاسة باتريك كاميرت حسب ماهو محدد في برنامج عمله المعلن.

قبيل الساعة الثانية عشرة وبينما كانت ترفرف اعلام الجمهورية وتجوب الشارع  سيارات تقل حراس الجمهورية بهندام انيق عكس الصورة بالاتجاه الاخر ظهر من طرف الشارع (تركتر) ضخم يتقدم نحو تلك الحاويات، وبالتزامن تحرك تركتر من جهة  مليشيات الحوثي ووصلا الى امام الحاويات وبدأت برفع اكوام الاتربة وزحزحت الحاويات والحواجز لتتمكن سيارات الأمم المتحدة من العبور.

حينها تحول المكان الى كتلة بشرية كبيرة، كانت لحظات صعبة، الكل مدججين بالسلاح، والكل في حالة ترقب حذر، بيد ان العملية تمت بسلام.. ماحدث صدقوني كان اشبه بمعجزة وعلى الفور تحرك وفد من لجنة المراقبين الدوليين الى مستشفى 22مايو حيث  يتواجد رئيس وأعضاء اللجنة الحكومية، ولم يكن بين وفد المراقبين الجنرال باتريك كاميرت، بل وصل بدلاً عنه شخص لبناني ، وطلب من رئيس وأعضاء الجانب الحكومي التحرك معه على متن سيارات الأمم المتحدة لحظتها تغيرت ملامح  صغير بن عزيز رئيس اللجنة وقال وكان يقف بجانبه محمد عيضه واحمد الكوكباني وصادق دويد: نحن ننتظر رئيس الفريق الاممي هنا في مستشفى 22مايو بحسب الاتفاق معه، كان كلامه واضحا، وبعد دقائق وصل الى المستشفى الجنرال باتريك كاميرت وتصافح الجميع.

في تمام الساعة الوحدة والربع تحركت سيارات الأمم المتحدة التي تقل ممثلي الحكومة في لجنة التنسيق وتجاوزت الانفاق واكوام الاتربة وحواجز الحاويات، لتبدأ عقارب الساعة تدون بداية مرحلة جديدة لسلام دائم او لتراجيديا جديدة في تاريخ الشعب اليمني.