Image

صيحات "الجياع" في عدن يحجبها "ترف الحياة" عن آذان المسؤولين

في وسط سوق التواهي بالعاصمة المؤقتة عدن، وقف خالد العلواني، يصيح بأعلى صوته: "تعبنا خلاص، ما عاد في رجال بالبلاد. نحن نموت جوع يا ناس".
الكل كان ينظر نحوه وفي نفسه غصة، على ما وصلت إليه الأحوال بسكان المدينة، في ظل فشل واضح للجهات المعنية.
حالة خالد ليست الوحيدة وإنما هي تعبر عن حال السواد الأعظم لسكان عدن، الذين يعانون العوز في توفير متطلبات حياة يومية، زادت من حدتها خلال شهر رمضان؛ حيث يعجز المرء في تدبير احتياجات أسرته، من الخضراوات والفاكهة، في ظل ارتفاع الأسعار الذي يضرب أسواق المدينة بشكل غير مسبوق.
"المنتصف نت" يواصل رصد حالات العوز الذي تشهده أسواق عدن منذ بداية الشهر الفضيل.
 
للبقاء على قيد الحياة
تحدث العديد ممن تجمع حول صيحات "خالد" عن الحالة التي وصلوا إليها في ظل ارتفاع أسعار المواد الأساسية التي تحتاجها العائلات للبقاء على قيد الحياة، مشيرين إلى أنهم باتوا يشترون فقط الاحتياجات الأساسية الاي  لا يمكن الاستغناء عنها، فيما تم الاستغناء عن احتياجات ومواد كثيرة كانت تدخل منازلهم في رمضان.
ويوضح العديد منهم بأن الوضع أصبح خارج السيطرة بعد مرور 12 يوما من رمضان، فقد استنفدت العديد من الأسر مدخراتها في سبيل توفير القدر البسيط من احتياجات الأسر من المواد الأساسية، ونفدت منهم الأموال، فيما الأسعار تزداد ارتفاعا كل يوم، في ظل غياب الجهات المختصة المخولة في توفير تلك المواد "خضراوات وفواكه، ولحوم وأسماك" للمواطن البسيط بأسعار في واقع المعقول.
وحذر معظم المتسوقين في التواهي من انفجار الوضع وفقدان السيطرة على الشارع، في ظل استمرار تلك الحالة دون اكتراث الآخرين والمعنيين أصلا بمعالجة الوضع، رغم توفر التمويل والظروف لممارسة مهامهم في تخفيف المعاناة عن المواطنين، متسائلين ماذا ينتظر اللذين في الرياض كي يقوموا بمهامهم؟ وهل يفكرون بالمواطن وكيف يوفر قوت يومه؟ أم أنهم في ترف الحياة لا يريدون تكدير حياتهم بحالنا اللذي هو مسؤوليتهم؟
 
موجة قاتلة 
وتشهد الأسواق العدنية موجة أسعار جديدة للخضراوات والفواكه والمواد الأساسية مثل الطحين والرز والزيت، ومكونات المطبخ العدني البسيط، حيث ازدادت أسعار البطاط متجاوزة 1200 ريال للكيلوجرام الواحد، فيما ارتفعت أسعار الكيلوجرام من الطماط  من 600 ريال بداية رمضان إلى 1000 ريال حاليا، وكذلك الحال بالنسبة لبقية الخضراوات من كوسا وباذنجان وبسباس وبامية.
وإلى جانب زيادة أسعار الخضراوات والفاكهة، ارتفعت بشكل كبير أسعار سلع أساسية مثل السكر والأرز ، والدقيق بأنواعه، فضلا عن ارتفاع أسعار زيوت الطبخ بشكل لا يمكن تصديقه، فاللتر الواحد من الزيت بلغ سعره 4500 ريال.
وتزامنت موجة الأسعار القاتلة، بالتزامن مع استمرار انخفاض سعر الدولار أمام الريال وتراجعها إلى 900 ريال للدولار، بدلا عن 1300 ريال قبل رمضان بيومين. تراجع أسعار العملة لم يقابله أي إجراءات في ضبط الأسعار في الأسواق التي مازال التجار يتعاملون فيها مع المواطن وفقا لأسعار ما قبل رمضان.
 
زيادة المعاناة 
ويزيد من معاناة سكان عدن، الطريقة التي يمارسها الفاسدون في مؤسسة الكهرباء والذين يتخذون من شهر رمضان موسما لجني الأموال وزيادة الأرصدة؛ حيث يقطعون خدمة الكهرباء عن الأحياء لساعات تصل إلى 12 ساعة في بعض الأيام، لكنها لا تقل عن 4 ساعات في أحسن الأحوال وأربع مرات خلال 24 ساعة، أي 16 ساعة انقطاع خلال اليوم والليلة.
يأتي ذلك مع دخول أيام الحر، ومع إعلان السعودية تقديم 600 مليون دولار لشراء وقود الكهرباء، لكن الفساد يظل مسيطرا على هذه الخدمة، خاصة فيما يتعلق بعقود شراء "الطاقة"، الأمر الذي كشفته تقارير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، وقابله عدم محاسبة وضبط من قبل الحكومة والجهات المختصة للفاسدين.
إلى جانب الكهرباء، يأتي دور مؤسسة المياه التي لم تحرك ساكنا لمعالجة انقطاع المياه عن أحياء "برسلي" في التواهي، وكذا حي شعب العيدروس في كريتر، وأحياء أخرى؛ حيث يتم شراء الوايت المياه في العاصمة المؤقتة بمبلغ 18 ألف ريال.
وبشأن أسعار البترول والديزل والغاز المنزلي، فمازالت كما هي قبل انخفاض سعر الدولار أمام الريال، وقبل حصول الدعم الخليجي؛ حيث تباع الدبة البترول سعة 20 لترا بمبلغ 22200 ريال، أي ضعف ما تباع في مناطق الحوثيين، فيما تباع أسطوانة الغاز بـ7500 لدى الموزعين، و13 ألف ريال في المحطات.
الحالة التي تعيشها الجهات المختصة من فقدان للإحساس بالمسؤولية تجاه المواطن البسيط، عززت حالة فقدان الأمل فيها، وتم فقدان الأمل في إمكانية تخفيض الأسعار والعودة إلى معدلاتها الطبيعية، أقله خلال الأيام المتبقية من الشهر الفضيل.