تجارة الحروب ..!!

11:32 2023/05/11

قد يستغرب البعض من العنوان لكن لا داعي للاستغراب ، فتجارة الحروب رائجة ومكاسبها كبيرة جداً وإن كان المستفيد منها هم قلة من الناس ، يكفي ان نعرف حجم صفقات الأسلحة التي تتم كل عام لنعرف حجم المساحة الواسعة التي تشكلها هذه التجارة في خريطة الاقتصاد العالمي ، كما لا يخفى على أحد الميزانيات الكبيرة التي تخصصها حكومات الدول لوزارات الدفاع والحرب ، ومن المؤكد بأن الكثير منا قد سمع عن سباق التسلح بين الدول الكبرى ، ذلك السباق الذي سخرت له كل الامكانيات وفتحت له كل الحسابات المالية بدون حدود ، والذي يكلف البشرية مبالغ وثروات مالية خيالية ، لو تصرف على شعوب الأرض لأغنتهم ، ولقضت على الفقر في كل بقاع العالم ، وللأسف الشديد بفضل ذلك السباق المحموم في مجال التسلح ، تم انتاج أسلحة فتاكة منها على سبيل المثال القنابل الهيدروجينية ، والتي لها قدرة تدميرية هائلة تعادل مئات المرات للقدرة التدميرية للقنابل النووية ..!! 
 
بمعنى ان البشر أنفقوا الثروات والأموال الطائلة لصناعة أسلحة قد تنهي وجودهم على كوكب الأرض ، وهل هناك جنون اكثر من هذا الجنون ، وكم أشعل تجار الحروب العالميين من الحروب بين الدول لبيع أسلحتهم ومنتجاتهم العسكرية والقتالية ، وكم أثار تجار الحروب المحليين من الحروب داخل بلدانهم لاستثمارها وجني المكاسب والثروات الكبيرة منها ، فبمقدار ما تتجرع الشعوب من مصائب وكوارث ، يحصد تجار الحروب الثروات والفوائد ، ففي زمن الحروب يظهر الاستغلال في أبشع صوره ، ويكشر تجار الحروب عن أنيابهم لنهب وسلب ما في أيدي المواطنين ، فبمبرر الحرب ترتفع الأسعار أضعاف أضعاف ، وبمبرر الحرب تختفي المواد الضرورية من الأسواق وتباع في الأسواق السوداء بأسعار مضاعفة ، وهكذا يتم التجارة بالحروب على المستوى العالمي والمحلى ، ومن اجل ذلك وحتى لا تتوقف هذه التجارة الرائجة ذات الأرباح الخيالية ، يقف تجار الحروب العالميين والمحليين ومن خلفهم أمراء الحروب الداعمين لهم او المشاركين لهم حجر عثرة أمام أي تسويات أو مبادرات يمكن ان تسهم في وقف الحرب وتحقيق السلام في المناطق المشتعلة حول العالم ..!! 
 
فتراهم وهم يبادرون إلى إفشال كل مساعي السلام ، تارةً من باب الحرص على الوطن أو تارةً من باب الحمية على الدين او للدواعي الإنسانية وهكذا ، رغم أن لا دين ولا وطن يهمهم بقدر حرصهم على استمرار تجارتهم واستمرار جنيهم للأموال والثروات الطائلة التي تدرها عليهم الحرب ، وقد تتاجر السلطات الحاكمة بالحرب ، فقد تستثمرها لتمرير سياساتها وفرض أجنداتها وأفكارها بالقوة ، وقد تستثمرها لقمع وكبت المعارضين لها والبطش والتنكيل بهم ، ولمصادرة الحقوق والحريات وتغيير وتبديل القوانين واللوائح المتناقضة مع سياساتها ، فليس هناك من فرصة أفضل من فرصة الحرب لتنفيذ مخططاتها وبرامجها ومشاريعها ..!! 
 
 وما لا تستطيع السلطات الحاكمة القيام به في زمن السلم يمكنها القيام به في زمن الحرب ، كيف لا وفي زمن الحروب تتعطل القوانين والأنظمة واللوائح لتسري بدلاً عنها الأحكام والقوانين العرفية والمزاجية ، ليصبح المسئول هو النظام وهو القانون ، لا سلطة فوق سلطته ولا احد يستطيع ان يحاسبه أو يعاقبه ، لذلك كانت وستظل الحروب هي التجارة الأكثر ربحية والأكثر رواجاً والأكبر استثماراً عند تجار الحروب سواء العالميين أو المحليين ، والفرصة المثالية عند السلطات الحاكمة ، كل ذلك رغم نتائجها المأساوية والكارثية على الشعوب ، وهكذا هو حال الدنيا فمصائب قومِ عند قومِ فوائد ..!!