انتفاضة الأعلام

03:29 2023/10/03

هؤلاء من يستحقون براءة الاختراع، وليس أنتم.

عندما كنت في صنعاء لم يكن يقلقني توقف الحياة هناك، أو بالأصح تدهورها بالقدر الذي كان يقلقني الجيل الذي ينشأ في عهد سيطرة الحوثي، وأنا أشاهد الحوثيين وهم يطمسون كل معالم الدولة بل يطمسون كل معالم الحياة.

كنت أتخيل، ما هي الأفكار التي ستُغرس في هذا الجيل؟ 

وما هي المبادئ التي سيكبر وهو مؤمن بها؟ 

و ما هي الوعود التي ستقطع له حتى يقتنع بمشروعهم القادم؟وما هي الثقافة التي سيتلقاها؟

أسئلة كثيرة كانت تدور في مخيلتي وأنا أرى الكثير من الشباب اليافع قد ترك أهله والتحق بالحوثي تحت شعارهم الاستغلالي مواجهة العدوان. لقد كنت أستمع للشكوى من الآباء والأمهات من سوء معاملة أولادهم الملتحقين بالحوثي، وعدم طاعتهم وتوزيع التهم لهم بالكفر وعدم محبة الله ورسوله، لم يستطيعوا منعهم من الالتحاق بركب المسيرة القرآنية المزعومة.

وعندما قام الحوثيون بتغيير المناهج تأكدت أن اليمن سقط في هاوية سحيقة دون رجعة، كيف لا، وقد أصبحت ثقافة الموت ضمن المنهج الدراسي لطلاب فتحت أعينهم في سنوات الحرب؟
كيف لا، وقد قضوا أجازاتهم الصيفية في مراكز الحوثي الطائفية؟
ولكن ماذا أقول بعد أن شاهدنا تلك الملحمة البطولية الرائعة في 26 من سبتمبر؟

لله در ذلك الجيل الذي خيب توقعاتي وهوى بقوانين العلم ونواميس الفلسفة ونظريات علم النفس. لقد كانوا مدرسة فريدة بلا مقررات دراسية، فكانوا هم المعلمون وهم الطلبة.. كانوا هم الإدارة والإشراف والحراسة، بل كانوا علماء يبتكرون نظريات بحجم اليمن العظيم،
إنهم الساسة والقادة والشعب.

لله دركم أيها الثوار الأحرار الصغار في العمر والكبار في الفعل، لله دركم أيها الأبطال.. لم يجرؤ شيوخ القبائل أن يأتوا بمثل ما أتيتم، لم يستطع الأكاديمي أن يصرخ كما صرختم وفضل أن يعمل لمدة 9سنوات دون راتب. لم يتجرأ أن يقف في وجه صراخهم أكبر تجار اليمن وأكبر قادات الجيوش. لقد صرخوا في وجوهكم ثم صرخوا كرتين فأنقلب صراخهم خاسئا وهو حسير.

شكرا لكم من القلب أن أحييتم فينا الأمل بعد أن قتلته القيادات المزيفة..
شكرا لكم أن رفعتم رؤوسنا شامخة ونحن نقول للعالم، وبكل فخر، هؤلاء هم أبناء اليمن وأحفاد التبابعة. نعتذر أن كانت القيادات قد خذلتكم فلقد عشعش الخوف في قلوبهم وترعرعت الأطماع في نفوسهم وتربع الجشع على أفئدتهم،
فلم يستطيعوا طرده وآثروا الصمت المخزي تجاه انتفاضتكم.

إنهم الآن يتهيئون للإدعاء أنهم هم من أمروكم، وهم كاذبون، وقد قالوا إنكم أدواتهم التي زرعوها فبئس القول قولهم هذا ، ويحق فيهم قول الله تعالى(...
ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب ۖ ولهم عذاب أليم) صدق الله العظيم.