هل نحن جديرون بنعمة سد مأرب؟!

08:49 2023/11/07

من السهل على أي يمني او عربي ان يذكر أمامه سد مأرب، إلا ان ينحني إجلالاً وإكباراً لتلك الحضارة السبيئية العظيمة ولذلك الموروث الحضاري الذي نشاء على ضفاف ارض سبأ والتاريخ ، والمتمثل في سد مأرب العظيم ، حتى ذكرها الله العلي القدير في كتابة الكريم ، وأشاد بها المؤرخون.

ثم تحديد هذه المأثرة التاريخية لكي يستعيد اليمنيون تلك المنفعه الربانيّة، ولكن عاد التاريخ واصبح ذلك السد العظيم  أمام كسل اليمنيون واصبح عبارة عن بركة كبيرة يملؤها الطين والمخلفات ، يتبخر ماء السد في وقت الصيف بفعل الحرارة ، ويهمل في وقت الشتاء دوون ان يستفيد الناس والمزارعين من هذه الثروة المائية النفيسه.!

ومصيبتنا الحالية هي ان السد في هذه الأيام وفي موسم الأمطار وقد إمتلاءت بحيرة سد مأرب بكافة طاقته اي بحجم يفوق 400 مليون متر مكعب من المياة التي يحتجزها ذلك السد العظيم.

ولعل الملكة العظيمة بلقيس تنظر إلى تلك  المنشأة المائية العظيمة والمتمثلة بسد مأرب وتتحسر من كسل ابناءها ، وتتعجب هل وصل نكران الجميل بهولاء المسؤلين والقادة لهذا الحد من الإهمال ! الذي وهب السد تلك المكانة التاريخية حتى اصبح املاً في التنمية الزراعية والسقيا والمنظر السياحي البديع.

لقد بني هذا السد واصبح ملاذاً للأرض العطشى ، حتى اصبح لسان قول هذه الملكة العظيمة موافقة لقول الشاعر: كالعير في البيداء يقتلها الظمأ:: والماء في سدودها مخزوناً ، ويبقى السؤال العابر الذي يتردد لدى المزارعين والسكان في مأرب عندما يتم حجز ماء سد مأرب وتتبخر المياة في بحيرة السد ، ومياه الآبار قد غارت واصبح مستوى الماء بعيداً ، مما ضاعف معاناة المزارع لعدم قدرته على التعميق في آبار مزارعهم التي تعتمد على تدفق مياه السد للوديان وعبر قنوات السد ، ولعدم قدرة المزارع على تحمل إعباء تعميق او حفر آبار جديدة والتي  يستخدمها المزارعون في رئي مزارعهم و الحصول على الماء الصالح للشرب.

فهل تقف الأنانية والجهل من مسؤلي السد بمأرب عائقاً امام انسياب تلك النعمة المائية لرئي الزراعة وتغذية المياة الجوفية.! ، وارساء الجمال ومكافحة التصحر  بالرغم من وجود التربة الزراعية الشاسعه والقنوات التي صنعتها سواعد اليمنيون ، ويستفسرون من صاحب القرار في عزل مياه سد مأرب عن الوصول إلى الأراضي والمزارع!؟..

ومع كل ذلك ومن البديهي ان يتسأل ابناء مأرب لماذا تحبس مياه السد فوق أكوام الطين والمخلفات التي اتت بها السيول ، والناس في امس الحاجه لها بديلاً من تركها تتبخر في الهواء دوون فائدة ، والناس يدعون على اولئك المسؤلين الذين الحقوا أذى كبيراً بهم، وأهملوا السد وانشغلوا بالإهتمام و بتجميع موارد النفط والغاز ، واهملوا الزراعة في حين ان الزراعة اهم وهي الثروة الحقيقية التي تبني الحضارات والاقتصاد و تحقق الاكتفاء الذاتي والزراعة هي بالفعل الثروة التي لا تنتهي ولا تنضب ، ولم يكلفوا انفسهم بمعاناة المزارعين الذين لا يصلهم خير ذلك النفط ، وان الارض لا تبحث إلا عن الماء من سماء او من سد انشاءته ايدي الأقوياء.!

وببساطة القول ولنقرب المسألة إلى هولاء الناس الذين يعيشون في مأرب ومزارعها ، فإننا نناشد من لدية سلطة على فوهة وبوابة السد ان يسارع في فتحها قبل ان تقوم الشمس بابتلاعها واتلافها والتي تنام فوق تلك البحيرة الحيرانة، ولو كان لسد مأرب ان ينطق لكان نطق باللعنه على هولاء البشر الذين تركوا السد يتوجع من ثقل الحمل على كاهل السد والذي اصبح يئن ويناشد من له فطرة سليمه ، ان يخفف عنه هذا الثقل ، حتى تتدفق مياه المباركه على أراضي المزارعين وتغذية المياه الجوفيه والسطحية ، وإرواء مزارع القمح و الحبوب والفواكه والخضار التي تشكل نسبه كبيره ما تنتجه محافظة مأرب من السلة الغذائية لليمن ، ولسقي الأشجار الحراجية ، وتحسين البيئة الطبيعية ، حتى ان الأسماك التي استوطنت بحيرة السد وقد وصلت أحجامها بشكل يصعب تصديقه.

ومن المعلوم أن المياه الجوفية تستعيد عافيتها وتكون التغذية اكثر في مواسم الأمطار و الفيضانات الغزيرة وليس العكس، كما ان ذلك سيحرم المنطقة من مياه الفيضانات التي تحقق مخزوناً مائياً استراتيجياً داخل محافظة مأرب و يمكن استغلاله في أوقات الجفاف.

واذا كانت الحكومه والمسؤلين هنا بمأرب قد عجزوا عن التفكير وحل واحده من مشاكل السد ! ، فإننا ندعوا ابناء مأرب وذوي العقول والخيرين والشباب والمثقفين من ابناء مأرب ومزارعيه والقيادات الشعبية والحكماء لفرض سلطة وتشكيل لجنة لإدارة الحوض المائي المبارك ، وعمل الخطط المستقبلية للتصرف وتوزيع وفتح مياه السد بما تحتاج له المنطقه واستغلال الأمطار القادمه ونقل الطمي والمخلفات ، وعمل دراسة متكاملة لكيفية الاستفادة من الطمي والرمل بداخل بحيرة السد والمناطق الواقعه أعلاه ، والقيام بنقل هذه المواد الطينية الغنية بالأسمدة والرملة الطبيعية ونقلها من وسط البحيرة للمناطق الزراعية لتحسين التربة الزراعية.

وبإمكان هذه اللجنه ان تستقطب الخبراء الوطنيين والمهندسين المختصين في المياه والسدود للإشراف مع شركات متخصصه لعمل دراسة كامله عن وضع السد وما يحتاج له حسب المعايير العالمية للحفاظ على السدود وديمومتها ، ومواجهة الظروف الاستثنائية للتغيرات المناخية المتوقعة ،والإشراف الدائم ووضع الانشطه حول السد وكيفية حمايته وحتى لا يفيض مرة اخرى كما فاض السد ولأول مره في تاريخه في اغسطس 2020م ، وكان في مرحلة الخطر نتيجة عدم تفريغ السد مبكراً و الإهمال والعبث وسوء التقدير ، وبما يحول هذا السد إلى حوض الخير والنماء.

وان شاء الله ان يستمع الينا الغافلون لتنفيذ هذه المطالب المشروعة وبخدمة الوطن وسلامته ، والله يحفظ وطننا ومأرب التاريخ والحضارة ممن يكرهونه ويعملون على تدميره بالحرب عليه او بتعطيل التنمية وتدمير المنجزات التاريخية بواقع الزمن والإهمال المقصود.

*رئيس مركز مداري للدراسات والأبحاث الإستراتيجية.
7 نوفمبر 2023.