البهائيون .. ما بين رفض الولاية و حرب الحوثي لمعتقداتهم

07:02 2024/04/12

 

يقبع العشرات من الاحمديين فئة من الطائفة البهائية مع أميرهم في سجون الحوثي، كما لا يزال خمسة من البهائيين مختطفين  منذ ٢٥ مايو من العام الماضي في سجونهم، كذلك مع أخر اليهود اليمنيين "ليبي مرحبي" ولا يشفع الافراج عن عدد منهم احد، تهمتهم الوحيدة معتقدهم الذي لم يأتي على هوى عصابة مران المنقلبة على الدولة والدستور اليمني الذي كفل حرية المعتقد للاقلية في ظل نظام جمهوري تعايش الجميع في ظله بكل حرية وتسامح ومحبة، الكل يمنيين لا تمايز في الدين او المعتقد.

إن الاعتقال لصاحب أي معتقد او فكر بدون اي جريمة ، عمل تعسفي وخاطئ وغير قانوني من أساسه ويعرض من قام به للمطالبة والمساءلة والمحاسبة القانونية عاجلاً ام آجلاً محلياً ودولياً ، ولا يسقط ذلك الحق وتلك المطالبة بالتقادم عندما توجد المناخات المهيئة لتلك المساءلة.

حقيقةً، لو كان هناك وعي مجتمعي لكانت قضية انتهاك حقوق المختلفين دينياً من - احمديين وبهائيين ومسيحيين ويهود - كفيلة بتحرير الشعب اليمني من هذا الكابوس الذي جثم على الشعب ولكن مازال الطريق الى ذلك الوعي المجتمعي طويل وشاق.

ولذلك، على أصحاب تلك المعتقدات تقع اليوم مسؤولية السير في هذا الطريق الشاق لنيل حقوقهم ومواجهة كل هذا التعسف سواءً من سلطات الأمر الواقع ، او من تخاذل الحكومة المعترف بها دوليًا وعجزها، او من صور واشكال التعسف والازدراء المجتمعية، اذ عليهم ان يعلموا أن الحقوق لا تمنح وانما تنتزع انتزاع ، ويُقدم في سبيلها التضحيات، وهي واحدةً من سبل التمحيص لأصحاب هذه المعتقدات قال تعالى ( أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ)

 من المخجل عدم  ادرك هؤلاء الراديكاليين الذين يدعون الايمان بالقرآن ان الله هو من اراد التنوع الديني والفكري اذ يقول تعالى ( وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً ۖ وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلَّا مَن رَّحِمَ رَبُّكَ ۚ وَلِذَٰلِكَ خَلَقَهُمْ )..

وأنه هو الذي خلق الناس، فمنهم مؤمن ومنهم كافر واعطاهم حق الايمان او الكفر  (  هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنكُمْ كَافِرٌ وَمِنكُم مُّؤْمِنٌ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)..

وهو الذي اعطى الناس حق ان يعمل كل واحد حسب مقتضى ما يؤمن به وعلى شاكلته ( قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَىٰ شَاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَىٰ سَبِيلًا).

وهم بعدم الادراك لهذه الحقائق انما يؤكدون بأن منظورهم للدين انما هو منظور تجاري لا روحاني لأن التاجر هو من يخاف من فقدان الزبائن أما الله تعالى فهو غني عن العالمين وهو من حذر من الاكراه في الدين ، فهو سبحانه لا يضره كفر كل من على الارض ولا ينفعه ايمانهم ،قال تعالى ( إِن تَكْفُرُوا أَنتُمْ وَمَن فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ) وقال تعالى (مَّا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنتُمْ ۚ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا)

 إن أخطر ما يحدث اليوم  في اليمن هو ممارسة هذه الجماعة الراديكالية لعملية التطهير الديني والفكري تجاه المختلف دينياً، وهذا امر لم يحدث في تاريخ اليمن الا في هذه الحقية الشبيهة بفترة حكم بعض الأئمة الزيدية في بعض الحقب التاريخية المظلمة من تاريخ اليمن ، تلك الفترات التي اثبت التاريخ  فشلها في كل ما بذلته من جهود بائسه لفرض المعتقد الواحد، 

اليوم، يقوم الارهابيون الجدد بممارسة مختلف الأساليب العنيفة والناعمة في محاربة كل معتقد يختلف عن معتقدهم ، والسبب الحقيقي ليس لأننا نؤمن  بمعتقد باطل وضال كما يروجون،  وليس حرصاً منهم كما يدعون علينا بنار جهنم او حرصاً على الإسلام كما يزعمون، انما لأننا لانؤمن بولاية عبدالملك الحوثي وليس هناك امل لديهم في استقطابنا نحو تلك الولاية المزعومة، حيث اننا أصحاب ديانات أخرى فهم لن يستطيعوا فرض تلك الولاية علينا لا من قريب ولا من بعيد هذا هو لب الموضوع وهذا هو السبب الأساسي لاستمرار الاضطهاد للأقليات الدينية في اليمن .

 لذلك، الأقليات الدينية هي الغصة الفعلية والحقيقية في حلق الحوثي اليوم التي تؤرق مضجعه لأن موضوع الدين بالنسبة للحوثي ولجماعات الإسلام السياسي هو رأس مالهم ، وإن من يختار دينه بنفسه فهو يهددهم في رأس مالهم ولذلك  في اليمن، اليوم من يختار دينه بنفسه او من لا يؤمن بولاية عبدالملك فهو اما عميل او صهيوني او مرتد .

المجتمعات الإنسانية وعلى رأسها المجتمع اليمني هي مجتمعات متنوعة فكريا ودينياً  وثقافياً  والواجب هو احترام ورعاية واحتضان هذا التنوع وليس القضاء عليه ،خصوصاً في هذه المرحلة من تاريخ البشرية التي وصلت الى مستويات من الوعي والنضج والإدراك لمسؤولياتها تجاه اختياراتها و لحقوقها .

ولكن لان الدين هو راس مال هذه الجماعات فمن الصعب عليها احترام التنوع الديني والثقافي واحترام حق الاختيار لأنها تراي في ذلك التنوع تهديد لوجودها التجاري بالدين اما الدين الحقيقي فلا يمكن ان يهدده التنوع الديني مطلقاً والا لما قال الله تعالى : "لا إكراه في الدين".