يستطيع الحوثيون دفع الرواتب

08:57 2019/06/27

أظهر الحوثيون أن الخلاف بينهم والشرعية يدور حول كيفية إدارة الوعاء الذي سيتعين أن تصب فيه الموارد المالية، وليس حول القدرة على دفع الرواتب أو عدم القدرة على ذلك.. بعد خمسة أيام من اللقاء الأخير الذي جمع ممثلي الطرفين في العاصمة الأردنية عمان منتصف الشهر الماضي، وخرجوا منه مفلسين، أصدر ممثلو الحوثيين بياناً أعلنوا فيه فشل الاتفاق حول إيداع إيرادات موانئ الحديدة والذي كان يستهدف صرف مرتبات الموظفين في المحافظة وعموم الجمهورية، وقالوا إنه كان بودهم ((تخفيف المعاناة الإنسانية لأبناء الشعب اليمني))!

حسناً، إذا كان الأمر كذلك فلِمَ لم تخففوا المعاناة الإنسانية لأبناء الشعب اليمني منذ البداية، وقد كان هذا بمقدوركم؟ إذ يفهم من تأكيدهم حرصهم على تخفيف المعاناة أن موارد الحديدة وموانئها الثلاث يمكن أن تفي بالغرض، على الأقل في ما يخص مرتبات الموظفين في عموم المحافظات التي يسيطرون عليها، بل محافظة الحديدة وحدها.. لقد كان ذلك ممكناً من البداية، ولكن طيلة السنوات الماضية وحتى اليوم لم يتحقق هذا لموظفي الحديدة حتى.

فأين ذهبت وتذهب تلك الموارد؟ الجواب معروف تقريباً.. تمويل الحرب، وبالتوكيد هناك الفساد الذي يترعرع في كل بيئة حكومية في عهد حكام صنعاء الجدد.

وفي الجهة الأخرى تعاملت الشرعية مع الموظفين وعموم المواطنين في المحافظات التي تحكمها العصابة الحوثية نفس تعاملها مع العصابة.. أعداء.. تخلت عنهم تماماً، لكن -والحق يقال- دفعت رواتب النازحين إلى المحافظات الجنوبية منذ نهاية 2017 بعد عناء وطول انتظار، وأيضاً بعد أن قال السفير الأمريكي السابق تولر: نريد أن نرى حكومة تتصرف بوصفها مسؤولة عن جميع اليمنيين. ويبدو أن تصريحه ذاك عنوان صغير لمناقشات كانت تجري في الستر حول عجز سلطة الشرعية عن التعامل مع اليمنيين على قدم المساواة. بعد أشهر كثيرة من كلام تولر بدأ الرئيس هادي وبعض المسئولين الماليين يقولون: صرفنا للمتقاعدين، صرفنا للعاملين في القطاع الصحي، صرفنا نصف راتب لمدرسي الجامعات.. في الشمال طبعاً.. وقبل الصرف وبعده كانوا شديدي اليقظة للتنبيه أن الحكومة الشرعية تفعل هذا لأنها مسئولة عن جميع اليمنيين!

نعود إلى ما تقدم، لنقول إن الموارد المالية العامة من الحديدة وموانئها ومن المصادر الأخرى في الشمال كالضرائب وعوائد تجارة المشتقات النفطية كانت تكفي لدفع الرواتب لو أراد حكام صنعاء الفعليون الاستمرار في صرفها بعد قرار نقل البنك المركزي إلى عدن، وقد ذكر فريق الخبراء المعني باليمن في تقريره المقدم إلى مجلس الأمن الدولي، بداية هذا العام، أن أجمالي ما يتوافر للحوثيين بانتظام ويتم تحصيله من الشركات ورسوم الاتصالات السلكية واللاسلكية، ورسوم التبغ وغيرها يصل إلى 407 مليارات ريال، ويحصلون على حوالى 531 ملياراً و680 مليوناً و990 ألف ريال من عوائد الوقود الذي يدخل عن طريق البحر الأحمر، إضافة إلى ما يتم تحصيله من موانئ الحديدة ونقطة جمارك في ذمار.

نعم، لديهم كل هذا من البداية، لكنهم اتخذوا من نقل البنك المركزي إلى عدن ذريعة للاستحواذ على كل هذه الأموال التي تحصل من المصادر المالية المذكورة، ثم يتحدثون عن تخفيف معاناة المواطنين، ومستمرون في حديث التخفيف هذا حتى وهم ينهبون أو يعيقون وصول المساعدات الغذائية الأممية إلى ذوي المعاناة.

على أن قرار نقل البنك لم يؤثر فيهم كثيراً، وإنما منحهم المبرر لتجيير الموارد المالية للحرب والفاسدين، وهؤلاء الأخيرون قد بانت عليهم نعمة الفساد، فغدوا أصحاب عمارات وعقارات وأطقم وسيارات وحراسات وتعدد زوجات، وصار حديث منتديات صنعاء هو هذا، جنباً إلى جنب عن حديث الجنايات الحوثية بحق الموظفين وعموم المواطنين.

نقلاً عن: "نيوز يمن"