حصاد الطاقات المهدورة!

04:00 2019/08/26

اجعل طاقات الشبان مهدرة، واجعل المستقبل في عيونهم مظلماً والأمل بعيد المنال، وانتظر وأنت "موسح" في بقعتك مثل هذه النتائج الكارثية التي جعلت من بلادنا الصريعة ميدان حرب مفتوحة ولئيمة ومتنوعة الجهات والأهداف والشعارات.
 
وتخيلوا معي ما الذي يمكنه الحدوث عندما يكون البلد مليئاً بشبان تائهين عاطلين لديهم الطاقات والطموح ولا تكون هناك أندية رياضية تحظى بالرعاية والاهتمام، ولا أنشطة فنية وأدبية وإبداعية تنمي المواهب وتصقل المهارات وتحيل الفراغ إلى طاقة إيجابية ولا تكون هناك وظائف ولا أعمال ولا فرص؟ وتكون هناك في المقابل جماعات مختلفة متربصة بطاقات الشبان ولديها الإمكانات المهولة وتحظى بالرعاية والدعم والتشجيع، بالتأكيد سيكون البلد مرتعاً خصباً لكل خراب، وستكون فرق الجهاد والتشكيلات المليشاوية وسلوك العصابات المجتمعية هي البديل الموضوعي لتصريف الطاقات المهدرة وللسير إلى المجهول!
 
من خلال المشاهدات اليومية فقط لمجريات الحرب العبثية المجنونة في بلادنا سنلاحظ بسهولة أن هناك شباناً عاطلين يقاتلون في كل جبهة وراء أطراف عدة، ليس لأن الحرب واجب مقدس، ولكن لأنها المجال الوحيد المتاح لتصريف الطاقات المهدرة في بلادنا المتعثرة التي كلما حاولت الوقوف على قدميها تتعرض للإعاقة من قبل مجاميع من الفرغ بني الفرغ الذين يبخسون الطاقات الخلاقة ويضعون العراقيل في طريق استثمارها الاستثمار الجيد ويوفرون البدائل السيئة التي لا تفيد الشبان ولا تأخذهم إلى المستقبل ولا تنفع البلد بشيء وإنما تفيد الفرغ بني الفرغ وتوفر لهم الفرص والمستقبل الجيد!
 
ولو نشوف غالبية النخب اليمنية الجالسة في الصفوف الأمامية الآن سنلاحظ بكل سهولة أيضاً أنهم مش أكثر من مجاميع من النهابة واللصوص الذين لا يتمتعون بأي مواهب مفيدة ويفتقرون لأخلاق العناية المجتمعية وليس لديهم أي نوع من الطاقة الإيجابية التي يعول عليها دائماً في البناء ولكنهم، بكل أسف، يتصدرون المشاهد والمراحل!
 
الفرغ بني الفرغ لا وسيلة لديهم ليصيروا أناساً في الواجهة أفضل من استثمار الطاقات المهدرة لصالح مشاريعهم وتقوية نفوذهم! وفي بلادنا المعطلة الآن وفرة كبيرة من الطاقات المهدرة ووفرة أخرى من الفرغ الذين يتنازعون فيما بينهم للسيطرة على الثروات ولحكم بلاد مقسمة لديها الكثير من الثروات والكثير من الطاقات التي لم يستثمرها أحد غير تجار الحروب، على أن كل حرب هي بالنسبة إلى الفرغ بني الفرغ أنسب الفرص للثراء وللفوز بالمناصب العليا في البلد!