Image

الحوثي ومسلسل الموت المحتوم لأطفال اليمن وجيلها الصاعد

منذ اجتياح الحوثي للمدن اليمنية إبان الانقلاب المشؤوم على الدولة والنظام والقانون في عام ٢٠١٤، سعت المليشيات الحوثية الإرهابية إلى اتباع نظرية الترغيب والترهيب لكل أبناء الشعب، أولاً باستخدام جانب العاطفة وملامسة احتياجات المواطنين عبر إطلاق الشعارات المزيفة واستغلال الاحتياج النفسي والمادي للشعب باسم الفساد والجرعات وإعادة الحقوق المسلوبة والمسمى الذي تم إطلاقه في مناطق سيطرتهم بدعوى العدوان على اليمن والحصار المفروض، حتى نتج عن كل ذلك استعطاف جانب من أبناء الشعب اليمني غير المؤهل فكرياً ومعنوياً؛ مما أدى لالتفاف بعض الناس حوله حتى أحكم سيطرته على عقولهم بشكل مخيف، وبعد تمكنه من إحكام السيطرة على تلك المناطق بشكل مرعب ومخيف وتأمينها بقبضة أمنية شديدة التعقيد وعتيقة الإخلاص.
 لجأت الحركة لاستخدام النصف الآخر من مبدأ الترغيب والترهيب، وبدأت في استخدام الواقع الأمني المفروض على مناطق سيطرتها المليشاوية وقبضتها المحكمة وبقوة سلاح الدولة اليمنية المنهوب، للنيل من خصومها والمناهضين لفكرها الدخيل على المجتمع اليمني، باستخدام سلاح الرعب والتخويف عبر تفجير بيوت المواطنين ودور عبادتهم واختطافهم إلى غياهب السجون وبداريم التعذيب القاتل وإخفائهم في المعتقلات السرية واستخدام البعض منهم كدروع بشرية في الأماكن التي حولتها المليشيات إلى ثكنات عسكرية كانت أهدافا مشروعة للاستهداف المباشر من قبل الشرعية وتحالف دعمها.
 
كما سعت الحركة الإرهابية إلى استقطاب أبناء القبائل اليمنية والزج بهم في محارق الموت بعد إجبارهم للانضمام الفوري إلى ما يسمى الدورات الثقافية التي يتم فيها تسطيح عقول الشباب وغسل أدمغتهم حرفياً عبر إعطائهم دروسا طائفية باسم الدين ومظلومية الأسر الهاشمية وآل البيت وأحقيتهم بالحكم، وأن الله أعطاهم هذا الحق، والعودة بهم إلى تاريخ صراعات يزيد والحسين، وأيضاً إجبارهم على تناول أنواع كثيرة من الحبوب المهلوسة، واستخدام الأسحار والشخابيط التي تجعلهم كدمى آلية تحركهم المليشيات كيفما أرادت وأينما توجهت.
 بعد نفوق الكثير من حشود الحركة الحوثية الانقلابية الإرهابية خلال السنوات الثلاث الأولى من الحرب، بعدما منيت بهزائم كبيرة وبنقص كبير في مقاتليها، حولت الجماعة أنظارها إلى إستقطاب الأطفال عبر نشر مشرفيها على المدارس الأساسية والثانوية، واستخدام التعبئة الفكرية الطائفية المنحرفة للتأثير الفكري على الأطفال واستغلال فترات الإجازات الصيفية لإقامة مراكز صيفية تعبوية طائفية، يتم تدريس الفكر الحوثي السلالي الاثناعشري فيها، وتثبيته في عقول طلاب المدارس، لملء الفراغ الكبير في صفوف مقاتيلها الفانيين.
أدت كل هذه الدورات المكثفة إلى التحاق الكثير من الأطفال بصفوف القتال في محارق الموت المتواجدة في كل خطوط الاشتباكات والجبهات المشتعلة مع تلك المليشيات، بدون حتى رضا أهاليهم وذويهم؛ مما أدى إلى نفوق الكثير منهم بحسب إحصائيات المنظمات، عبر استخدامهم كأمواج بشرية مهولة تغير على مواقع الجيش الحكومي لغرض توسعة مناطق سيطرة الحركة والنفوذ الإيراني في اليمن دون أدنى مسؤولية أو ضمير إنساني.
 وقد ذكرت تقارير دولية مدى التحشيد الحوثي المستمر لأطفال اليمنيين بالأرقام والإحصائيات المعترف بها خلال سنوات الحرب الأربع الأخيرة؛ حيث وصل عدد الأطفال الذين جندهم الحوثي إلى ما يقارب (50 ألف طفل) منذ عام 2014 إلى نهاية عام 2021، الغالب منهم قتلى ومفقودون في سهول وهضاب وصحاري الجبهات المحتدمة بين الشرعية والجماعة الحوثية، متوسط أعمارهم بين (الـ10 سنوات إلى 17 سنة)، وما خفي أعظم، ولازال التحشيد مستمرا حتى اللحظة بوتيرة عالية.
تهدف الجماعة الحوثية إلى إنشاء جيل ملوث فكرياً وعقائدياً يكن العداء لكل من يخالف المشروع الحوثي الطائفي الإيراني الإثناعشري، حتى لو كان من أقرب الأقربين. وما أحداث القتل المستمر والمنتشر في مناطق سيطرة الحوثي لأقارب المقاتلين وأهاليهم لكل من ينتقد أو يناهض الفكر السلالي حتى ولو بكلمة، عنا ببعيد، وهو الأمر الذي وثقته منظمات حقوقية ومهتمة بهذا الشأن.
أتى الحوثي بزمن القرون الوسطى وأحضره وثبته في القرن الحادي والعشرين فعلياً، وأنا أرجح أن مشروعه العنصري الإقصائي لا ينتمي حتى للعصور الحجرية، بل أبعد وأضل وأشقى؛ حيث يتصف ذلك الفكر بخرافيته الهلامية وغبائه المفضوح وطائفيته الدخيلة على أرض اليمن السعيد وشعبها العظيم الرافض لكل هذه المشاريع الهدامة والهادفة إلى تشتيت اليمنيين والتفريق بينهم طبقياً وإثارة النعرات العرقية والطائفية وتفكيك النسيج المجتمعي لشعب اليمن وإعادة عصور الاستعباد والاستبداد وتقبيل الرُّكب.