الجنون السياسي .. في المشهد اليمني ..!!

12:04 2022/03/17

بصراحة ..... 
من يتابع المشهد السياسي اليمني عن كثب ، ويتابع مخرجات وأحدات ومستجدات هذا المشهد ، سوف يدرك على الفور ، بأن ما يحصل في هذا المشهد هو جنون المتناقضات ، جنون المدخلات ، جنون المخرجات ، جنون المفاعيل السياسية ، إنه جنون السياسة بكل تفاصيله ، الجنون الغير محسوب العواقب ، الجنون الذي يستغفل عقول الشعب ، ولا يحترم إرادتهم ، ولا يحترم تفكيرهم ، ولا يحترم إنسانيتهم ، الجنون السياسي الذي يتعامل معهم على أنهم مجرد قطيع لا يسمع ، لا يرى ، لا يفهم ، لا يتكلم ، صمٌ بكمٌ عميٌ ، الجنون السياسي الذي يقفز فوق أبجديات السياسة ، والذي يقفز فوق العقل والمنطق والواقع والمعطيات ..!! 
 
كيف ...... 
 لا يكون هناك جنون سياسي ، ومن يسيطرون اليوم على السلطة ، ومن كانوا يرفعون شعارات الوطنية ، ورفض الوصاية الخارجية ، يتسابقون اليوم على من يقدم فروض الولاء والطاعة للقوى الخارجية أكثر ، ويتسابقون اليوم من يُفرِّط في سيادة واستقلال الوطن أكثر ، وكيف لا يكون هناك جنون سياسي ، ومن كانوا بالأمس القريب يتهمون الآخرين بالعمالة والتبعية للخارج ، هم اليوم من يمارسون العمالة والتبعية للخارج جهاراٌ نهاراً ، وهم من أفقدوا الوطن استقلاله وسيادته وكرامته ، وجعلوه واقع تحت الوصاية الإقليمية والدولية الخارجية ، وهم من جعلوه ساحة لتصفية الحسابات والصراعات الخارجية ، ومسرحاً للحرب والخراب والدمار ، إرضاءاً لنزوات أسيادهم في الخارج ، ورغم كل ذلك لا يزالون يتغنون بالوطنية ، وكل طرف منهم يتهم الآخر بالعمالة والتبعية للخارج ، رغم إنغماسهم جميعاً في ذلك ، على مرأى ومسمع الجميع ، أي جنون سياسي بعد هذا الجنون ..!! 
 
كيف ...... 
لا يكون هناك جنون سياسي في اليمن ، ومن يمتلكون السلطة اليوم من جميع الأطراف ، يعيشون جنون العظمة ، وهم يتناولون كؤوس الثمالة السياسية ، ليمارسوا أبشع أنواع الهوس السياسي ، وشعبهم يتجرع مرارة الجوع والفقر والحروب والمآسي ، كيف يطيب لمثل هؤلاء العيش وهم يشاهدون أبناء شعبهم وهم يعيشون كارثة إنسانية مكتملة الأركان ، أي قلوب يمتلك هؤلاء تجعلهم يتمادون في غيهم وعنادهم ومغامراتهم وحماقاتهم ، رافضين كل مبادرات السلام التي يمكن من خلالها تخفيف معاناة الملايين من أبناء الشعب اليمني ، في سبيل إشباع غرورهم وعشقهم المجنون للسلطة ، ولو على بقايا وطن وهلاك شعب وأنهارٍ من الدماء وجبالٍ من الجماجم ، ما يؤكد أن مساً من جنون السياسة قد أصابهم ، جعلهم لم يعودوا يدركوا ماذا يفعلون ، وكيف يتصرفون ، وبشعبهم هم به نحو المهالك ذاهبون ، دون أن تهتز شعره واحدة من رؤوسهم ، بل تراهم وهم لأبواق الحرب نافخون ، ولجني المزيد من الجبايات يجمعون ، ولتجويع الشعب وإفقاره متفقون ، وهم للسلام ووقف الحرب رافضون ، فهل هناك جنون سياسة أعظم من هذا الجنون ..!! 
 
ولذلك كان ومايزال وسيظل مرض جنون السياسة وعشق السلطة وطمع الثروة ، من أخطر الأمراض النفسية في تاريخ البشرية ، لأن نتائجه كارثية ومخرجاته مأساوية وعواقبه جماعية وليست فردية ، فشعوب بأكملها هي من تدفع الثمن الباهض لهذا المرض النفسي البشع ، كيف لا يكون كذلك وقلة من الساسة يشبعون شهواتهم ونزواتهم التسلطية والاستحواذية والتملكية على حساب معاناة وجوع وفقر وهلاك شعوب بأكملها ، وجنون السياسة مرض لا يقتصر على شعب بعينه بل هو منتشر في كل مكان في العالم ، وما يحدث في اليمن اليوم هو جنون سياسي مكتمل الأركان ولا يحتاج ذلك لمزيد من الفحص والبحث ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ..!!