Image

بيئة الحوثي اختلاق الأزمات والمتاجرة بمعاناة الشعب

منذ قيام جماعة الحوثي بالانقلاب في سبتمبر 2014، والشعب اليمني يعيش أسوأ مراحله التاريخية التي لم يعرفها منذ مئات السنوات، وبقوة السلاح الذي نهبته تلك الجماعة. فقد أذاقت المواطنين كل أصناف العقاب والذل والفقر وكانت وراء تردي الأوضاع في شتى مناحي الحياة، بالتزامن مع تقييد حريات الناس التي كانوا ينعمون بها قبل الانقلاب، وإجبارهم على الانصياع لتوجيهاتهم وعدم الانتقاد، وعملت على تكميم الأفواه. وهذا ما وفر لهم بيئة مناسبة جعلتهم ينهبون المال العام، لاسيما احتياطي البنك المركزي التي كانت تتجاوز الـ4 مليارات دولار، وشرعوا بالاستيلاء على إيرادات البلاد وعبثوا بمقدرات الوطن دون رقيب أو حسيب. 
لم يكتفوا بذلك، بل ذهبوا لصناعة الأزمات تلو الأزمات بهدف إيجاد مصادر مالية أخرى يستفيدون منها، وكل ذلك من أجل دعم جبهاتهم من جهة ومن أجل الثراء وشراء العقارات وزيادة ارصدتهم في البنوك بالعملات الصعبة وعلى حساب آلام وأوجاع اليمنيين من جهة أخرى. 
ومن بين تلك الوسائل التي يمارسها والأزمات التي يلجاً لها الحوثيون، والتي تعتبر أحد أسلحتهم في الحرب، قضية أزمة المشتقات النفطية من البترول والغاز والتي يفتعلها الحوثيون بين الحين والآخر، وتشهدها العاصمة بشكل متواصل من ازدحام للمركبات أمام محطات الوقود بحثاً عن البترول والغاز التي يتعمدون إخفاءها بهدف إيجاد الأسواق السوداء لمزيد من الحصول على الأموال المهولة لدعم حربهم ضد الشعب اليمني.
وكعادتهم، يحاولون إقناع المواطنين الذين يرزحون تحت قبضتها بأن أزمة الوقود يقف وراءها التحالف العربي، من خلال الإشاعة بأن التحالف يحتجز سفن المشتقات النفطية ويمنعها من الوصول إلى ميناء الحديدة. 
وتحت تلك المبررات التي يصنعها ويروجها إعلام الحوثي، فقد برزت قيادات عليا منهم على إنشاء شركات وهمية للمتاجرة بالمشتقات النفطية تدر عليهم أرباحاً كبيرة وخيالية، مما جعلهم يعيشون في حالة من الثراء الفاحش الذي لم يكونوا يحلمون به.
وبحسب تقارير ومعلومات محلية ودولية، فإن الفوائد التي يجنونها من تلك الأزمة تتجاوز أحياناً 200٪؛ ما انعكس ذلك على الحياة العامة وعلى لقمة عيش المواطن المغلوب على أمره جراء الارتفاع الجنوني لأسعار المواد الغذائية وضاعف من مآسي واوجاع اليمنيين وأثقل كاهلهم، وتسبب في انقطاع سبل العيش حتى تم تصنيف اليمن وفق تقارير دولية أنها من أفقر شعوب العالم.
وكان اتفاق استوكهولم في ديسمبر 2018، الذي عقد بين الحكومة الشرعية وبين جماعة الحوثي وبرعاية الأمم المتحدة، والذي جاء بعد أن تلقت ضربات موجعة من قبل قوات الساحل الغربي التي كانت على تخوم مدينة الحديدة، تضمن الاتفاق العديد من البنود التي من شأنها التخفيف من وطأة الحرب على الشعب اليمني. وقد تطرق الاتفاق إلى قضية المشتقات النفطية باعتبارها من عصب الحياة. وتضمنت إحدى الفقرات الوارده في الاتفاق أن يتم فتح حساب في البنك المركزي بمحافظة الحديدة، ليتم توريد مبيعات الوقود القادم من الخارج عبر ميناء الحديدة. ومن خلال تلك المبالغ يتم صرف مرتبات الموظفي في السلك المدني والمنقطعة منذ بداية الحرب، وتحت إشراف مكتب المبعوث الأممي لليمن. 
لكن مليشيا الحوثي، كما بات معروفا عنها، تتنصل من الاتفاقات وتنكث العهود وتهرب دائماً إلى اللقاءات والمشاورات عندما تتلقى ضغوطات كبيرة على الأرض وفي ساحات المعارك. حيث لم تلتزم بما وقعت عليه، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل أقدمت على ارتكاب جريمة تضاف إلى جملة جرائمها السابقة بقيامها في شهر مارس 2020 بمصادرة ما يقرب من 45 مليارا من بنك الحديدة لتوظيفها في أعمالها القتالية وصرفها لقياداتها. وبحسب مراقبين سياسيين وناشطين حقوقيين، فإن الحوثيون دائماً ما يراهنون على الوقت، حيث يعتقدون أن سبع سنوات من الحرب تجاوزت الحد المسموح به من إظهار حسن النوايا لإنهاء الصراع و الاتجاه نحو السلام، ويؤكدون أن قوى الانقلاب أضاعت الكثير من الفرص التي كان يمكن استغلالها ولم يبقَ أمام الشرعية والتحالف العربي غير الحسم العسكري.
بعد كل تلك المعاناة والانتهاكات الصارخة التي تمارسها مليشيا الحوثي والمتكررة منذ اندلاع الحرب وأمام مرأى ومسمع من العالم، أصبح من اللازم على المجتمع الدولي ودول التحالف العربي وعلى رأسها السعودية والإمارات، أن يتحملوا مسؤوليتهم الإنسانية وأن يغادروا خانة الصمت وإهدار الكثير من الفرص التي لم تجدِ مع تلك الجماعة الإنقلابية، وأن يتحركوا بكل ثقلهم لوقف ذلك العبث بأرواح اليمنيين وثرواته وإيقاف ذلك المد الإيراني الذي يهدد اليمن ودول الجوار، بل والمنطقة العربية.